بَزقَللِي، عفيف إسماعيل
"مُنمْنَمَة حِكائيَّة"
بَـــزَقَــــلْلِي*
لا يُبادرُ بالتحيّة أبداً!، كما هو حالُ أهل مدينته الصّغيرة؛ الذين يَتصافحون في اليوم أكثرَ من مائة مرّةٍ بمودّةٍ صافية!، ولا يَطلبُ أيّ شيءٍ مِن أحَد!، ولا يَشكرُ أحداً على إحسانه إليه!، لكن كلّ مَن حوله يُدركون ماذا يرُيد فورَ حضوره، ويُبادرون بإعطائه قبل أن يَنطق بحرفٍ واحد، ويُطْرِقون خجلاً يخالجه ارتباكٌ فاضحٌ مصحوبٌ باحمرارٍ في الأعين والوجوه. دائماً تَغْشَى الأمكنةَ التي يَعبر بها يومياً سحابةٌ مهيبةٌ من الصّمت الـمُعْدِي تظلُّ عالقةً بفضاء المكان إلى حين ابتعاده، وتُشيِّعه نظراتٌ عطوفةٌ مصحوبةٌ بدعواتٍ وابتهالاتٍ صادقةٍ تَدعو له بالرّحمة ولُطف القضاء. صاحِب البقالة يُعطيه ستَّ سيجارات روثمان وكبريت، ونصف رطل من السكّر، وقليلاً من الشاي، وبعض توابل، وصابوناً لغسل الملابس.
بائعة الخضار العجوز تسأله عن حاله، وهى تملأ سلّته بمختلف الخضروات الطازجة، وتتمنّى له نهاراً طيباً. الجَزَّار يشير إلى كلّ المتحلِّقين حول طاولته الـمُدماة بأن يصبروا قليلاً، ويَختار له نصف كيلو من أجود أنواع اللّحوم. يحمل سلّته المهترئة، ويسير بهدوءٍ، بخطواتٍ متهالكةٍ مترنِّحةٍ، مثل ظلٍّ على ماء. يمرُّ أخيراً بالفُرن، يُعطيه الخبَّاز خمسَ رغيفاتٍ ساخنة.
يَتهادى بجسده النّحيل الذي يبدو مُتلاشياً داخل انتفاخ جلبابه الذي لا لونَ له؛ برغم نظافته البائنة. يَمضي بحصيلته الصباحيّة بخطواتِهِ المتكاسلة صوب النّهر الذي يُحيط بخصر المدينة الصّغيرة، إلى أن يَصل تلك الجزيرة الرمليّة البعيدة النائيَة في الجزء المهجور من الشاطئ؛ حيث يَسكن، تحت سقيفةٍ معروشةٍ بجوالات البلاستيك ويَدخُلها الهواء من كلِّ الاتجاهات. يَجمع قليلاً من الحطب ويُشعل النيران بين حجارةٍ صخريّة. يَضع اللحومَ على قِدْرٍ من النحاس، ويَضع أسماكاً كان قد اصطادها باكراً على قِدْرٍ أخرى من الألمونيوم اختفى لونُها تحت سُخامٍ أسود. يَرمي من فوقهما بالتساوي قليلاً من البُهَارات وفُصوص الثّوم وكثيراً من البصل، يَرشُّ قليلا من الملح. ينشغل بتنظيف المكان حوله من بعض الأعشاب، يَجلس ويَمتدُّ بصرُهُ يُحدِّق في نقطةٍ ثابتةٍ وسط النهر وهو يَمضغ ببطءٍ قطعةَ خبزٍ حاف. يَنتبه إلى غليان قِدْر الألمونيوم، يُنزلها سريعاً، ويَنشغلُ بتقطيع بصل أخضر، تَهدِر القِدْر النحاسيّة، ويَندلق قليلٌ من الحساء على جنباتها مُعلناً أنّ الطّبخة قد حان موعدُ إنزالها من النار.
