اعتداء، طه جعفر









اعتداء

بقلم طه جعفر



كان مهتماً و منزعجاً قليلاً  و ربما خائف و لو لا هذا الارتباك لما فعلها فالوقت متأخر، ليس من احتمال لأي بص أو تاكسي أو حتى دفّار، الحركة قليلة في الطريق. شمال سوق ود نوباوي في هذا الوقت من الليل. يمر قليلٌ من رواد
محلات الفول التي ملأت شهرتها ربوع البلاد. غدًا امتحان الفيزياء و كانت هذه الزيارة لبيت الصادق مهمة جداً، لان الصادق إنسان بارد و شديد الجلَد، لا يخاف من الامتحانات و مستهتر قليلا و لكن بانضباط.
هو الآن  واقف علي جانب الطريق.
وقفت سيارة قريباً منه، ذهب إليها و فتح الباب ببرود و شرود قائلا مساء الخير، أنا ماشي الحارة السادسة، هل ممكن أن .....
-- ماشي فيها وين؟
-- علي الشارع
-- اركب
-- شكرا جزيلا
-- هل أنت طالب؟
-- نعم
-- أنا اعرف! ثم سأله في أي مدرسة؟
-- المؤتمر
-- الأيام دي  امتحانات، الوقت تأخر، لماذا أنت خارج البيت إلي هذا الوقت؟ هل أرسلك أبوك إلي مكان ما؟
--  لا. ذهبت لمراجعة مذكرة فيزياء  مع صديق.
-- هل كان ذلك مُهِماً ؟
-- نعم.
-- أنا أعرفك و أعرف أبوك و اعرف أهْلك و اسمي عوض الجيد. قال ذلك و عيناه مثبتتان علي منظر الشارع المظلم. قال  ذلك بغضب! ثم سأله:
-- هل أبوك في البيت؟
--  نعم.
--ماذا يعمل هذه الأيام؟ قال ذلك بحزم
-- هو في البيت. كما قلت لك، إذا كنت تعرفه فهو مفصول عن العمل بلا سبب وجيه!
-- أنا  أعلم، وأسألك الآن ماذا يعمل في هذه الأيام؟ لأنني أريد أن اعرف. ألا تفهم؟ يا حيوان! يا ابن الكلب! مَن يحضر لزيارته ؟ و ألي أي منهم قد أرسلك اليوم؟
-- لو سمحت اقيف هنا أنا. عاوز انزل!
-- جداً، ملعون ابوك، يا ابن الحرام ..يا كافر.
--  ملعون أبوك أنت يا ابن الكلب، يا كلب يا حيوان .
نزل عن السيارة مباشرة عند توقفها ،أغلق الباب بأدب و ضبط أعصاب.



دارت السيارة نحوه بسرعة و هياج كأنها كانت تسمع حوارهما العاصف، الحفر  في جانب الطريق و علو مستوى الأسفلت جعلت الأضواء الأمامية للسيارة  تتراقص بجنون و غضب، أصدرت الإطارات صريراً، السيارة مسرعةٌ و ليس خلفه غير فضاء قليل قبل  حائط بيت الجيران، ثار غبار كثيف، اختلط الغبار بروائح الوقود و المطاط المحروق، لم يستطع أن يفلت منها ثم  سُمِع ارتطامٌ. ارتطامٌ شديد. انسحبت السيارة للوراء ، ثار غبار أكثر و انداحت في الجو رائحة الوقود و المطاط المحروق، بانسحاب السيارة للوراء انزلق جسده عن الحائط مخلفاً وراءه بقعة دم علي حائط بيت الجيران من الجهة المقابلة لبيتهم، انزلق الجسد تاركاً الأوراق تتبعثر علي رمل الطريق و قد  انتشرت في أسْطرها معادلات الفيزياء و خربشات مراهق غطتها بقع الدم. هذا ما رآه الجيران الذين هُرِعوا لمعرفة مصدر الإرتطام ، الجلبة و صرير العجلات، رائحة الوقود و رائحة المطاط المحروق.






Comments

  1. Wow !!!!!!!!!!1
    that is intense. son nightmarish. The story of a whole nation in a capsule
    Asma

    ReplyDelete
  2. As brief and intense as a nightmare!

    ReplyDelete
  3. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete
  4. Goooood ya TAha ya Jaafer
    Mona Elgizouli

    ReplyDelete
  5. scary and violent... This عوض الجيد reminds me of the psychopath Adil Awad of the NISS

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

سؤال الضهبان

MovieGlobe: Japan's Version of Romeo and Juliet

الواقعية المفرطة Hyperreality