tag:blogger.com,1999:blog-54725815144627982272024-03-05T16:46:47.994-05:00Yamustafa!A repository of short fiction, movie reviews, and articles on cinema and art.Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.comBlogger228125tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-37802556727030191152023-03-11T23:54:00.023-05:002023-12-11T11:37:12.134-05:00عيون في المترو<p class="rtl">
</p><p>القاهرة، عصر يوم من ديسمبر</p>
<p>.مسحت دمعي وجلستُ</p>
<p>
الشاب الصغير الأريحي رآني اتحسس القائم المعدني فقام لي. أخمد القطار أنواره لينطلق
فتراجع الضوء كأنه ستارة واهنة وسطعت ملامح الركاب في العتمة. ارتخت في الزحام
الصامت أوصال المسافرين في أثير آخر النهار
</p>
رمتني بنظرة، تلك السيدة الجالسة قبالتي، برونق منتصف العمر عليها، يميلها
القطار وهي تلمس، بنزح رشيق، كيساً قابعاً بين ساقيها، فيتراءى لي توقها لشيء بعيد،
لكني غضضت بصري عنها وقلت أستمع، من فوق كتفي، لجلبة صبية المدارس، في أزيائهم
المبتكرة، يتمايلون غير عابئين بحركة القطار، لا يمسكون قائماً أو يبغون. وقطار هذا
الناس لا يدمدم، كما شاع عن القطار، بل يسري بارقاً كالنصل، مشتتاً حزم الضوء
الساقطة على أجنابه، ويسعى في الأرض، منفلتاً من جحور باطن المدينة، فتشرد منه
أشباح البنايات قبل أن تقنصها عيوني. ولقد أحببت هذه الطبيعة القاصدة للقطار منذ
أيامي الباكرة، فكان يعدني بالبحر وأفرح به، في بورت سودان، وفي اسكندرية. يعدني
بالنجاة فيما وراء الجبال في إيطاليا، وبالعذوبة في سهول أوربا وقسوة البعد في
براري كندا. وفي السفَر ألغاز ومواقف تولد خدوجة، وفيه البشر يحملون أجسادهم بمهارة
تمزج العفوي بالمصطنع، وفيه يعاد انتاج الشهية للغامض من دأب الغرام وتراكب الرَشّ
من بوح العيون ولغوها. ولا يخلو قطار من وهج الدعاء أو من هاجس الإفلات بلا اعتذار.
وما إن وهطت مجلسي حتى بحثت في خصائص عربة القطار فوجدتها حديثة ومكيّفة وبها رسوم
شارحة وإذاعة داخلية تخبرك باسم المحطة القادمة وبأي كف يكون النزول إلى الرصيف،
وكل شيء بدا هادئا وعال العال حتى طاب لي أن أغفو قليلاً، لكن عقلي اشتعل بآخر
أخبار الذاكرة التي قالت إني، قبيل صعودي القطار وفي عمارة مطلة على محطته، كنت قد
انفجرت باكياً أمام أغراب أكدوا لي أن صاحبي مات منذ زمن طويل. وكل معرفتهم به أنه
كان مالكاً سابقاً قبلهم، لا يعرفون غير اسمه ولا يعرفون له أهلاً. استرجعت كيف
أنني اثناء عَولتي المحدودة تلك، التي خرجت مثل هدير تم اسكاته، تشككت في ملائمة
البكاء لتلقي خبر قديم، وهو بعض ما قالته لي أجساد الحضور، وأيده شبح التعبير عن
عدم ارتياح على وجوههم، فرأيت أنني تزيدت في انفعالي أمام الغرباء، مع علمي بأن
الموت، مثل غيره من الاحتمالات، وارد عندما تنقطع الأخبار وتمضي السنون، بل كنت قد
أدرجته، قبيل سفري، ضمن صفحة في دفتري عنوانها: "أشياء أخرى" كتبت فيها أنني أتمنى
رؤية هذا الصديق، ان كان لا زال على قيد الحياة، معتقداً أن خبر موته سيكون مدهشاً
أكثر منه حزيناً، فمن أين أتتني هذه البغتة الحزينة؟ ولماذا لم يتقبلها هؤلاء
الأغراب؟ وكيف أن ردة فعلي، كاحتمال، اختبأت طي وقائع السفر بطابعه الترويحي لتخرج
هكذا هوجاء ومبالغ فيها، بل وغير متوقعة، كعواءٍ قمعته الصهصهة. أم ترى أن هناك موت
لا يود أن تفوتك عنايته بالحزن؟ أي موت يتيه خيلاءً كما البشر. والغرباء أنفسهم،
الذين أتى بهم تعاقب الزمان كي يشهدوا أنني، في تاريخ هذا اليوم، قد جئت ألتمس رؤية
صديق من زمان سابق، الأغراب ويحهم، أقفروا من رد فعل متعاطف مع بكائي، بل انزعجوا
وقلبوا سريعاً صفحتي فعادوا، وعدت معهم، نشتهي سندوتشات وضعها أحدهم على منضدة
أمامهم. لقد نغّصت عليهم شغفهم بالطعام. يا لحماقة أن أدلق فوقهم، بلا سابق عهد،
دلاء دمعي المدرار. لقد كانت صداقتي مع الرجل عابرة لكنها قوية، فهي نشأت وأنا
أتأهب لمغادرة مصر. ولأكثر من عشرين عاماً لم أحس بأثر تلك الصحبة القصيرة، ما خلا
ما يطفو من ذكريات بين حين وآخر. وأثبت القطار خطأ قولي بطبع جديد له، فدمدم على
نحو لم أتوقعه، وقع أثره الطيب على الناس إذ ران عليهم شوق الوصول للمحطات الكبيرة
وأخرج لي من الذاكرة دندنة لطيفة تُعبّر عن مثل هذا القول: لو كنت عرفت موته في
حينه لكنت الآن فرغت من تذكره، لكن ما تأكدت منه هو أن لدي طاقة أن أبكي فوق معدلي
اليومي، دون اجتراء على الرفض، ولئن بقيت علىّ أحزانُ سأظل أبكيها إلى أن أسمع بها.
مشكلة الحزن المبيّت تحت ركام السنين أنه قد ينهض يوماً، مثل مومياء مفزعة أعادوها
للحياة، فمزق صوتها القديم غلائل اللحظة. أذاع نداء داخلي اسم محطة فرفعت رأسي
لمصدر الصوت واستحسنت تنبيهه لي، قادني الجوع للنظر في الكيس الذي بين ساقي المرأة
ثم للتحديق إلى أعلى في خيال السندوتشات على ترابيزة الرجال الأغراب، فيما ارتدى
الشاب الذي قام لي من مجلسه تعبيراً غامضاً، خِلته يربط بيني وبين المرأة. ربما كان
يبحث عن عرفان يستحقه لأنه قام لها لتجلس كما فعل معي. لكن الشاب، بإفضائه ذاك،
نبهني لأن أرصد، كعادتي، بعض ألغاز القطار القائمة على قراءة النيات، والاطلاع على
الأفئدة، وتمنح هذه الألغاز الضحايا حق الانكار والجلاد فسحة اللواذ. كثيراً ما
تبادر الوجوه إلى الإنكار حالما تُسأل عن مفاد ما ارتسم عليها من تعبير. تلك لحظة
يدرك صدقها شخصان فقط لا ثالث لهما وقد لا يتم التحقق منها لاحقاً من أي طرف. لكن
نظرة المرأة، التي نبهني لها الشاب، ولست متأكداً من وقوعها، كانت في معنى التضامن
العاطفي، فقد حدث لنا الأمر نفسه، أحدهم من سعة خُلق قام لكي نجلس، فيّسر هذا عقد
المقارنة بيننا، أو أنها لا بد لمحتني أجفف دمعي، قبل أن أجلس، ما يعني أنني مغلوب
على أمرٍ ما، وهي كذلك مغلوبة، على الأقل، في أمر ذهاب جمالها أدراج الشيخوخة.
والحق أنه قد تشابهت أمورنا بحيث يمكن القول إن بيننا، أنا والسيدة، كذا وكذا مما
يعد سعياً على طريق التقمص. إن ما راق لي حقاً، بشأن هذه السيدة، هو أن تخلّقت في
ذهني نواة التقمص الأولى الخاصة بهذه الرحلة، وفي عربة مأهولة بالبشر مفرخةٌ عظيمة
لأنواء أُخر. ذلكم هو السحر الذي يقدح ناره تقاربُ الناس، ويقع أغلبه ضمن ما لا
يحكونه عن القطار، فلن تكون لهم كلمات، فهو سحر بلا بيان، وذو هيئات علا، من لطائف
الوجود، مما يسهل معه تجسير المدى بين البصائر وترقية الإدراك والفطنة، وللهيئة
الواحدة منه اسقاطٌ حالم في بدائع هندسية عديدة اخترت منها ما هو متضام وأنيق،
يطوّف معك رصيناً كالكاميرا السرية وله صوت هاي فاي. زبدة القول أن تواصلي مع
المرأة أفسح لعفاريت القوى الخفية أن تعرض ما لديها، فأول ما فعلت: أبرقتُ المرأة
تقديري لتضامنها، لكنها أشاحت عني بنظرة شاغرة، كعنوان لزهدها الميمون. وأنا لم
أقصد بتفعيل الجهاز معها اجراء السحر على الساحر فهو أمرٌ لا يليق، فإن هي إلا
تجربة ليطمئن قلبي وفي القطار متسع. وبرغم غضونها المبهجة تلك، المخبوء فيها، بلا
شك، تاريخ من الدموع، تركتها لدمعٍ معاصر. قادني لَهوّج، وهذا اسم الجهاز، ببطء
وحذر فوق الوجوه التي أمامي، فرأيتها بزوايا حادة ظهرت فيها نافذة القطار وهو ينهب
السكك، ولأنها وجدت فيه ما يجعله مرشحاً، وقفتْ نظرتي عند وجه رجل وسيم، يجلس غير
بعيد عن المرأة، ماشقاً ظهره ومرتدياً بزة نظامية وتلف بنيته الرياضية هالة معتبرة.