يأكلُ ببطءٍ، ساهياً كأنه يَمضغ رماداً لا طعم له، برغم الرائحة الشهيّة المتصاعدة التي تغمر المكانَ وتجذب عدداً من المشرَّدين وحليمة المجنونة. ينهض فجأةً، مُتوقِّفاً عن الأكل، كأنّ هناك مَن أصَدَر له أمراً بالانسحاب من المكان. يسير صوب صخرةٍ مصقولةِ الحَوَافِ تَبرز بين الرّمال مثل كَكَرٍ مُلوكِيّ. يَجلس عليها، يَغسل يديه بلا حماس. يَخلع جلبابه ويَغسله، يَلْوِيه حتى يوشك أن يَئِنَّ متخلِّصاً من آخر قطرة ماء به، يَنفُضه جيداً، بفَرقعاتٍ عاليةٍ في الهواء، ويَنشره على شجرة نِيْمٍ قرب ضفّة النّهر.
عندما قَفَز بين الأمواج كانت تلك هي الإشارة إلى الجَمْع الجائع خلفه كي يَهجم بلا رأفةٍ على بقايا ما تَرَكه من طعام، يَأكلون بشَرَهٍ صامتٍ حتى آخر قطعة لحم، يمصمِصُون العظام بصوتٍ مسموعٍ، ويَتركون هياكل أشواك الأسماك متناثرةً فوق الرمل. في تلك اللحظات يكون هو قد عَبَر إلى الضفة الشرقية من النهر؛ حيث جُروف الخضروات. ينام قليلاً بلا أحلام على العشب النَّدِيّ، يُوقظه ثغاءُ معزةٍ قُربه، يَتلفَّت حوله لبرهةٍ كمن يحاول أن يتذكَّر أين هو الآن، ثم يَقفز بين الأمواج ويَعود مرةً أخرى إلى الضفة الغربية.
يَجمع الأواني المتناثرة ويَغسلها ويَضعها تحت شجر النِّيم. يُحرِّك الرّمادَ فوق ما تبقّى من جمرات، ويَضع إبريق الشاي فوقها، ثم يُشعل سيجارةً، ويُحدِّق في عمق الأمواج في منتصف النهر طويلاً، كأنّه يَرَى من خلالها كائنات القاع تتنازع على قطعة لحم. يَمجُّ من سيجارته بين حينٍ وآخر. يَصُبُّ شاياً أسودَ في كوبٍ أصبح لونه يشبه ماء النهر، يَرتشف بتمهُّل ويُشعل سيجارةً أخرى، بين كلّ رشفتين يَمجُّ منها بلا اشتهاء، ثم يَعود يُحدِّق في منتصف النهر مرةً أخرى.
عند الظّهيرة يَنتبه إلى اللّسعات الحارقة على جِلْده الأسمر الجافّ الذي تَكسوه التجاعيد، يَقفز بين الأمواج برشاقةٍ لا تتناسبُ مع سنوات عمره في عقدها السابع، يَسبح بمهارةٍ باتجاه الضفّة الشرقيّة، عند منتصف النهر يَغوص بين الأمواج لمدةٍ طويلةٍ، ثم يَخرج مثل الرُّمح ويَسبح على ظهره وهو يحرِّك يديه ورجليه بحركةٍ طفيفةٍ تجعله يَطفو ويَترُك التيّار يَحمله حيث شاء، ثم يَعود قَافِلاً إلى الضفّة مرةً أخرى، يُغَلِّفه ذاك الصّمت الذي يُحَصِّن ملامحَه الكئيبة.
يَرتدي جلبابه، ويَسير مُتوكِّئاً عَصَا غير مشذَّبةٍ جادَت بها أمواج النهر. يَعبر طريق المرور السّريع غير عابئٍ بالأبواق المتذمِّرة ولا باللّعنات البذيئة التي يُطلقها سائقو الحافلات السّفريّة السّريعة. يَعبر البيوت الطينيّة المتلاصقة مثل حُزن اليَتامَى. يُبادره الجَالسُون تحت ظلالها بالتحيّة، ويَدْعُونَه إلى مَجالسهم ليتَّقِي صهد الظّهيرة الحارق أو ليَشربَ بعضاً من الماء البارد. يَهزُّ رأسه بعلامة الرّفض بلا امتنان، ويَمضي بخطواته البطيئة. يَتوقَّف أمام بوّابةٍ من خشب السُّنط العتيق تُسنِدها حيطانٌ طينيّةٌ مُتهالكة، يُعالج القفل الخارجيَّ ويَفتحه بصريرٍ عالٍ، ويَدلف إلى باحة المنزل، وهو يَفتعل سعالاً طارئاً ويَتهاوَى مُتقرفصاً على الأرض قرب ظلِّ غرفة الضّيافة. يرسم بعَصَاه أشكالاً غير متناسقة على الرّمل، يبدو عليه التعب والخمول، كأنّ قطار ذهنه توقَّف في محطةٍ واحدةٍ لم يغادرها منذ سنوات، وعَلا الصدأُ كلَّ المعالم قُربه، وزحف ليَسكُن بأقاصي روحه.
