منصور الصويم، صلاة
منصور الصويم
*صَلاَة
الصلاة خلاص. وما منجاة للجسد سوى الجسد. وهي، الساهمة أبداً، لو قُيض لها تسجيل معادلة أوانها لكتبتها هكذا. فجسده أمامها الآن، في كامل عريه البشري: محطم ومدمر ومصاب بكافة أعطاب وشروخ الحياة.
فقرتان أسفل الظهر سُحقتا بين حديد المركبات في طريق مكة - المدينة. كلية وحيدة تعمل بدافع الغسيل البريتوني، ارتفاع مفاجئ في السكر دمر شبكيتي العينين، مصحوبٌ بقيامة في الضغط أثقلت اللسان وأخرسته. الجسد قرين الجسد والصلاة نداء الروح وخلاصها، وهي قريباً منه تفترش مصلاتها وتضغط زر مسبحتها الآلية "الحمدلله، الحمدلله، الحمدلله، استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله"، تتبدل الأرقام وتتضخم ثم تعود إلى الحالة الصفرية لتكون بداية مسابحة جديدة متصاعدة بلا نهاية. جسد الجوّال عن يمينها في المصلاة يهتز ويرن. وصلتْ رسالة. تمسك به وتقرأها (استعينوا بالصلاة، وتذكروا أن الله حي لا يموت). قبل أن تعيد الجوّال إلى ميمنتها، يخطر جسدُ الآخَر أمامها، فتستغفر ضاغطة على الزر، وتعيد إرسال الرسالة إلى الآخر. تعاود التسبيح. يرن الجوّال ويهتز, وصلت رسالة، منه. تقرأها (شكرا, اشتقت لك، بمرك بعد ساعة). ممسكة بمسبحتها وجوالها تنهض، وتمضي صوب جسده المهدم، الممد على الفراش الطبي. ترفعه قليلا وتبتسم في وجهه، تطعمه بيديها وتسقيه حليباً بارداً، وتبتسم في وجهه. تطبع قبلة على جبينه وتمضي إلى داخلها مبتسمة.
فقرتان أسفل الظهر سُحقتا بين حديد المركبات في طريق مكة - المدينة. كلية وحيدة تعمل بدافع الغسيل البريتوني، ارتفاع مفاجئ في السكر دمر شبكيتي العينين، مصحوبٌ بقيامة في الضغط أثقلت اللسان وأخرسته. الجسد قرين الجسد والصلاة نداء الروح وخلاصها، وهي قريباً منه تفترش مصلاتها وتضغط زر مسبحتها الآلية "الحمدلله، الحمدلله، الحمدلله، استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله"، تتبدل الأرقام وتتضخم ثم تعود إلى الحالة الصفرية لتكون بداية مسابحة جديدة متصاعدة بلا نهاية. جسد الجوّال عن يمينها في المصلاة يهتز ويرن. وصلتْ رسالة. تمسك به وتقرأها (استعينوا بالصلاة، وتذكروا أن الله حي لا يموت). قبل أن تعيد الجوّال إلى ميمنتها، يخطر جسدُ الآخَر أمامها، فتستغفر ضاغطة على الزر، وتعيد إرسال الرسالة إلى الآخر. تعاود التسبيح. يرن الجوّال ويهتز, وصلت رسالة، منه. تقرأها (شكرا, اشتقت لك، بمرك بعد ساعة). ممسكة بمسبحتها وجوالها تنهض، وتمضي صوب جسده المهدم، الممد على الفراش الطبي. ترفعه قليلا وتبتسم في وجهه، تطعمه بيديها وتسقيه حليباً بارداً، وتبتسم في وجهه. تطبع قبلة على جبينه وتمضي إلى داخلها مبتسمة.
هل يحس الجسد بنداء الجسد، بوجع الجسد وجوعه، بتخاذله وخيانته. والروح في بحر صلاتها وتحليقها السماوي، أتقي الجسدَ من نار الجسد. أمام المرآة غطت جسدها العاري بالعباءة السوداء، غب أن تأملته طويلا "بهاؤه، فتوته، نصاعته، وشهوته الصارخة.. هذا جسد لا يموت أبداً". غطت وجهها بالأسود وخرجت. وهناك عند تجاسدهما السريع البليغ المُهجِس بإطلالة الذقون وهراوات الشرطة أبحرت ولم تصل، صعدت ولن تصل. تركت الجسد للجسد وحبست الروح في شاشة آلية تتبادل الأرقام وتُسبّح أبداً؛ لكنه تداعى والعباءة نصف والقميص أزرار مطلقة، وطعم العرق الواجب حلوٌ في الحلق، والأصابع ورضابك يا أناي المتجسدة. سريعاً مضت، عادت إليه، جسدها المكوّم على فراشه الطبي.
---------------------
* صلاة من مجموعة موقاي – نصوص (السعودية)
اللوحة: راني السماني
ابداع يا فنان..
ReplyDeleteبقى لي اخير
ReplyDelete