وتواتر سعيي لجذبه ناحيتي بنظرة تعثر مفعولها لأنها عبرت فوق ذلك الشاب البدين
المحشور بين الرجل والسيدة، ثم، ترددت في اضطرابٍ لوضع الركاب الواقفين، لتستقر في
السهل على خديه، أسفل عينيه الدامعتين. وكان ذلك خيراً مهبطا. لقد كان الرجل مثيلاً
لي في حزن طابعه الحيرة، رأيت دمعه يتكفف برهة ثم يفيض بعيدَ المهوى، وهادئاً كأنه
سيمر بلا مفاطنة. لم يلق بالاً لما أحاط به من عيون. ولم تحفل به المقل المطلة من
المحاجر الوفيرة، لكأنني وحدي مَن رآه! فلربما هو عائد من رحلة مشابهة انتهت بخبر
حزين، فحرصتُ أن تروق عيناه من دمعها، وتسكن شواطئها، حتى يمكنني الإبحار في عباب
البلّور من بحر العين فيه. ثم توقف القطار، واشتعل في وجوه الناس أمل مبهم، كما في
كل محطة. انتبهت لأني قد أغفو فلا أسمع اسم محطتي حين يذاع، ودخل ضمن القوم
الداخلين من المحطة، رجل يعاتب صوته الجهير وجوم المكان، وبدا من هيئته كأنه يقول
لنا: صبراً، لم تغرب شمس الرزق بعد، لكنه، عوّضا عن ذلك، صاح مجلجلاً: "حلّي بقَك،
حلّي بقَك أو راضي العيال في البيت، حلّي بقك، شكولاتة، تاريخ انتاج وتاريخ
انتهاء..." فَرقّع هذه المقدمة وهو يرمي، في اختراق خاطف لما تبقى من مساحات الناس
الشخصية، ألواح الحلوى على أحجار الجالسين أو يعلّقها فيما يصادف من أكتاف مائلة، ،
ثم لا يلبث يعود فيلتقط حلواه منهم بخفة نادلٍ يجمع كتاب المانيو من رواد مطعم.
براعة فذة، أسعد بمراقبتها، ومهارات يذّكر بعضها ببعض، والمهارة هي ابنة الرزق
الحذقة، التي تعمل جيداً لصالح أبيها. قلت للبائع أعطني واحدة من الحلوى ونقدته
قيمتها. تم التبادل بيننا بسرعة دق لها قلبي، ثم أتى خروج بائع الحلوى السريع من
المشهد، والذي لم أفهم كيف تم، أتى معدّاً ومرسوماً له، فقد أعقبته برشاقة، امرأة
مسنة، حادة النداء، تحمل على ظهرها فتاة بوجه متعب ومشيّأ، وبعجز مزعوم لم يظهر
عليها. ولما لم يكن معي غير لوح الحلوى الذي اشتريته لتوي، فقد انتظرت حتى دارت
المرأة دورتها لترى ما أسفر عنه عرض حالها لما حاق بالصبية المحمولة. لم أكترث
للرشاش الذي فتحته المرأة على العباد، ولكني مددت لوح الحلوى كأوقع هدية للصبية،
ومالت هي نحوه بلهفة، فصاحت المرأة، التي نبهها ميل الصبية، صاحت فيّ كالملدوغة: ما
تديها الحلوى عشان عندها السكر! تجهّم وجه الفتاة وهي تنظر للحلوى، وانكمشت أنا في
مجلسي مندهشاً لرفض المرأة للوح الحلوى لكونها جعلته لا يبدو صالحاً إلاّ لأن يرفضه
مريض السكر، لكن صوت المرأة تلاشى سريعاً في دغَل الأبدان، ليأتي بعدها رجل هادئ
الوقع يقول في تواضع: "الكفيف، يا راجل، اتذكر في القرآن، متنساش! ربنا قال متنساش
الكفيف!" ثم يخرج. ومن موقع النظارة في مسرح تخيلته سألت: "أين يذهب الباعة وأصحاب
القضايا بعد أن تنقضي رسائلهم في القطار؟" ولم يسمعني أحد ولا عرفت سر هذا التسامح
من الركاب إزاء الضجيج والتزاحم الذي يحدثه هؤلاء العابرون؟ فالناس بالكاد تغيرت
تعابير وجوههم عن حالها الأول، لقد مررّت عليهم زخات من نظرتي الفاحصة لأتأكد، لكن
بعضهم جمعوها، تلك التعابير، بعد أن بعثرتها أصوات الباعة، وبقي حصيناً من هذا وجه
ذلك الرجل الوسيم بدمعه اللامبالي. لقد بدا لي الرجل الدامع كنوع من الناس تخلع
عنده حزنك وتنشره كي ينشف، على أنغام هادئة، فلا يتهمك بالسحر، بل يستحسن لجوئك
إليه، ولكي أكون منصفاً فهو كان لاحقاً لي في البكاء لكنه، قطعاً، سبقني في كياسة
الإدماع في الزحام، فقليل من لقاء العيون يجدي، وقد قيل إن العيون نوافذ للروح،
وأدنى لمن عرف كيف يرى حزنه متألقاً في مهجة صديقة، وحزمت أمري أن يطلعني على حزني،
نعم! حين ترسو عندي نظرة منه تائهة؟ وقال لي: لن أكررها، لكنه التفت لبرهة فأومأت
له شاكراً وكان ذلك المركب السديمي، لَهوّج، على أهبة الاستعداد. واستطعت أن أنفذ
لما وراء عينيه. سبحتُ ببطء وبرشاقة أهل الباليه في عباب بحر العين المهتز بفعل
حركة القطار. كنت مثل نورس ينتش بلوراً من سطح بحيرة. وفي رهبة المكان سمعت
انبجاساً بعد آخر ورأيت ما لم يخطر ببالي من سحب وغيوم، حتى بلغت مطلع الشبكية، في
آخر العربة، في عتمة برائحة التبغ تكشفت عنه جالساً وهو يرتدي جلباباً بلدياً، وليس
حوله باعة أو أصحاب شكاوى، فقلت له: السلام عليك، لم يرد سلامي، بل قال: اجلس،
فأقعيت، لم يكن هناك كرسي آخر، ولأول مرة أرى شامة جميلة أسفل فمه وبدا هو مشرفاً
عليّ بقامة مديدة وأنا ينز بنطالي نزاً. قال: "أعلم انك جئت بشـأن حزنك، عرفت ذلك
أول ما علمت برغبتك. وعلى فكرة، أنا كنت حاضراً عندما سألت أنت عن صاحبك." ولم أذكر
أنني رأيت وجهه في ذلك اللقاء، فتوجست بعد أن أزعجني عدم رده على سلامي. رأيت من
لهجته أن عنده توجهاً غير ودود، ربما عكس عشوائية في اختياري. ولكن، لقد كان هناك
شخص أحضر السندوتشات، فإن كان ذلك شغله فهو متطفل على حديثي، ليس إلاّ وأنا لا أبحث
عن آثار حديثي مع الغرباء على معارفهم، بل، في الواقع، أردت أن يكون هذا الأمر
محصوراً عن العامة بقدر الحرج الذي سببه لي، قال: "جلسنا بعد خروجك، نتحدث عن رد
فعلك ورأينا أنه كان غير ضروري نسبة لطول المدة، أليست هي عشرون عاماً منذ مات
صاحبك؟" صححته: منذ آخر لقاء لي به، ثم بادرته بالسؤال، لأمسك زمام الحديث: هل
ضحكتم لعياطي؟ قال: نعم. قلت: "لماذا؟ لماذا لم تروني حزيناً؟" ابتسم وعلى صفحة
وجهه مكر لم أتوقعه وسألني: "ألم تكن تدخر الحزن للدهشة؟" وأضاف: " ولا تنسى دهشتنا
يا عزيزي، فكله دهشة فوق أخرى!" ولم ينتظر مني تعليقاً، بل واصل: "صاحبك مات من
عشرين سنة، وتغيرت أشياء كثيرة، قامت مباني وتشوهت أماكن تعزّها الذاكرة، واتسعت
مساحة الأحزان،" وأطرقت أفكر في قيمة كلامه، رغم عمومية ما قال، لكنه أثار اهتمامي
بقوله: "صدقني، مقابلتي لك الآن في القطار هي محض صدفة، لكنني احسست نحوك بالتضامن
أو ما سميته أنت بالتقمص،" أطرقت وقلت له: "أنا لم أر تقمصاً لكني رأيت دمعك يسيل"
فالتمعت عيناه انكاراً وقال: "أنا لم أدمع، لست حزيناً على شيء!" ودهشت لإنكاره،
وتذكرت أن للقطار غوامضه، فربما يرى المرء دمعاً ليس هناك، أو أنني تخيلت أنه أدمع؟
لقد تراكمت حيرتي وضيقي من حديثه، وهو أيضاً كان متضايقا لحد أن خاب ظني في أن أرى
معنى لحزني ينعكس منه. قد لا يكون الرجل المناسب، وقد أكون أحدثت فيه تهيّباً
بغزوتي، أو لم أحسن إدارة لهوّج، الأداة، لكن خبثاً طارئاً دعاني للسخرية منه
فسألته: هل كنت في جلبابك هذا عندما رأيتك؟ قال متلعثماً: "أ.. نعم، كلنا لابسين
بلدي، وهذا كنت ذاهب به للغسّال،" قلت له: "أنا آسف، ولكن، كما تعلم، العين كوة إلى
الروح ليس أكثر.." فطلع أنه من النوع الذي يحسن اقتناص الحديث فقال، كأنه يكمل
حديثي، "وهي ليست مفتوحة للغاشي والماشي". والآن عرفت أنه في حجم أن يكون مجرد شخص
أحضر السندوتشات وشهد تضعضعي أمام الغرباء وهو نوع من البشر لا يمكن أن أعوّل عليه.
قلت له وأنا أخطو مبتعداً في مخاضة المرئيات التي سقطت قبل أن ينعدل انقلابها على
الشبكية: "ربما أنت لست بالشخص المناسب." ورفعت رأسي لأرى رهبة الدروب الذاهبة
لنواحي عقله، ونهزت عقيرتي: "لا يمكن أن يكون هذا رأيهم في انفعال صادق أمامهم."
قال لي وهو يتأكد من حسن ارتدائه لبزته أمام مرآة: "والله هذه نسختي، ولكن أدخل
ربما ترى نسخة أحسن لما حدث." كان ما وراء الشبكية موحشاً في ظلامه إلا من ضوضاء
انتقال الصور، فكيف أسمع نصحه وأدخل؟ أصابني ذعرٌ مفاجئ ودق قلبي من نذر كارثة
مقبلة، فتراجعت وقررت العودة فوراً فقفزت في الماء المزجج. صاحت المرأة التي
قبالتي: "إيه دا يا أستاذ!" ولم تزد عليها، ووجمتُ أنا ولبِدَ طائري متوقعاً
انتقاداً حامياً لفعلي، الذي لم أعلم ما هو، ولكن يبدو أن لا أحد سمع المرأة،
فالركاب الآخرون، مررت فوقهم بزائغة الأعين، كانوا خشباً مسندة. فأما ما أغضب
المرأة فهو سقوطي في ثبج بحر العين، إذ دوّى مكتوماً: جُم بُلُغ، ورشقها بنثار
الدمع. وأما الأثر الآخر الذي لم يلمحه أحد فهو أن ماء بحر العين قد زاد حرها حتى
صعب عليّ احتماله، وفسّرت ذلك بغضب أصاب الرجل مما زاد من هلعي، فأخذت أهذي: عين
حمئة، عين حمئة! صححني الشاب، الذي ظل بجانبي، قائلاً: قصدك عين حلون؟ وحاولت أن
أخفي وجهي بكفي كأن نوراً كاشفاً قد سطع عليّ إذ قال أحدهم: "دا كان نايم يا عيني!"