ـ هاك أدِّي جدّك بَـــزَقَــــلْلِي الجَبَنة دي.
ـ حَبُّوبة، حَبُّوبة، كلّ مرّة بَكُون داير أسالِك!.
ـ وإنتَ مِتين بتقيف من السُّعَال، ما هُوْ سُعَال وَرَا سُعَال اليومْ كُلّو، تَقُولْ رايْحَة ليك حاجَة.
ـ كلّ يُوم بتقولي لَي أَدِّي القهوة دي لجدّك بَـــزَقَــــلْلِي، هو جدِّي صَحِيْ صَحِيْ!؟، يَعني كان معَرِّسِك؟.
ـ إنتَ مَطَرْطَش ولا شنُو يا ولد؟!، ولا راسَك دا ما حِلُو ليك؟!. دا كانْ صاحِبْ جدّك الرُّوح بالرُّوح.
ـ جدِّي منُو فيهم؟.
ـ الله يطوِّلِك يا روح!، ليك سنة في المدرسة، وما عارف جدّك البِتكتبُو في كراساتك اسمُو منُو؟!، بَطِّل غَلَبة وهاكْ وَدِّي الجَبَنة دي، وتَعال.
حَمَل ركوةَ القهوةِ الفخاريّة، وآنيةَ السكّر، وفنجاناً مُزخرفَ الحَوَاف بنقوشٍ فضيّة، ووضعها أمام بَـــزَقَــــلْلِي، وأصبح منذ مدةٍ طويلةٍ لا يُلقِي عليه أيّ تحيّة لأنه لا يَرُدُّها.
ـ إنتِ يا حَبُّوبة الرُّجَال الكُبَار الفِي الحَي دِيل كلّهم بتقولي لَي قُوْلْ ليهم جدّي ليه؟.
ـ لأنهم كانوا أنداد جدك أبو أبوك.
ـ يَعني شنو أندادو؟.
ـ يعني مِن دُورُو، قَدْرُو لَزَم، وأصحابو.
ـ آآآآه.. حتى بَـــزَقَــــلْلِي دا؟.
ـ دِيل كانوا زي التيمان ما بِتفارَقوا.
ـ وما بِتكلَّم معاهو برضو؟.
ـ ما كانوا بِسكُتوا لحظة.
ـ طيِّب هَسَّعْ مالُو ساكت كدا، كَمَّل كلامو كلّو زمان ولا شنو؟.
ـ هاهاهاها.. يا شيطان.
ـ حَبُّوبة.. حَبُّوبة.. إنتِ الشيطان دا قاعد وين؟.
ـ آآآها، ما كُنّا كويسين بتَسْعَل عن بَـــزَقَــــلْلِي، قُمْتَ لكلامك الفاضي!.
ـ يكونْ قاعد في لسان بَـــزَقَــــلْلِي عشان كدا ما بِتكلَّم!.
