Posts

عيون في المترو

القاهرة، عصر يوم من ديسمبر .مسحت دمعي وجلستُ الشاب الصغير الأريحي رآني اتحسس القائم المعدني فقام لي. أخمد القطار أنواره لينطلق فتراجع الضوء كأنه ستارة واهنة وسطعت ملامح الركاب في العتمة. ارتخت في الزحام الصامت أوصال المسافرين في أثير آخر النهار رمتني بنظرة، تلك السيدة الجالسة قبالتي، برونق منتصف العمر عليها، يميلها القطار وهي تلمس، بنزح رشيق، كيساً قابعاً بين ساقيها، فيتراءى لي توقها لشيء بعيد، لكني غضضت بصري عنها وقلت أستمع، من فوق كتفي، لجلبة صبية المدارس، في أزيائهم المبتكرة، يتمايلون غير عابئين بحركة القطار، لا يمسكون قائماً أو يبغون. وقطار هذا الناس لا يدمدم، كما شاع عن القطار، بل يسري بارقاً كالنصل، مشتتاً حزم الضوء الساقطة على أجنابه، ويسعى في الأرض، منفلتاً من جحور باطن المدينة، فتشرد منه أشباح البنايات قبل أن تقنصها عيوني. ولقد أحببت هذه الطبيعة القاصدة للقطار منذ أيامي الباكرة، فكان يعدني بالبحر وأفرح به، في بورت سودان، وفي اسكندرية. يعدني بالنجاة فيما وراء الجبال في إيطاليا، وبالعذوبة في سهول أوربا وقسوة البعد في براري كندا. وفي السفَر ألغاز ومواقف تولد خدوجة، وفيه

Persona


Short Story

He had a wooden rod with which he stirred the can long enough to irritate me. Then he closed it and sat at his table, scratching his patchy grey beard. "Ustaz,"* I said, "I am waiting to have a dip from your wonderful hands.". Without looking at me, he said," Just a little while more." With frustration, I asked," What's up? What's the science?" He said there was no science. "There is popular wisdom," he added. I almost yelled that I wanted a dip without popular wisdom. He answered disdainfully," That's obvious. You guys spoil quality by rushing the making." I fell silent, thinking. He was right, in a way. On a split-second mental scan, I cherished an underrating of the substance in question. A voice somewhere in my mind snickered: talk about quality for snuff! He surprised me by saying, "Is that what you are thinking about? snuff?" He looked at me directly after placing the rod on the table. "We

! يا عم

Jun 5, 2016 آلهة أمريكية نيل جيمان مقطع مترجم بتصرف أوتوستوب تك، تك، طق. فتح شدّو عينيه بصعوبة، اعتدل في جلسته وأحس بالبرد. كانت السماء خارج السيارة في احتدام البنفسجِ والأحمر من ألوان الأصيل. تك، تك، طق. سمع شدّو مَن يقول يا سيد والتفت، كان شخص ما يقف قرب السيارة، لم يكن أكثر من خيال أغبش على خلفية أول الليل، فمد شدّو يده وأنزل زجاج السيارة بعض الشيء وتثاءب ثم قال هاي! - إنت كويس يا زول؟ ولا عيان؟ كنت بتشرب؟ كان الصوت حاداً، صوت امرأة أو صبي. قال: أنا بخير، دقيقة. فتح باب السيارة ووقف يمط يديه ورجليه، كانت تؤلمه، ثم فرك راحتيه كي يتحرك الدم فيها وتدفأ. قالت: واو، أنت زول ضخم. - بيقولوا عليّ كدا، إنتا منو؟ - أنا سام - سام ولد ولا بنت؟ - أنا بنت. كان اسمي سامي وكنت بخت وجه باسم بين سام وحرف الياء، لكن بعد شوية لقيت تقريباً كل زول بيعمل كدا، فوقفتها. - طيب يا بت الناس، كدي أمشي أقيفي هناك وخلي بالك للشارع. - ليه؟ إنت قاتل؟ مجنون ولا حاجة؟ - لا. عايز أبول، عايز شوية خصوصية. - لا، صاح، فهمتك. نو بروبلم. معاك في دي. أنا برضه ما بقدر أعمل كدا لو في زول في الحمام جنبي. عندي مشكلة كبيرة، متلا