وسألني الشاب بحزم وفي عينه ابتسامة: إنت رايح فين يا عم؟ رأيت أن المرأة أمامي قد
ذهبت، وظل الرجل الدامع بنفس بزته المميّزة، بعد أن كان بجلباب بلدي قبل قليل، ينظر
أمامه ولا يلتفت ناحيتي. قلت للشاب الذي بجانبي: أنا عايز أنزل رمسيس، فأتاني صوت
الكفيف من مكان في بطن العربة يقول في عذوبة: "ما سمهاش رمسيس، قصدك محطة الشهدا،
اللي كان اسمها مبارك!" فضحك بعض القوم وفهمت أنهم ما كانوا ليذيعوا اسم رمسيس حتى
نهاية الخط لأنه لا توجد محطة بهذا الاسم، وأدركت أن حكمة الكفيف أصابت في صياغته
للنبذة التاريخية للمحطة، بعد أن أخطأ سلفاً عندما نبه الناس إلى أن الكفيف "اتذَكر
في القرآن"، الشيء الذي لم يحدث. وحال معرفتها بمشكلتي، ارتفع صوت المرأة التي على
ظهرها فتاة قائلاً: تنزل دار السلام وتاخد السلم الكهربائي وتعدي للرصيف التاني
وتقول الشهدا، ما تقولش رمسيس!" وتبعها استحسان القوم وهمهماتهم الطيبة. ورغم وهلة
توقف القطار السريعة في المحطة، إلا أنه قد كان لي مودعون اعتمدوا أسلوب الضغط
بأجسادهم لتسريع عملية انزلاقي خارج القطار وكذلك تشكيل كتلة صارمة في مواجهة
الداخلين من محطة دار السلام. لقد كان رائعاً أن اجتمع عليّ الناس، عوناً ونصحاً.
فراجعوا خارطة طريق عودتي لرمسيس، بل قاموا يجربون معي الخطوات الأولى حتى كاد
ينغلق عليهم باب القطار. وأذكر أن صاح بائع عند باب القطار: "اتناشر إبرة سحريه!"
فصحت رداً عليه: "معاي أكتر من كدا!" أعتقد أن من بينها الإبرة التي ستبث أسطوانة
مغادرتي المترو في محاور الذاكرة، حين ظهر القوم كأنهم في بروفة أخيرة لأغنية
الحصاد. كانت رغبتهم في اصلاح خطأي، بأقل تكلفة، عملاً بطولياً. وفي نفس تلك الوهلة
عند هبوطي متعثراً على الرصيف رميت بصري فوجدت وجه الرجل الدامع كأنه صفحة جديدة من
كراسة، وكان رصيف المحطة مزداناً بالرخام الأبيض المغسول وثمة عامل، على طرفه،
يتحدث بهاتفه الجوال، وليس هناك ركاب ينتظرون. كان مشهداً بديعاً بدأت في التقاطه
من زاوية نادرة حين كنت مرفوعاً من الأرض أثناء خروجي من القطار. ومحطة دار السلام،
التي لم يكن لي سابق معرفة بها، كانت ساكنة نسبياً مقارنة بغيرها، وبالقطار الذي
كان مزعجاً، خاصةً وهو يعرض مشاهد الباعة كأنها مقاطع من ملحمة. لكن هدوء المحطة
كان مؤقتاً بلا شك، إذ أن العوّة الغامضة بين كلاب ثمانية أخذوا يمشون على الرصيف،
تتبعهم سيدة عجوز، أخذت تتعاظم شيئاً فشيئاً، نحو ذروة تصعيد ما لبث أن أطفأها
انعطاف الرجل وهو يغادر المحطة. الرجل الدامع الذي تركته في القطار، الوسيم الجسيم
ببزته المميزة، اختفى أمام أعيني من المشهد. فِن
2023
<p></p>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-9843423412950907862022-10-23T14:47:00.003-04:002022-10-23T15:01:25.343-04:00Persona Short StoryHe had a wooden rod with which he stirred the can long
enough to irritate me. Then he closed it and sat at his table, scratching his
patchy grey beard. "Ustaz,"* I said, "I am waiting to have a dip from your
wonderful hands.". Without looking at me, he said," Just a little while more."
With frustration, I asked," What's up? What's the science?" He said there was no
science. "There is popular wisdom," he added. I almost yelled that I wanted a
dip without popular wisdom. He answered disdainfully," That's obvious. You guys
spoil quality by rushing the making."
I fell silent, thinking. He was right, in a way. On a split-second mental scan,
I cherished an underrating of the substance in question.
A voice somewhere in my mind snickered: talk about quality for snuff!
He surprised me by saying, "Is that what you are thinking about? snuff?"
He looked at me directly after placing the rod on the table.
"Well, this plant has a personality. She wants you to treat her on her terms
before she can give you what you want." I flipped back into whining," You're
torturing me. It's just a dip, and I am done." I said and added," After I spit
it, I have a joint to smoke. Two shots to down." He gave me a steady look, then
smiled wryly and said," What's the deal? Do you have to do all three of these?"
"Whatever," I said, rather shyly. He surprised me again by saying firmly, with
his shaky index finger pointing at the can," Go ahead, open it and take a dip"
For no reason, I could not. Instead, I stood gazing at him, undecided. He
chuckled. "It is the power of the plant," he said, "that inspires your
indecision," he concluded. He removed a piece of debris that had landed on a
book in front of him, a fallout from his patient mixing the snuff. Then he
turned toward me with a pleasant face and said, "because she is unsure."
"The snuff is unsure?" I asked, trying to smarten up to his point. He was at his
beard again. He suddenly looked like a real professor. "You see, the natron I am
using is not basic enough. That is not helping her give out the stuff," he said
pleasantly. I thought, well, this is science, not popular wisdom. He coughed and
oscillated in his chair, excited by what he said. "I worked on it for days. I
even went to see a professor at the faculty of agriculture, but he was not in
the office," he said and then fell silent. I was about to ask if he went to the
Nuclear Institute but abstained for fear he would be angered and would not give
me a dip. I remembered a news report about natron being adulterated with
radioactive stuff in the soil. The article claimed two Western companies were
paying the corrupt government to allow them dump radioactive junk in the remote
parts of the country where natron was mined. He seemed to have gone into a
contemplative mode, but suddenly, he touched the edge of the can with the tip of
his finger and said," Plants are not to be taken for granted. They don't just
live." He paused and then continued with a hint of passion in his voice, " Do
you know that gum acacia favours dictatorship?" I knew that he had problems in
the past. He had been accused of killing his wife but was acquitted, and he
underwent rehabilitation. Many in the neighbourhood ultimately thought of him as
a wise man, but he did not have a job. "What do you mean, gum favours
dictatorship?" I asked in amusement. "Just like I said. That is scientific talk.
Researchers have found that when you incise the tree bark during a dictatorship,
it liberally oozes gum. But when it is a democracy, and voting and whatnot, you
won't get that much gum from an incision." "This is a bit weird, Ustaz," I said
cautiously. "Only the devil is weird." He spoke.
He seemed midway into the meditative state he had previously been into.
"Do you know about saffron?" he asked. I said no. He explained that it is a
philosopher of a plant (to use his words). At this, I remembered something else
about him. He was once a medical student. In one exam, he did not like the question.
He quit medicine. People insist that nothing was hard for him. He just did not like
the question. So, as an answer, he wrote lines from a poem by Wordsworth. A famous
English poet, I guess. But honestly, I thought saffron was mentioned in a verse of
the Holy Quran. It went like the verses that counted things: e.g.,'-and saffron.'
And he landed his (fourth?) surprise by saying, "Well, saffron is unfairly treated in
ancient texts, presumably because these texts call for societies that don't
promote its cultivation." Oh, my. ‘Do I know about this?’ I whispered to myself.
I did not wish to say anything lest I look stupid. "Saffron needs a cultured
society," he said and pulled his body up from the chair as if to stand up. After
hearing the word 'cultured,' I felt it was time to go buy my drinks. He noticed
my unease. With a pale smile, he said," By now, the snuff has found enough
alkalinity to yield results." I asked him politely, "Can you say that in simple
Arabic?" "Take your dip," he said.
<br></br>
<br>Mustafa Mudathir,</br>
<br>*Ustaz= Learned person or professor<br>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-10885166414090685112020-11-08T22:22:00.000-05:002020-11-09T21:50:03.191-05:00 ! يا عمJun 5, 2016
آلهة أمريكية نيل جيمان مقطع مترجم بتصرف أوتوستوب تك، تك، طق. فتح شدّو عينيه
بصعوبة، اعتدل في جلسته وأحس بالبرد. كانت السماء خارج السيارة في احتدام البنفسجِ
والأحمر من ألوان الأصيل. تك، تك، طق. سمع شدّو مَن يقول يا سيد والتفت، كان شخص ما
يقف قرب السيارة، لم يكن أكثر من خيال أغبش على خلفية أول الليل، فمد شدّو يده
وأنزل زجاج السيارة بعض الشيء وتثاءب ثم قال هاي! - إنت كويس يا زول؟ ولا عيان؟ كنت
بتشرب؟ كان الصوت حاداً، صوت امرأة أو صبي. قال: أنا بخير، دقيقة. فتح باب السيارة
ووقف يمط يديه ورجليه، كانت تؤلمه، ثم فرك راحتيه كي يتحرك الدم فيها وتدفأ. قالت:
واو، أنت زول ضخم. - بيقولوا عليّ كدا، إنتا منو؟ - أنا سام - سام ولد ولا بنت؟ -
أنا بنت. كان اسمي سامي وكنت بخت وجه باسم بين سام وحرف الياء، لكن بعد شوية لقيت
تقريباً كل زول بيعمل كدا، فوقفتها. - طيب يا بت الناس، كدي أمشي أقيفي هناك وخلي
بالك للشارع. - ليه؟ إنت قاتل؟ مجنون ولا حاجة؟ - لا. عايز أبول، عايز شوية خصوصية.