ـ بَـــزَقَــــلْلِي دا لـمّا كان شاب كان وَنَّاس وَنَسة!، ولسانو حلو، ممكن تَقعُد معاهو اليوم كلّو ما تَزْهَج، ومحل يقعُد تلاقي الناس مَلمومة وبِسمَعوا فيهو وحكاياتو عن البحر. وكان قَوِي قوّة، ما في زول بِقدَر ليهو إلا جدّك. يشيل بَالَة القطن بيَد واحدة. ومرّة رَفَعْ حصان في كتفو ومَشى بيهو عادِي زي الشايل ليهو مَخدّة. الجزّارين لـمّا يغلبهم يقبضوا تُور هايِج للضبح، بِنادوا بَـــزَقَــــلْلِي، بِمْسِك التُّور من قرونو ويقلبو في الوَاطَا عادي زي الشوّال الفاضي. وبعدين كان عَوَّام جِنِسْ عُوم!، تَقُولْ سمكة بَس، دا بِقْطَع البحر ويجِي راجع وضَهروا ما بِنْبَلَّ، ومرّات بِلِفّ عِمَّتُو يقطع بيها البحر ويجي راجع، يَمِينْ تَجِي ناااااشفة، ولا نقطة مُويَة ما فيها!. الناس دي كلّها تشرِّك بالجَبَّادَة والشَّبَكة والرَّمَّاي، إلا بَـــزَقَــــلْلِي، يغطس ويجيب البُلْطِي بيَدُّو. هَلاَّ.. هَلاَّ، كانوا بسَمُّوهُ وَد الـمُويَة. مرّات يغطس لحَدِّ ما الناس ينسوه ويجِي نَابِلْ شايل ليهو سمكة كَبَرُوس أطول من متر. أصْلُو هُو وَد بَحَر!.
ـ حَبُّوبة.. حَبُّوبة.. يعني شنو وَد بَحَر؟!.
ـ قالوا هو أصلو ما مِن هنا، جَابُو البَحَر!، لِقَاهُو صيّاد، وهو طفل رضيع، في طُوفْ جَا عَايِم، وجَابُو الجامع في صلاة الصبح، إلاّ ولا زُول ما اتعرَّف عليهو. وزي ما قالوا الصيّادين انُّو نوع الطُّوفْ دا ما بِصْنَعُوا إلا ناس ساكنين قريب من خزَّان سِنَّار.
ـ وخزَّان سِنَّار دا قريب من هِنا؟!.
ـ بالعربات مسافة ست ولا سبع ساعات كدا.
ـ طيَّب كيف الطوف عَامْ مدة طويلة زي دي؟!، لا زول شَاُفو، لا تمساح ولا سَمَك أكَلُو؟
ـ دا عِلْمُو عند ربُّو. آهَا.. سنة الفيضان، في الأربعينات، البَحَر شَال الدنيا دِي كلّها قِدَّامو؛ الشجرة تجِيك كَارَّة عايمة، ودَوَاليب ومرُوق بيوت، ومَرَّات أفيال وقِرِنْتِيَّات. الناس دِي كلّها خافت من البَحَر العَكْرَان وغضبان من الدنيا، مَافِي راجل وَالْدَاهُو أُمُّو قرَّب من البَحَر، إلا بَـــزَقَــــلْلِي!، مَافِي بهيمة غِرْقَت ما حَصَّلا!، ولا جَاهْلاً صغَيِّر شَالُو الموج إلا رجَّعوا لأهلُو، ومَافِي صُوت نَدَهْ يَا ابُو مْرُوُوووة أنْصَاص الليالي إلا وتلقَى بَـــزَقَــــلْلِي دا أوّل زول!، دايماً مُتْحَزِّم ومُتْلَزِّم، وبِسَاعِد أيّ زول مُحتاج مساعدة. شُفْتَ الرَّدْمِيَّة القِدَّام الحِلّة الجَنْب البحر؟، ديل كُلّهن تَرَسِن بَـــزَقَــــلْلِي بَرَاهُو في ليلة واحدة والناس نايمين، لامِنْ صِحُوا لِقُوا الـمُويَة في خَشُم بيوتهم، لو ما هُوْ كَانْ غِرْقُوا، من اليوم دَاك الناس دِي كُلّها بتَحْتَرْمُو وبِتْحِبُّو.
ـ هو عندُو زوجة وأولاد؟.
ـ مَرَتُو ووَلَدُو مَاتوا في سنة الفيضان.
ـ هَسَّع ما قلتِ لَي انّو بَـــزَقَــــلْلِي دا أنقذ الحِلَّة دِي كلّها في سنة الفيضان؟.
ـ إلا مَرَتُو ووَلَدُو!.
ـ كيف؟.