قصة قصيرة، في الدروب

أول ما نزلت كان ميدان الخليفة، قلب البقيع الصغير، الذي بدا لي جاذباً في زيارة سابقة. تلفت حولي بحثاُ عن سبب أتبعه، ربما جسد إمرأة أقص أثرها، والنساء هنا عليهن احتشام بلا احتدام، أو قل ما يكفي لتنشيط الأمور في فضاء مزارات آل البيت. صنقعت أشرب، متمنياً أن لبائع العرقسوس ذراعاً ثالثة، أتكئ عليها، من شدة الظمأ والقيظ، وفجأة رأيته وسط رهط من الناس، أُفسح لهم من الطريق على ضيقه، وغشت المحال والمقاهي، بسببهم، لحظة توقير بالغة القصر أو شيء كهذا، وقبل أن يعدّي من أمامي الرجل الذي صادته من بين الناس ذاكرة النظائر والأشباه، جذبته من يده وصحت: عبيد، ما الذي أتى بك هنا؟ توقف وهو يلهث ونظر إليّ طويلاً قبل أن يقول: ما الذي اتى بك انت؟ أفلت يده مني فظننت أنه يريد سلام الأحضان، وخاب ظني فقد كان يتابع رهطه ويرسل لهم اشارة تنبيه، وكانوا هم، براياتهم النحيلة، قد مال بهم الطريق نحو مسجد السيدة عائشة. وربما خاف أن لا يقفوا عنده فقال لي: انتظرني في القهوة وسأعود حالاً. لاحظت أنه ينتعل حذاءاً رياضياً ويضع على رأسه عمامة قصيرة خضراء. وجلست في المقهى وفي الحال جاءوا لي بالشيشة والشاي الكشرى اللذان لم أطلبهما. ك

1/3 جليد نسّاي

إعادة نشر 1/3 جليد نسّاي قراءة في رواية الرجل الخراب عبد العزيز بركة ساكن الجزء الأول أيها القارئ المرائي، يا شبيهي، يا أخي - بودلير، شاعر فرنسي الفكرة الرئيسة [عند إليوت] هي أننا، حتى ونحن ملزمون بأن نعي ماضوية الماضي..، لا نملك طريقة عادلة لحجر الماضي عن الحاضر. إن الماضي والحاضر متفاعمان، كلٌ يشي بالآخر ويوحي به، وبالمعنى المثالي كلياً الذي ينتويه إليوت ، فإن كلاً منهما يتعايش مع الآخر. ما يقترحه ت س  إليوت بإيجاز هو رؤيا للتراث الأدبي لا يوجهها كلياً التعاقب الزمني، رغم أنها تحترم هذا التعاقب. لا الماضي ولا الحاضر، ولا أي شاعر أو فنان، يملك معنىً كاملاً منفرداً- إدوارد سعيد، استاذ الأدب الإنجليزي الطريق إلى الحقيقة يمر بأرض الوساوس - شانون برودي، عاملة صيدلية. يبدو مفارقاً، بل غرائبياً، أن تُهرع لقصيدة ت س إليوت (الأرض الخراب) كي تعينك على فهم استلهام عبد العزيز بركة ساكن لها في كتابة روايته القصيرة، الرجل الخراب. فالمفارقة هي أن القصيدة المكتوبة في 1922، وبما عُرف عنها من تعقيد ووعورة، تحتاج هي نفسها لعشرات الشروحات،

نصوص قصيرة، أيمن هاشم

نصوص قصيرة أيمن هاشم كانت السيدة العظمى قد إنتصرت لتوها علي ألمانيا، في المنطقة الغربية-راجا تحديداً، تجمعت الحشود، ذبحت الثئران، وزعت البيرة، كان موكب النصر يتقدمه جنود الشرطة، أمسكوا بالبنادق بقوة، تحت سواعدهم، دكّوا الأرض من تحتهم، في ميدان العرض حيث يجب أن يؤدى شكر المملكة التي لا تغيب الشمس عنها، كانوا يرددون أغنية بعربي جوبا، كلها نداءات لفتاة من قبيلة الباندا، أداها ذلك الشرطي في المنتصف بصوت كله رجاءات- لم يكن هنالك طريقة أفضل للإحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية. ضجر في أدغال مديرية جوبا، كانت الكنيسة عبارة عن كوخ صغير، تظلله شجرة ضخمة و بابين صغيرين، بيت القش هذا سيصبح فارغاً عما قريب؛ يقول دينق، و الأولاد شوشهم ما تقوله يا حضرة الأب الجليل، إنهم يتضجرون، أنظر إليهم إنهم يترنمون بمقدس، مقدس، مقدس..من الصباح و حتى المساء، ألا يوجد" تمساح، شعر إمرأة، أو مريسة حتى". نبؤات(1) في فصل الشتاء يمتلئ بحر العرب برعاة الأبقار، تنشط التجارة، يأتي العرب بالأقمشة و الحكايات، يبادلونها بأنياب الفيلة و الأسئلة،عند أسفل النهر نادى رجل من الدينكا على ناظ