- لا، صاح، فهمتك. نو بروبلم. معاك في دي. أنا برضه ما بقدر أعمل كدا لو في زول في
الحمام جنبي. عندي مشكلة كبيرة، متلازمة المثانة الخجولة. - طيب خلاص من فضلك. ذهبت
البنت للجانب البعيد من السيارة ومشى شدّو خطوتين ووقف جنب سياج مزرعة ما وقام بحل
سوستة بنطلونه وبال على عمود خشبي متكول. بعدها رجع للسيارة وكان ظلام الليل قد
أشتد. قال لها: إنتي لسه واقفة؟ - طبعاً. إنت عندك مثانة بحجم بحيرة تانا. ياخي
ممالك سادت ثم بادت في الوقت الكنت بتبول فيهو. سامعاك الوقت دا كلو. - شكراً، إنتي
كنت عايزة حاجة؟ - كنت داير أشوف انت كويس ولا مالك. يعني لو كنت ميت ولا حاجة كنت
ح أتصل بالشرطة. لكن قزاز العربية كان عليه ضباب شديد فقلت إحتمال الزول دا يكون
حي. - إنتي بيتكم في الحتات دي؟ - لا. أنا بركب يا عم ماشه ماديسون. - دي حاجة
خطيرة. - لي تلاتة سنين بسوي كدا خمسة مرات في السنة وتراني عايشة. إنت ماشي على
وين؟ - أنا ماشي لحدت كايرو. - طيب تمام. أنا ماشه الباسو إجازة عند ناس عمتي. - ما
بقدر أوديك لغاية هناك. - ما الباسو حقت تكساس، الباسو التانية، في إلينوي. كم ساعة
كده في طريقك. إنت عارف إنت وين؟ - لا. ما عندي فكرة، في مكان ما على الطريق السريع
اتنين وخمسين. - المدينة القدامنا في الطريق هي بيرو، مش ديك بتاعت أمريكا
اللاتينية. ممكن أشم ريحتك. دنقِر لي شوية. أمال شدو رأسه ناحية البنت كي تشم وجهه.
قالت: أوكي. ما فيك ريحة شراب، يعني ممكن تسوق. أرح. - هسع عرفت من وين إنه أنا
وافقت آخدك معاي؟ - من كوني آنسة في وعسة. وإنت فارس في...مفازة، المهم. عربيتك
وسخانة لكن. في واحد كاتب ليك في القزاز الوراء أديني غسلة. دخل شدو السيارة وفتح
الباب الذي على يمينه. اكتشف أن السيارة ليس بها نظام يفتح النور عندما ينفتح
الباب. لكنه أجاب على قولها إن أحدهم كتب على زجاج السيارة الخلفي قائلاً: لا مافي
زول عمل كدا. ركبت البنت بجواره وقالت له: هو شنو؟ دا أنا ذاتي. أنا كتبت الكلام ده
لما كان لسه في ضو. أدار شدّو السيارة وفتح الأنوار، واتجه على جهة الطريق السريع.
قامت سام فقالت له، من باب المساعدة: لِف شمال. لفّ شدّو شمال وواصل، وبعد كذا
دقيقة اشتغل السخّان وعمّ السيارة دفء جميل. سام قالت: ياخي ما تقول حاجة. قال لها:
هل نحن بشر؟ مخلصين للخير، أولاد مره وراجل؟ قالت له: أكيد. - أوكي. بس بتأكد. أها
عايزاني أقول شنو؟ - حاجة تطمئنّي في اللحظة دي. فجأة كدا داهمني إحساس، أوه شيت
أنا في العربية الغلط مع زول مجنون! - آي، الإحساس دا جاني قبل كدا، سمح إنتي ال
بيطمنك شنو؟ - يعني ممكن تقول هل إنت سجين هارب ولا كتّال كُتلة، سفاح. فكّر شدو
قليلاً وقال: - تعرفي، أنا حقيقة ما النوع دا. - لكن شكلك سهيت كدا، موش؟ - إتحاكمت
وقضيت مدة في السجن، لكن ما كتلت زول. قالت: يا الله! ودخلا مدينة صغيرة، مضاءة
بمصابيح في الشوارع، وفيها لمبات الكريسماس تفتّح وتغمّض فأخذ شدّو نظرة على يمينه.
كانت البنت بشعر أسود، قصير ومتشابك وذات وجه جذّاب، ولكن في نفس الوقت، قرر شدّو،
فيه شيء من الرجولة. ملامحها بدت كأنها نُحتت من صخر. وكانت هي أيضاً تنظر إليه. -
كنت في السجن مالك؟ - عوّقت لي نفرين شديد، كانوا زعلوني. - وكانوا بيستحقوا كدا؟
شدّو فكّر، ثم قال: دا كان رأيي وقتها. - بتعمل كدا تاني؟ - طبعاً لا. أنا فقدت
تلاتة سنين في السجن. - أممماك، إنت فيك دم هنود حمر؟ - ما بعرف. - شكلك بيقول كدا.
- آسف، خذلتك. - ما في مشكلة. إنت ما جيعان؟ - ممكن آكل. - بعد إشارتين كدا في محل
كويس. أكل كويس ورخيص. ركن شدّو السيارة في الموقف. نزلا منها ولم يهتم بتأمين
الأبواب، فقط وضع المفتاح في جيبه، وأخرج بعض الفكة ليشتري جريدة. وسأل سام: -
بتقدري على أسعار محل زي دا؟ - نعم، ثم رفعت حنكها وأضافت: بدفع لي روحي. هز شدو
رأسه وقال لها: أقول ليك حاجة؟ ما نعمل طرة وكتابة. لو وقعت ليك طرة تدفعي لينا
الإتنين لو وقعت ليك كتابة عشاك عليّ. قالت له بنبرة شك في صوتها: بس أشوف العُملة
في الأول، النحاسة. أنا كان عندي عمي عنده ريال كتابة بالجانبين. عاينتْ القطعة
المعدنية وتأكدت أنها سليمة. قام شدّو بوضع القطعة المعدنية، وجانب الصورة فيها
للأعلى، على ظاهر إبهامه، وغش في الرمية فلّفت القطعة و تأرجحت، وقبضها ثم قلبها
على باطن يده الشمال ثم أزاح يمينه قدام سام. فقالت بسعادة: كتابة، العشاء عليك. -
صاح، ما كل مرة الواحد يفوز. طلب شدو رغيف محشو باللحم، وطلبت سام لازانيا. قلّب
شدو الجريدة ليرى إن كان فيها خبر عن شخصين ماتا في قطار بضاعة، لم يجد خبر كهذا،
القصة الوحيدة الملفتة، موضوع الغلاف في الجريدة المحلية، تحكي أن البلد موبوءة
بالغربان بأعداد غير مسبوقة. وأن الأهالي يريدون تعليق غربان ميتة في المباني
العامة كي تخاف الغربان الحية. وقال لهم علماء الطيور إن ذلك لن ينفع لأن الغربان
الحية، ببساطة، ستقوم بأكل الغربان الميتة دون أن تغادر. وقال أحد الأهالي في إصرار
إن الغربان، عندما يروا جثث أصحابهم، سيعلمون أننا لا نريدهم هنا. وجاءت نادلة
بالأكل على أطباق ممتلئة، بوخها يلوي، وكان كتيراً. قالت سام بفم ملؤه الطعام: أها
كايرو عندك فيها شنو؟ - ما عندي فكرة. جاتني رسالة من المدير قال لي تمشي هناك. -
إنت شغلك شنو؟ - مراسلة. ابتسمت ثم قالت: غايتو أكيد أنتم ما مافيا، ما بتشبههم،
شوف العربية الخرا اللي انت سايقها دي. ليه عربيتك فيها ريحة موز؟ هز كتفه وواصل
أكل. سام قامت ضيقت عيونها وقالت: - تكون مهرب موز؟ ما سألتني انا بشتغل شنو لي
هسع. - خمنت انك لسه في المدرسة. - جامعة ويسكونسن، ماديسون. - حيث، بلا شك، تدرسين
الفن والتاريخ والدراسات النسوية وإحتمال تكوني بتصبي بيدينك جوائز برونزية، أو
تكوني شغالة في قهوة عشان تغطي الإيجار. سام رمت الشوكة ونفخت وسألته: - عشان ني*ة
شنو بتعمل فيني كده؟ - شنو مالك؟ عارفك ح تقولي إنك بتدرسي الادب واللغات وعلم
الطيور. - يعني عايز تقول إنو داك كان تخمين محظوظ أو حاجة. - هو شنو؟ عاينت له
بعيون داكنة وقالت: - إنت زول غريب يا سيد...، إسمك ذاته ما عارفاه. - بيقولوا لي
شدّو لوت فمها بامتعاض، كأنها ذاقت شيئاً لا تحبه، ثم لاذت بالصمت و أحنت رأسها،
تخلّص على اللازانيا. قال لها: عارفة ليه الحتة دي سموها مصر؟ - على جهات كايرو؟
نعم. لأنها واقعة في دلتا نهر أوهايو ونهر المسيسبي، زي كايرو ال في مصر، في دلتا
نهر النيل، في إفريقيا. - كلام عقل. استرخت في جلستها وطلبت قهوة وفطيرة بكريم
الشوكولاتة. وتخللت شعرها الأسود باصابعها. - إنت متزوج يا سيد شدو؟ ثم أضافت بعد
أن تردد هو: أمك، دا تاني سؤال محرج، موش؟ قال: دفنوها يوم الخميس الفات دا. اختار
كلماته بعناية وواصل: ماتت في حادث سيارة. - يا الله، يا يسوع، أنا آسفة. - أنا
ذاتي. ومرت عليهما لحظة مرتبكة وقالت: أختي بت أمي برضو فقدت ولدها، اللي هو أنا
خالتو، نهاية السنة الفاتت. حاجة صعبة. - نعم صعبة، مات بي شنو؟ شفطت شوية من
قهوتها وقالت: ما عارفين. ما عارفين إنو مات ذاتو. أختفى. لكن كان عمره تلتاشر سنة
بس، عز الشتا الفات. الحاجة دي دمرت أختي جداً. - ما في أي، أي أدلة؟ بدا شدّو مثل
شرطي في مسلسل تلفزيوني. وأعاد صياغة كلامه: أعني، هل شكوا في أي فعل جنائي؟ وخرجت
هذه العبارة أسوأ من التي قبلها وقالت هي: هم شكوا في نسيبي اللي هو أبوه. كان قن*ط
بما يكفي إنو يسرق ولده. ممكن يكون عملها. لكن دا حصل في مدينة صغيرة في الغابات
الشمالية. مدينة جميلة وحتيتونة كدا، ناسها ما كانوا بيتربسوا أبواب بيوتهم. ثم
شالت نفَسها وهزت رأسها وأمسكت كوب القهوة بكلتا يديها. - إنت متأكد إنك ما فيك شي
من الهنود الحمر؟ - ما حاجة بعرفها كدا يعني. يمكن. ما عرفت كتير عن أبوي. وأظن أمي
كانت ح تكلمني عنه لو كان هو من السكان الأصليين. إحتمال. وعوجت بوزها مرة أخرى،
زهقت من باقي الفطيرة، التي صارت بحجم نصف رأسها، فزقَت الصحن ناحية شدّو. - عايز؟
ابتسم وقال لها أكيد. وخلّص على باقي الفطيرة. الجرسونة مدت لهم الشيك ودفع شدّو.