ـ في اليوم التَّالِت للفيضان الـمُويَة بِقَت حَمْرا زي الدم، والموج دا جَارِي التَّقُول مسابِق لِيهو زول. مَرَتُو ووَلَدُو مَشُوا البحر عشان يجيبُوا مُويَة للشراب، و.. كَفْ.. التمساح الغدَّار خَتَف ليك الولد، أُمُّو ضَرَبَت الرُّوْرَاي. بَـــزَقَــــلْلِي، من غير ما يعرف دا ولد منُو، نَطّ ولِحِق التمساح في نُصّ البحر، وشِدَّة ما اتصارَعُو الـمُويَة البِينَاتْهُم تَقَرِّب تَصل السَّمَا. الأم المسكينة لامِن شَافَتْ بَـــزَقَــــلْلِي مشغول بالتمساح عَامَتْ تَحَصِّل وَلَدَا، جدّك نزل وَرَاها لكن الشّيْمَة كانت قوية أخَدَتها ودَارَت بيها لامِن غِرْقَت!. لامِن بَـــزَقَــــلْلِي مَسَك ليك التمساح دا يا يُمَّه كَرْرررر شَقَّ ليك حَنَكُو لِي ضَنَبُو زي الدَّمُّوريَّة الجديدة، وغَتَس يحَصَّل الولد، لكن الموج شَالُو بعيد. والنهار دَاك كُلّو بَـــزَقَــــلْلِي شَالُو يغطس في الـمُويَة، ما خَلاَّ شِبِرْ في بَحَرْنَا دا ما فَتَّشُو، لحَدِّ ما النّاس خَافُو هُوْ ذَاتُو يغرق، كل ما ينادُوه عشان يجِي يرتاح يغطس تاني ولا بِرُدّ عليهم، كأنُّو بِقَى أطرَش وأبكم. قَريب المِغِيرِب جدّك حاول يطَلِّعوا بالقوة من البحر، اتشَاكَلُوا شَكْلَة في نُصّ الدَّمِيرَة أكبر من بِتَاعة التمساح ديك، قَرَّب البَحَر يشِيلهم الاتنين، لكن في الأخير جدّك قِدِر عليهو ومَرَقُو للقِيْف. ومن اليوم داك بَـــزَقَــــلْلِي بِقَت حالتُو يَاهَا الحالة الشايِفَة دي؛ ما بِتْكَلَّم لو ما الشِّي بِقَى ليهُو ضروري.
ـ تعالْ يا ولد، شِيل صينية الجَبَنة دِي.
ـ حاضر جدّي بَـــزَقَــــلْلِي.
*عفيف إسماعيل(2014) "مُنمْنَمَات حِكائيَّة" مِثـلمَا يَنـامُ الضَّـوءُ بَعِيـدَاً. دار النسيم للنشر. القاهرة.
عزيزي عفيف
ReplyDeleteشكرن ع العمل الرائع الذي يستحق القراءة مثني و ثلاث و رباع حتي تذوق عسالته ولن تستطع منه فكاك
جميل هي حكايات البحر واسرار ظلمته و قيعانه وانت تغوص دائما بين سحرته واسماكه واوجاعة لسبك رواية تستحق الامساك بها من تلابيب السرد الذي يحلق بك بعيدا في قلب ذاكرة الزمان والمكان مع مراعاة فروق الوقت . دائما عفيف يحتفظ بخامات لروايات قادمة تنتظر دورها للتصنيع في فابريقية ابداعه الملتزمة بجداريات ذاكرة لا تخون ولا تعرف التزييف .. تمكن عفيف من فك شفرة تراكمية الاحداث ليزيل ركام كالمواد الحافظة ليحرر واقع الاحداث من اسر الزمن السحيق واستطاع بمنهج منطقي عقلاني ان يمنح السرد تأشيرة دخول الي عقول عطشي للابداع وتظل الحصاحيصا ترسم كل هياكل الرواية علي الرغم من أنها صالحة لكل زمان و مكان ولكنها مثل رواية الطيب صالحة موسم الهجرة للشمال تقرأها في كل بيئة من الشرق الي الغرب وفي الجنوب وتحس بأنها منتمية وما أن تقرأها في بيئتها في الشمالية كما فعلت لاكثر من 7 مرات تبددت الرواية السردية واصبحت حالة معايشة يومية او اصبحت احد شخوصها و هكذا عفيف عندما يقرأ له احد في الحصاحيصا تذوب عباراته من حلاوة السرد في قاع كوب الحصاحيصا المعسل
مبرووك عفيف