قالت له سام: شكراً، بدأ الجو يبرد أكثر، وكحت السيارة مرتين قبل أن تشتغل. وساق
شدّو راجعاً للطريق السريع. - حصل قريتي لي زول إسمو هيرودوتس؟ - يا ساتر. ليه؟ -
هيرودوتس- حصل قريتي كتابه تواريخ؟ - لا كدي تعال، ومطت كلمة تعال بطريقة حالمة،
أنا ما قادرة أفهمك. ما بفهم طريقة كلامك. في لحظة كدا شكلك زول جهامة وغبي، ال
بعديها إنك زول بتقرأ مخي المن*وك دا، والبعديها أنحنا بنتحدث عن هيرودوتس. ف شنو؟
لا ما قريت ليه. سمعت بيه جايز في ال ان بي آر، الراديو القومي، ولا موش دا اسمه؟
بيقولوا عليه أبو الكضب. - أفتكر داك الشيطان، ما هيرودوتس. - آآي داك ذاتو أبو
الكضب. لكن سمعت إنه زولك دا أرّخ لنمل عملاق ووحوش بتحرس مناجم دهب، وقالوا كله
طلع تلفيق. - لا ما أظن. هو كتب الحاجات اللي قالوا ليهو أكتبها. يعني زي هو كتب
التواريخ بس. بعدين هي تواريخ جيدة جداً وفيها شحنات من التفاصيل الغريبة، يعني
مثلاً هل تعلمي زمان في مصر لو ماتت بنت جميلة أو زوجة زول مهم، ما كانوا بيحنّطوها
إلاّ بعد تلاتة أيام. بيخلوا الجثة تبوظ في الحر. - ليه؟.....دقيقة، دقيقة، أنا
عارفة ليه. حاجة مقرفة. - وفي التوريخ دي معارك، وحاجات عادية، وبرضه في الآلهة.
واحد يجي جاري عشان يكلم الناس بأخبار المعركة، يقوم يقابل الله في فسحة فيقول له
الله قول لجماعتك يبنوا لي معبد هنا، يقوم يقول ليه حاضر ويجري ويجري وبعد يحكي
للناس أخبار المعركة يقول ليهم، بالمناسبة الله عايزكم تبنوا ليه معبد هنا، يعني
حاجات أمر واقع وكدا. - طيب في قصص فيها آلهة، إنت بتحاول تقول شنو؟ إنه الناس ديل
كانوا بيهلوسوا؟ - لا، ما كدا. قعدت تأكل أظافر يدها ثم قالت: - أنا قريت شوية عن
الدماغ. زميلتي في الغرفة كانت عندها كتب قاشرة بيها في الداخلية. يعني زي قبل خمسة
ألف سنة الفصين ال في الدماغ ديل قاموا إتلحموا مع بعض. قبل كدا الناس كانوا فاكرين
إنه لما الفص اليمين يقول حاجة معناها دا صوت إله بيوريهم يعملوا شنو. كلام عقل
يعني. قال: - أنا بفضل نظريتي أنا. - شنو نظريتك؟ - إنو الناس زمان كان، مرة مرة،
بتصادفهم آلهة في الطريق. - أيوااااا! ورانت لحظة صمت، صوت العربية فقط صار هو
المسموع، كانت الماكينة تنوني، والعادم يعوعي كدليل على علة ما. وسألت سام: تفتكر
هم لسع هناك؟ - هناك وين؟ - اليونان، مصر، الجزر، الحتات ديك. تفتكر لو حُمت في
الحتات ديك ح تشوف آلهة. - جايز. لكن ما أظن الناس ح يفرزوا شافوا شنو. - أراهنك؟
شكلهم بيكون زي جايين من الفضاء كدا. على أيامنا الناس بتشوف الجايين من الفضاء
كأغراب وناس زمان كانوا بيشوفوهم آلهة. إحتمال الفضائيين جايين من الفص اليمين
للدماغ. - ما أعتقد إن الآلهة عملت مجسات شرجية، أو قتلت مواشي بيدها، بتكون سخّرت
ناس عشان يعملوا كدا. قرقرت سام. وسارا مسافة في صمت، بعدها سام قالت: إنت عارف دا
بيذكرني بقصة الإله المفضلة عندي، من الأديان المقارنة، درسناها واحد قصاد واحد،
عايز تسمعها؟ - أكيد. - طيب دي واحدة عن أودين، إله النرويج والحتات ديك، عارف؟ كان
في ملك من الفايكنج على سفينة من الفايكنج، وواضح إنه دا كان في زمن الفايكنج، حصل
إنه سفينتهم وقفت في البحر لعدم وجود رياح، أصابتهم حالة سكون في البحر. قام الملك
قال طيب كويس أنا ح أضحي بواحد من رجالي لأودين لو رسل لينا رياح توصلنا لي أهلنا.
أها جات الرياح ووصلوا للبر. الزول الوحيد الإتفقوا إنه ينضبح كقربان كان الملك
ذاته. القصة دي ما عجبته، وزعل جداً، قاموا قالوا ليه إنها ح تكون مسألة شكلية وما
ح تتأذي. فجابوا مصران حمل ولفوه حوالين رقبته وربطوا الطرف الآخر في فرع لين
وقاموا شالوا قصبة بدل حربة وقعدوا يشكوه بيها ويقولوا ليه أها خلاص شنقناك، ضحينا
بيك لأودين. الطريق صار إلى إنحناء، وظهرت مدينة أخرى سكانها ثلاثمائة نسمة، وهي،
بحسب اللافتة، موطن الفائز بالموقع الثاني في بطولة الولاية للتزلج السريع لما دون
سن الثانية عشر. وظهر أن بالمدينة صالونين لتحضير الجنائز من نوع الحجم الاقتصادي
الضخم. إثنان، على جنبي الطريق. شدّو فكّر، مدينة سكانها ثلاثمائة فكم صالون لتحضير
الجنائز تحتاج؟ بينما واصلت سام قصتها: - أها أول ما جابوا سيرة أودين في لسانهم
إتحوّلت القصبة لحربة وطعنت الراجل في صفحته ومصران الحمَل بقى حبل تيل، الفرع
اللين بقى فرع رئيسي والشجرة بقت تسحب لي فوق والأرض تميد وبقى الملك معلق، بيموت
ودمه نازف من صفحته ووشو أسود. الرجل الأبيض عنده شوية آلهة من**كة بجد، يا سيد
شدّو. - صاح. إنتي مش بيضاء؟ - أنا شيروكي. - دم شيروكي صافي؟ - لا. لترين بس. أمي
بيضاء. أبوي كان هندي من النوع الجد جد، حق المحميات ديك. جا ماري بي هنا، وفي
النهاية تزوج أمي وجابني. وبعد اختلف معاها، رجع أوكلاهوما. - رجع المحمية؟ - لا،
استلف قروش وفتح تاكو بال، قال عايز ينافس تاكو بيل. ماشي كويس. لكن ما بريدني،
بقول علي هجين. - حاجة مؤسفة. - فاكّا منو. أنا فخورة بي دمي الهندي دا. نعم هو
بيساعدني في قروش المدرسة، إحتمال ذاتو بسببه ألقى لي وظيفة يوم، لو ما قدرت ابيع
البرونزيات بتاعتي. - في حل زي دا دايماً. وقف شدّو في ألباسو، إلينوي، أثنين ألف
وخمسمائة نسمة، كي تنزل سام أمام بيت في ضاحية جبلية من طرف المدينة. كان قدام باحة
المنزل الأمامية تمثال كبير، معمول من أسلاك معدنية، لحيوان الرندير أو الأيل،
ومكلل بأنوار متلألئة. - عايز تخش معاي؟ عمتي ح تعمل ليك قهوة. - لا. لازم اواصل.
ابتسمت له وبدت، فجأة ولأول مرة، قابلة للإيذاء. مدت يدها وضربته على يده قائلة: -
أمورك جايطة يا سيد، لكنك ظريف. - دي اسمها الحالة الإنسانية. شكراً لرفقتك. - نو
بروبلم. لو لاقتك أي آلهة في طريقك لكايرو، ضروري تقول ليها هاي مني. ونزلت من
السيارة ومشت نحو باب البيت وضغطت على الجرس، انتظرت أحداً يفتح لها دون أن تلتفت
وراءها. وانتظر شدّو لغاية ما رآها تدخل سالمة. ثم وضع قدمه برفق على دوّاس الغاز
وتهادى نحو الطريق السريع.
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-47011721259434887062020-09-20T15:15:00.002-04:002020-09-21T12:15:27.810-04:00قصة قصيرة، في الدروبأول ما نزلت كان ميدان الخليفة، قلب البقيع الصغير، الذي بدا لي جاذباً في زيارة
سابقة. تلفت حولي بحثاُ عن سبب أتبعه، ربما جسد إمرأة أقص أثرها، والنساء هنا عليهن
احتشام بلا احتدام، أو قل ما يكفي لتنشيط الأمور في فضاء مزارات آل البيت. صنقعت
أشرب، متمنياً أن لبائع العرقسوس ذراعاً ثالثة، أتكئ عليها، من شدة الظمأ والقيظ،
وفجأة رأيته وسط رهط من الناس، أُفسح لهم من الطريق على ضيقه، وغشت المحال
والمقاهي، بسببهم، لحظة توقير بالغة القصر أو شيء كهذا، وقبل أن يعدّي من أمامي
الرجل الذي صادته من بين الناس ذاكرة النظائر والأشباه، جذبته من يده وصحت: عبيد،
ما الذي أتى بك هنا؟ توقف وهو يلهث ونظر إليّ طويلاً قبل أن يقول: ما الذي اتى بك
انت؟ أفلت يده مني فظننت أنه يريد سلام الأحضان، وخاب ظني فقد كان يتابع رهطه ويرسل
لهم اشارة تنبيه، وكانوا هم، براياتهم النحيلة، قد مال بهم الطريق نحو مسجد السيدة
عائشة. وربما خاف أن لا يقفوا عنده فقال لي: انتظرني في القهوة وسأعود حالاً. لاحظت
أنه ينتعل حذاءاً رياضياً ويضع على رأسه عمامة قصيرة خضراء. وجلست في المقهى وفي
الحال جاءوا لي بالشيشة والشاي الكشرى اللذان لم أطلبهما. كان المقهى حاراً، ورأيت
أن أفضل طريقة لانتظاره هي تمنية النفس بمشاهدة خناقة. لقد حدث أن مشيت راجلاً
يوماً من السيدة زينب فور سماعي بنشوب مشاجرة في السيدة عائشة، وهي مسافة
بالكيلومترات وقد قال لي جرسون تلك القهوة حينها، إن الخناقة التي أنت ذاهب
لمتابعتها قد بدأت منذ ساعتين، ولن يفوتك شيء، لا يتوقع أن تنتهي إلاّ يإنتهاء
النهار. وكان يسوط الشاي أبو تفل بعصبية، محدثاُ صليلاً يرّقم كلماته وهو يقول:
"على أقل من مهلك يا زول، الجدع دا لازم يقلبها عاليها واطيها." وهذه الخناقات
ممتعة، وتحتاج وقتاً يقضيه أقارب أطراف الخناقة، القادمين للمؤازرة من نواحي بعيدة،
في جحيم المواصلات، لكن ما إن يصلوا حتى يشعلوا الخناقة كما بدأت في أصلها. أجلت
بصرى في الميدان الصغير ولمحت صاحبي الذي حييته بإسم عبيد، قادماً نحوي بين مؤخرتين
عجائبيتين لشابتين تسعيان على درب آل البيت. تأملته في لباسه الافرنجي وخشيت أنني
لا أعرفه. قلت لنفسي وأنا أرشف من الشاي، إن كنا نعرف بعض سيعرفني هو، أما أنا فلا
أذكره، كل ما في الأمر أن بعض الملامح ترمي المرء في هوى التذكر والشوق لأم درمان
وللأهل وقد لا يكون هو من أولاد أم درمان. وعلى ذكر الأهل، طرأ عليّ عبد الحي أخي
الذي غيّر عنوان سكنه أكثر من مرة، كما حكى لي الناس، ولم أعثر عليه منذ قدومي
بحثاً عنه. حيّاني عبيد مرة أخرى ولكن بحرارة، كأنه يعرفني. ولم يسألني كعادة
الناس، الأخ من أين؟ لكنني سألته عما فعل تحديداً منذ توقيفي له فقال إنهم في طقس
إسمه زيارة أهل البيت. وعندما لم يعنِ لي ذلك شيئاً أضاف وهو يلتفت مفرداً ذراعه:
هذا اسمه طريق آل البيت ونبدأه من السيدة نفيسة لغاية السيدة زينب. قلت له، لكن
أنتم قادمون من السيدة زينب! قال بصبر: نعم، كما يقولون من السيدة زينب وبالعكس! ثم
أضاف وهو مندهش من سرعة الجارسون في إنزال كوبي الماء والشاي: حدث أن مشيت قبل
اليوم على الأقدام من السيدة زينب لغاية سيدي المرسي أبو العباس. وبدا أنها مسافة
هائلة، لكنني لم أسأله عن مقدارها. وفي وهلة خاطفة اخترقتِ القهوة، من باب لباب،
فتاة جميلة ولكنها متبذلة فأشحت عنها، لكن عبيد شملها بنظرة فاحصة وكذلك غائمة أو
معتمة وربما كل ذلك ثم قال لي: تشرفنا، أنا شمس الدين، طالب جامعي. قلت له: مرحباً
شمس الدين، عفواً فقد ربطت هيئتك بشخص إسمه عبيد، ثم واصلت رغم أن عيونه كذبت
كلامي، "تعرف، أصلاً أنا زرت القرافة من فضول وبعد ذلك اكتشفت عوالم زيارة
الأولياء…" فصححني، آل البيت، وأحسست بحدة في نبرته أو هكذا تصورت ما ينوبني منه
فيما لو كان معترضاً على وجهة نظرى بأن الدين جاء كرسالة فردية، لشخص وليس لأسرة أو
آل، وفي ذلك اليوم كان مزاجي جيداً ومتقبلاً للأفكار، فشربنا أنا وشمس مزيداُ من
الشاي وأبعدني شيء ما في شخصه عن المحاجة في شأن زيارة الأو….آل البيت. كانت ميزة
المقهى، الذي ازداد عدد رواده وعلا ضجيجهم، أنه يفتح على ثلاثة شوارع جيدة الطرق
لمن يريد أن يمارس مراقبة البشر، وهنا أيضاً رأيت أن صاحبي بارع في قراءة الأفكار،
فقد عدل كرسيه على نحو شغوف ومفاجئ تزامن مع تراوح طيف امرأة بفستان بمبي، عند
بوابة أحد البيوت، في الشارع الملتوي الذي يأخذ السائر فيه إلى ميدان القلعة، عجبت
كيف يستشرف هذا الرجل حتى المفاتن البعيدة. وكان يحجب عنا رؤية المرأة من حين لآخر،
دخان متصاعد من مبخر يحمله درويش يمشي في الطريق جزلاً ومتأرجحاً. أعجبتني رؤية
البمبي خلال مزيج شبه رائق من البخور والغبار، وفجأة همس لي شمس: أموت في البمبي
أنا! ندت عني عبارة يا زول، تخرج كما الشهادة القيمة من بيتها الاسطواني الشكل. ثم
ضحكت. واستوى هو واقفاً ومنهياً ضحكتي، يعدل رباط حذائه، فقلت له، يبدو أنك إنسان
متعلم، فمعذرة لسؤالي! جذب حافظة نقود أنيقة ومد لي ورقة نقدية، فصددتها برفق وأنا
أقول لا وهو يقول ما سؤالك؟ أقول لا ويقول ما سؤالك؟ والايادي تراوح، فقلت له: كيف
لي أن أصدق أنك تسعى في دروب الأولياء... قاطعني، آل البيت! قلت: نعم، في تقديري
هذا تعبير عال عن التدين…. إلتفت وقاطعني بدهشة، تدين؟ ثم همس وهو يكرف ببصره
الشارع البمبي: أبعد ما أكون! وبدأ ركضه بخطوات هزلية وهو يصيح: أراك يوماً ما في
نفس الميقات! <b></b>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-10354732114463150122020-04-04T19:16:00.000-04:002020-04-03T18:38:50.855-04:00 1/3 جليد نسّاي <div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
إعادة نشر</div>
<br />
<div style="text-align: right;">
<span style="font-weight: 700;"><br /></span></div>
<b><div style="text-align: right;">
<b><span style="font-size: large;">1/3 جليد نسّاي</span></b></div>
</b></div>
<div style="text-align: right;">
<br />
<div style="text-align: right;">
<span style="font-weight: 700;"><br /></span></div>
<b><div style="text-align: right;">
<b>قراءة في رواية الرجل الخراب</b></div>
</b><br />
<br />
<div style="text-align: right;">
<span style="font-weight: 700;"><br /></span></div>
<b><div style="text-align: right;">
<b>عبد العزيز بركة ساكن</b></div>
</b><br />
<br />
<div style="text-align: right;">
<span style="font-weight: 700;"><br /></span></div>
<b><div style="text-align: right;">
<b>الجزء الأول</b></div>
</b><br />
<div style="text-align: right;">
<b><br /></b></div>
</div>
<div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
</div>
<ul style="margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أيها القارئ المرائي، يا شبيهي، يا أخي - بودلير، شاعر فرنسي</span></div>
</div>
</li>
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الفكرة الرئيسة [عند إليوت] هي أننا، حتى ونحن ملزمون بأن نعي ماضوية الماضي..، لا نملك طريقة عادلة لحجر الماضي عن الحاضر. إن الماضي والحاضر متفاعمان، كلٌ يشي بالآخر ويوحي به، وبالمعنى المثالي كلياً الذي ينتويه إليوت ، فإن كلاً منهما يتعايش مع الآخر. ما يقترحه ت س إليوت بإيجاز هو رؤيا للتراث الأدبي لا يوجهها كلياً التعاقب الزمني، رغم أنها تحترم هذا التعاقب. لا الماضي ولا الحاضر، ولا أي شاعر أو فنان، يملك معنىً كاملاً منفرداً- إدوارد سعيد، استاذ الأدب الإنجليزي</span></div>
</div>
</li>
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الطريق إلى الحقيقة يمر بأرض الوساوس - شانون برودي، عاملة صيدلية.</span></div>
</div>
</li>
</ul>
<div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="font-family: "arial";"><span style="font-size: 16px; line-height: 22.08px; white-space: pre-wrap;"><br /></span></span></div>
</div>
<div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<b id="docs-internal-guid-85a3dcb3-ed1a-b784-a2ba-cce3ee7c0000" style="font-weight: normal;"><br /></b></div>
</div>
<ol style="margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: decimal; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">يبدو مفارقاً، بل غرائبياً، أن تُهرع لقصيدة ت س إليوت (الأرض الخراب) كي تعينك على فهم استلهام عبد العزيز بركة ساكن لها في كتابة روايته القصيرة، الرجل الخراب. فالمفارقة هي أن القصيدة المكتوبة في 1922، وبما عُرف عنها من تعقيد ووعورة، تحتاج هي نفسها لعشرات الشروحات، لكونها مغرقة في الإحالات لتواريخ وثقافات وأديان، بل ولغات أخرى غير لغتها الانجليزية. وكان هذا النوع من الكتابة القائمة على الاقتباس والتضمين من ما ميز شعراء الحداثة النشاط في بدايات القرن العشرين. والغرائبي أن واقع الرواية يشتمل على مَن لا يستحسن القصيدة وهو أوربي، نورا زوجة الشخصية الرئيسة في الرواية، و مَن تجري أبياتها على لسانه، مستشرفاً لها، وهو درويش الأفريقي، الذي لا نتوفر، من الرواية، على ما يدلنا على أنه متراصف ثقافياً مع انسان القصيدة. إن السؤال عن قيمة استلهام قصيدة الارض الخراب في هذا العمل الأدبي لبركة ساكن يبدو معقولاً أيضاً، لكونه ينطوي على مفاضلة بين مرجعييتن نقديتين إحداهما تمثلها حداثة النص الروائي قيد البحث، إرتقاؤه على صعيد التعاطي مع تحولات روح العصر وانتقال الثقافي فيه من النخبوي إلى فضاء المُتشارَك، اليومي. إذ أن نص إليوت مغلق تماماً وغير معني به القارئ العادي بينما نص ع ب ساكن متحرك وجل عمارته من اليومي، المُدرك بيسر. والمرجعية الأخرى هي مرجعية القفزة إلى الوراء، إلى قتامة أجواء ما بعد الحرب العالمية الأولى، تلك التي يوفرها نص القصيدة الحريص على تكريس فهم قدري وكارثي للحضارة الإنسانية. ولست من التقتير بحيث استكثر على الروائي إرادته أن يكون عمله ذا سياق حضاري موشى بعبارات مفتاحية واشارات أو كليشيهات تخاطب ذهن القارئ العصري على النحو الذي تشير إليه قراءة ادوارد سعيد لإليوت في الاقتباس من الأول أعلى هذا المقال. على أن قيمة استلهام قصيدة الأرض الخراب أمامها إشكالات أخرى ترتبت من كون القصيدة، من كثرة إحالاتها ومتحها من المتخيّل الديني، جاءت بنبوءات لم تتحقق، فليس هناك أبراج تداعت أو شهوات قُوّضت. بل يمكن النظر للقصيدة الآن كمجرد نص حداثوي يصف التحولات في العقل الغربي أوان ذاك، جراء ثنائية التشظي الشخصي والتشظي الأكبر، الحضاري بسبب الحرب الثانية. ونجد أن هذا الاستلهام مشار إليه في الblurb أو التعريف بالكتاب المكتوب على غلافه الخلفي وهو تعريف غير ممهور بإسم مَن كتبه نقرأ فيه "مستلهماً رائعة ت س إليوت، الأرض الخراب، يرسم الروائي السوداني البارع عبر تقنيات تصوير وتجسيد فريدة ومبتكرة صورة الرجل الخراب، لنرى كيف يصيب الخراب رجلاً بأكمله..". فأمر استلهام قصيدة إليوت ليس شيئاً يسيراً يُترك لفطنة القارئ لأنه استلهام عابر من جنس أدبي لآخر. والقصيدة، أية قصيدة، "لها جنسها المستقل عن الشكل والواقع التاريخي".</span></div>
</div>
</li>
</ol>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">2- يكتب بركة ساكن في الفصل الأخير من روايته "...والقارئ الحصيف هو الذي لا يترك مجالاً للكاتب أن يدعه يخمن نهاية الرواية، والكاتب الماكر مثل السياسي العجوز يتلاعب بالبيضة والحجر في الكف ذاتها. أما الروائي الذي يتعجل نهاية الرواية ليحرر نفسه من أجل أغراض أكثر أهمية- في ظني، وليس كل الظن إثم- فالموت أولى به" وأياً كان المعنى الذي يستوقفك من هذا الكلام فإن من باطنه، على أقل تقدير، يأتينا الإذن بكتابة ملخص لا يفسد على من أراد قراءة الرواية شيئاً ولكن، قبل ذلك، فإن لي وصفاً لتلك اللحظة من الرواية التي خاطب فيها المؤلف قراءه في ما يمكن أن يُعد نوعاً نادراً من أنواع الخطاب الروائي، وإن كان وصفاً بعيداً عن عالم الكتب لكنه يشير للحظة سميكة في لا تلقائيتها، وهو أن ما حدث ما حدث في الرواية مشابه لما كان يحدث في العشر دقائق الأخيرة من عمر أية مباراة كرة قدم ساخنة في أستاد أم درمان قبل عقود خلت، حيث كان ممكناً آن ذاك أن تدخل المباراة، مجاناً في تلك الدقائق، لتشاهد الهدف الوحيد، الذي دفع له الناس ثمناً، ثم يئسوا وخرجوا قبل إحرازه. في تلك اللحظة الشبيهة من الرواية قرر ساكن أن تنفتح أمامه كل النهايات الممكنة، أو أن يحوّل روايته إلى ورشة عمل ناجحة، وسنرى إن كان في ذلك خرقٌ للفعل الروائي في ناحية من هذا المقال.</span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> الرجل الخراب، رواية عبد العزيز بركة ساكن، الصادرة عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة لسنة 2015، والتي تقع في 112 صفحة، تحكي عن درويش، المولود لأب سوداني من أم مصرية، والذي يذهب ليعيش في أوربا وفق ذرائع دارجة، وهناك يعمل مع مخدمته النمساوية التي تموت تاركة له ميراثاً وابنةً يتزوجها، وينجب منها إبنته. ثم تحدثنا الرواية عن أول لقاء، وما أعقبه من تداعيات، بين درويش وحبيب إبنته، وتشرح لنا كيف تفاعل درويش، السوداني المصري، حيال علاقة إبنته بحبيبها النمساوي.</span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الرواية مكتوبة بلغة سهلة ومصاغة من فسيفساء حكايات الهجرة والإغتراب، من أضابير وملفات قصص (حالات) اللجوء</span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">السياسي التي حوّلت واقع الناس إلى نسيج حكائي كولاجي مشغول من إلتماعات قطع وشظايا التجربة مهالاً عليه جليد نسّاي ، بتعبير إليوت نفسه، forgetful snow يغطى تحته كل التفاصيل كتركيب synthesis جديد لميلاد آخر، ومن فكرة التركيب الجديد المطمور تحت الجليد هذه أخذت عنواناً لهذا المقال، فالجليد ينسى دائماً أننا عائدون إلى الحياة وأن قسوة إبريل هي مصدر غبطتنا. ومن هنا نتعرف على أول تشابهات الرواية مع قصيدة إليوت. فإليوت يقول في قصيدته: son of man/ you cannot say or guess, for you only/ know a heap of broken images </span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وبرغم خطورة أن يكون في بناء السرد على هذا المنوال،تعريض له لأن يكون سهل التكهن بمآلاته predictable، فيذهب سره، إلاّ أن ما يُدهش هو أن ساكن لا هاجس له تجاه هذا التكهن، كما أوضح الاقتباس منه الأخير. بل إن الرواية تمضي في حبور نحو أن لا …..تكون رواية. </span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">سنلقي نظرة متمكثة قليلاً على بعض شواهد الإستلهام من قصيدة الأرض الخراب في صناعة رواية ساكن. </span></div>
</div>
<div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><br /></b></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">() تقول قصيدة إليوت إن الشهوة هي أساس المعاناة الانسانية وتعرض لنا أمثلة عابرة للتخثر الأخلاقي، وللمصير الكارثي للحضارة الانسانية أوان ذاك ثم تطرح في آخرها خارطة طريق للخلاص من خلال تحقق ثلاث تأويلات للحالة الانسانية، أخذها إليوت من أناشيد الهندوسية Upanishads. لكن الرواية، بينما هي لا تقدم خلاصاً كالقصيدة، تستخدم نفس فكرة التأويلات الثلاث لشرح مصير بطلها عن طريق ثلاثة شخوص غير رئيسية فيها. ونلاحظ أن قسم القصيدة الأول المسمى دفن الموتى، من أصل خمسة أقسام لها، هو الأكثر استلهاماً حيث نقرأ فيه عن ماري التي خافت من السقطة وتحررت فتذكرنا بمدام شولتز، مخدمة درويش النسماوية في الرواية، ثم نرى مدام سوساستروس، النبية الكاذبة التي تنبئ بالموت غرقاً، فنتذكر نورا إبنة مدام شولتز التي تزوجها درويش لاحقاً، على أن لنورا حضوراً آخر أهم في قسم آخر من القصيدة. ونتذكر أن أول شيئ فعله درويش بعد موت مخدمته، هو أنه تخلص من كلابها، مستشرفاً نصيحة إليوت في نفس القسم الأول من القصيدة حين هتف بشخص قابله في الطريق اسمه استاتسن، ينبهه بالتخلص من أي كلب يمكن أن يقوم بنبش جثة الميت، قبل أن يحين ميعاد قيامته، لا أحد يدري من هو هذا الميت، وذلك لأن الكلب وفي لصاحبه. فدرويش لا يود أن تزول نعمة ميراثه لمخدمته بعودتها إلى الحياة، لكن أمامنا أيضاً خيار أن نفهم أنه تخلص من كلاب السيدة شولتز لأن ثقافته الاسلامية، نوعاً، ترى في الكلب نجاسة. وفي تقديري فإن هناك استلهاماً شديد الإبهار، من هذا القسم الأول من القصيدة، لكنه أيضاً بالغ المواربة، يتمثل في مشهد السواح الآسيويين والطريقة التي وصفهم بها ساكن. فهذا المشهد هو اعادة كتابة لما خطه الشاعر إليوت عن المشهد فوق جسر لندن، لندن بريدج، ووصف الناس المتحركين فوقه كالأموات كلٌ ثبّت عينيه على قدميه. فإليوت تحدث عن إخاء أو تجاور انساني زائف يوّحد المارة، إخاء متناقض، بل هي عزلة فكلٌ مع نفسه فقط. يكتب ساكن في فصل سيرة المرأة "كان السواح الآسيويون يعبرون صامتين، يصوّرون كل شيئ…إلخ المقطع كله" فالعزلة هنا أيضاً كيثفة والكاميرا هي نفسها منظور لا يشاركك فيه أحد. وكلٌ أخ الآخر، لكنه إخاء زائف، وبهذا الفهم لتمهل ساكن عند مشهد السواح يمكن أن نجد صورة معادلة وحاكية بصدق، تماماً كصورة إليوت في القصيدة.</span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">() نواصل</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="font-family: arial;"><span style="white-space: pre-wrap;">نشر أول سبتمبر 02 2016</span></span></div>
</div>
<div style="text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><br /></b></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-10333358713487521322020-04-01T16:09:00.003-04:002020-04-01T16:09:48.029-04:00نصوص قصيرة، أيمن هاشم<div class="_1dwg _1w_m _q7o" data-vc-ignore-dynamic="1" style="padding: 12px 12px 0px;">
<div>
<div class="_5pbx userContent _3ds9 _3576" data-ft="{"tn":"K"}" data-testid="post_message" id="js_a" style="border-bottom: none; line-height: 1.38; margin-top: 6px; padding-bottom: 12px;">
<div>
<div style="margin-bottom: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نصوص قصيرة</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أيمن هاشم</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><div style="direction: rtl;">
كانت السيدة العظمى قد إنتصرت لتوها علي ألمانيا، في المنطقة الغربية-راجا تحديداً، تجمعت الحشود، ذبحت الثئران، وزعت البيرة، كان موكب النصر يتقدمه جنود الشرطة، أمسكوا بالبنادق بقوة، تحت سواعدهم، دكّوا الأرض من تحتهم، في ميدان العرض حيث يجب أن يؤدى شكر المملكة التي لا تغيب الشمس عنها، كانوا يرددون أغنية بعربي جوبا، كلها نداءات لفتاة من قبيلة الباندا، أداها ذلك الشرطي في المنتصف بصوت كله رجاءات- لم يكن هنالك طريقة أفضل للإحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية.</div>
</span><br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ضجر</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في أدغال مديرية جوبا، كانت الكنيسة عبارة عن كوخ صغير، تظلله شجرة ضخمة و بابين صغيرين، بيت القش هذا سيصبح فارغاً عما قريب؛ يقول دينق، و الأولاد شوشهم ما تقوله يا حضرة الأب الجليل، إنهم يتضجرون، أنظر إليهم إنهم يترنمون بمقدس، مقدس، مقدس..من الصباح و حتى المساء، ألا يوجد" تمساح، شعر إمرأة، أو مريسة حتى".</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نبؤات(1)</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في فصل الشتاء يمتلئ بحر العرب برعاة الأبقار، تنشط التجارة، يأتي العرب بالأقمشة و الحكايات، يبادلونها بأنياب الفيلة و الأسئلة،عند أسفل النهر نادى رجل من الدينكا على ناظر الرزيقات إبراهيم موسى و سأله بلكنة عربية مكسرة، عن كيف سيكون الحال بعد الإستقلال؛ أجاب بتعليق ساخر - ديل ركبونا في لوري لا نور لا بوري.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الرائي</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في واحدة من تلك المرات رأي ما لم يكن يراه من قبل، بالقرب من نهر الدانوب، قبل ستة و عشرين عام، بينما يبحث في حقيبته، كانت بعض الأوراق قد سقطت على الأرض، كانت قصيدة رسوليا وردة الجسد تتفتح، أسرع أيوب مصطفي بإلتقاطها، كان يرى الأشياء بوضوح...</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بالأيادى سنشتبك معهم؛</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بالأيادى ذاتها نُشعل الفوانيس ونصنع الأعياد.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">فى غرفنا الضيقة جدا سنؤلف سحاباً،</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ونمزقه فى روؤس الجميع..</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">حتى تنتفض الاجساد بفعل المطر.</span></div>
<br />
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كان ذلك الرائي قد أطلق فراشاته لتوه.</span></div>
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الفتنة</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">على بعد كيلومترات من الحرائق، حيث لا أحد يعير العجوز الفاتنة إهتماماً، كانت تركض في شوارع الأسفلت و تصرخ:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">سوف يأتون لقتلكم .</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في منطقة ديم مايو، عند حواف اللسان البحري، يجلس النوبة و البني عامر في المقاهي، يمدون ألسنتهم للسيدة موت، و يقتلونها بالونسة الجانبية.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لم يكن لنا أن نموت</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في العام 1986، وقف الأب فيليب أمام بيوت الخشب، أدى صلاة طويلة للمفقودين، المحروقين، في الحي الطرفي سمع الرب الكلمات القادمة من بورتسودان :</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">" لم يكن لنا أن نموت."</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بعد ثلاثة و عشرون عام في مقابر السكة حديد حيث كانوا يدفنون الضحايا، يقول الرجل العجوز الذي يسمونهُ سلطان، لقد سمعتها بوضوح.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">قيلت في بيوت الرب، بيوت الخشب، الأفواه الخائفة، قيلت في مدن بعيدة، كُتبت في الرايات البيضاء، هتفت بها كومونات المقاومة، عندما يرفع الرب صوته؛ ينصت الجميع.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الهجين</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">وصل ميم إلى المشفى، كانت يداه ملونتين، يده اليمنى سمراء، و يده اليسرى حنطية. و مصاب بجرح بسبب صخرة صغيرة، كانت الطبيبة تسأله عمن الذي فعل ذلك، كان يتأتي في الكلام، لم يكن يتقن سوى التقري و لغة الكواليب، أجاب بصعوبة : لن أستطيع أن أكرههم.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أخبرتني الممرضة و هي تبكي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عند الباب كان ينتظره أبناء خالته و عمه.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أُحبك</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أمام مدرسة مدني الثانوية بنات، كان ينتظرها، بقميصه الأبيض و أمام بائعات الأيسكريم، مرت الفتاة بجواره، قال إنه سمعها تقول له أحبك، ثم ركض إلى بيتهم، مفزوعاً، ترتعد أوصاله، يحاول معالجة قفل باب غرفته بسرعة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- توقف، ماالذي صنعته بملابسك.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">يخفض بصره نحو جيبه، كان اللون الأحمر يغطيه بالكامل، مجدداً تركت كيس أيسكريم في جيبك؟</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- لقد كان قلبي يا أمي.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">التوأم القط</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أخبرتني أمي بأن أعود للداخل قبل صلاة المغرب، كانت الشمس الصفراء تتلاشى خلف البنايات الأسمنتية، مرروا لي الكرة و رميتها بعيداً، تتبعتها و كان العرق يتصبب مني، تسلقت جدار الخرابة المسورة، و عندما وضعت قدمي في الداخل شاهدت القط الرمادي، تذكرت قصص أمي عن الشياطين التي تنطلق عند المغيب، و ما بدا أمامي لوهلة قطاً كان أحد التوائم، عرفته من الجرح الذي في رأسه، كنت قد سببته له، لم أكن متعمداً، كنت أودُ الإعتذار عن ما بدر مني، قلت له : أنا أسف. و ركضت ناحية زاوية الخرابة، حاصرني القط، كان رأسه كبيراً جداً بحيث لو قضم قدمي لأكلها، قفز علي وجهي، كنت بالكاد قد أمسكت برأسه، خائفاً من أن يعضني، سقطت و كنت أنظر للأعلي لأري من سينقذني، فجأة ظهر التؤام الأخر و هو يتسلق الجدار، كان يصرخ بأن محل رأسي كان كرة القدم، تحسست وجهي لأتأكد مما يقوله، كان خدي منتفخاً و دائري مصمت، كنت فزعاً : كيف يلعب التؤام برأسي هكذا.</span></div>
<br />
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كوابيس</span></div>
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أنا الأن في إحدى قرى المتمة و لا شئ غير الأكواخ المحترقة، النار تمضغ الحصير ببطء نافثة دخانها الأسود الذي يظلل الأفق كسحابة عظيمة، الشمس المريضة خلف الرمال الحصوية و هي تحيك غروب جنائزي تخرج منه أزمنة ماضية، في وقت فقدت كل الجثث قدرتها على السماع و هي تعبر أزقة الموت، النيل يضمد القرى الطافية حوله كشريط جروح.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الجثث الرطبة تفك رباطها و تقف باحثة عن أذانها، بينما تنفض العذراوات ضفائرهن و هن يخرجن من النيل، بأرجل مدمية من شوك أشجار السنط، وثياب يملؤ طينها الخوف. أفقت مثلهم بأصوات الباشبوزق التي قربتها الرياح و أدركت أن المكان المقصود ليس بعيداً و حينما وصلت كان الليل قد أرخى سدوله.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كل ما أذكره هو أنني كنت أتمشى حاملاً عصا خشبية و كانت أغنامي تتراكض بين شجر الهشاب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">إنتابني الفزع قليلاً حينما إقترب مني بوجهه اللحمي الأحمر، كان يهش الذباب البقري عنه، حاولت التطلع إلى وجهه لمعرفة السمرة الحرائقية التي كست رقبته و بدا لي شبيهاً بولاد البحر- بعينين تدور بسرعة في تجويف الجمجمة، ممسكاً بغليون غير مشتعل، كان يسعل حينما فتح فمه و بدلاً من أن تخرج الحروف، رأيت ذلك الدخان و بأنفة عالية مسح شاربيه الطويلين و أدخل يده في جيب بنطلون ملأته الحرائق بالثقوب، جاراً مصارينه كحبال، لكنه عندما مشى أمامي وقعت عيني على السكين المعقوف المغروز في ظهره، إلتفت ناحيتي بنظرة غائمة تشع حزناً و تقطر عينيه ماءاً و كأنه تحت وطأة شراب – إبتعدوا عن المكان فإنني الباشا، تراجعت قليلا و عاد الصوت ليقول إبتعدوا فأنتم تسدون الطريق إلى السماء.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">طفونا جميعاً لوهلة، أفقدتني القدرة على التوازن، ركضت أغنامي و شعرت بشئ يخترق ظهري و في تحليقي البسيط حدقت للأسفل أحصيت على الأرض عشرين أذن، مقطوعة و غير مشذبة و بلون أحمر مسود، شعرت بحزن الباشبوزق المترادفين بجثثهم الممتدة، و خلفي مر تيار هواء جاف و قوي لفجر لا يرى، تلمست موضع أذني عندما تحركنا جميعنا و حزنت كما الزرازير مفقؤة العيون،حتى حشرات الجُعل المتفحمة فوق فخار شراب العرق، سيوف المقاتلين، كل محتويات المكان طفت لأعلى وأخذت تطارد قافلة إتجهت جنوبا و دخلت حلم رجل، عبر فروة شعره المجعد و إستقرت ك كابوس.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الزبالعة</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كنا ثلاثة حتى عبور النهر، تطاردنا قبيلة الجموعية، تعوي كلابهم خلفنا، و كانت الظلمة تطوي الخيران خلفنا، جاعلة من الشمس مجرد قطعة كبد في السماء المضرجة بالدم، و مضت تلك اللحظات الجامحة بلا ترويض، أنفاسنا المتصاعدة مثلما ضعت أول مرة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كنت عارياً و جسدي يستعر بالحمى، في قرية الزبالعة، بالقرب من النهر، رددت عبارات إستحضارك، ألالاف المرات و إقترب مني الكلب الأسود، فوق كثيب النمل، وقفت مخدراً بسحر ما حتى خرج الزبد من فمي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">صافحت الشيخ مستنشقاً ظهر كفه، كانت رائحتكِ تملأ أنفي، قال لي: إذا السعية إنطلقت و المراح إنفك و المرافعين فتكت أقرأ الفاتحة. فكرت و قتها كيف: يمكن لذكرياتنا القديمة البحث عن أشخاص جدد، لتبدأ من جديد.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ثلاثة ألف فارس تصدينا لهم في وادي الكوت، كانت حرابنا هي الأسبق، و سيوفنا هي الأبتر، و طلاسمنا هي الأقوى، حملنا رأس ( قرن العلج ) و جبنا بها قرى البدو من الحاج عبدالله و حتى الشكابة. كما تصدى أبونا بجريد النخل ممزقاً عبيد ملك سنار.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عندما رأيتكِ أول مرة في قرية الرواشدة، عقدت خيط الحرير و نفثت فيه بهاروت و ماروت و بقدرة إمرأة العزيز، أذكر أنكِ أمضيتي أسبوعاً كاملاً تتقلبين في لهفة، كنتِ في بيت القش تحت عريشة السعف الرطبة، و كانت أهازيج الذكر تحملها الرياح، يدك باردة و السم يفور في داخلي، أدركت في تلك اللحظة أنني لن أعرف الراحة، تنشقت بعنف رائحة الكركار، وكان دخان الحرائق في جسدك يملأ رئتي، بينما جسدك الفضي يتلوى، فكرت وقتها أنه يجب حرق عقدة الحرير.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نحن الأن إثنين، و هنت قوانا و أمامنا نهر سيتيت، لقد طاردونا لأجل ما فهموه من شيوخهم، لأجل ما هو مكتوب في – أبوالرقيط، و هي الأن أمامي كالمنومة تدوس على حشائش الضريسة، تغطي بخمارها ضفيرتها المسدولة و الزاهدة في حركتها جية و ذهاباً على كتفيها المكشوفين، تشوشها رغبة في البكاء، في ترديد أهزوجتها: خايفاك يا أبكر بلاي ما لي مخافة , مجتازة كتل الطين اللامتناهية و المتشققة، جراء إنحسار المياه، بينما صارت خيوط الموج البنية المحمرة تتقطع و تتقلص عند قدميها و هي تعبر النهر، و شيئاً فشيئاً إنكشفت سرة النهر، خدعته الدائمة في الهروب من الزمن.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">هذا الوصف مُطابق تماماً لما تخيلته عنها، أنت تظن أنني أخفي جثة بت الرواشدة، البدوية التي من أجلها قتلت الموت مرتين، مرة حين إخبارك بالقصة و مرة حين حرقت الحريرة الحمراء، سأسلم نفسي للجموعية لأن طلسم الطين الذي يحميني تكسرو السعية إنطلقت و المراح إنفك و المرافعين فتكت ثم أقرا عليَّ الفاتحة.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">العرب</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بعد المعارك الجبلية التي خاضوها ضد البلاك وتش في تاماي، الأشباح التي تمتطي النياق على حدود مدينة الشيخ برغوت. عندما ظهروا في أعلى وديان سلالاب، كانت المدينة تغط في أقمصة ضباب الفجر، يقصدون الشيخ الذي تهابه السفن، محيين مجده في البحر الأحمر.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">تغطت أجسادهم بقطعتين طويلتين من القماش تحتها خناجر الشوتال، و بشعرهم الكثيف الذي يقطر ودكاً و خلف أشجار المسكيت، كانوا يتحركون بضآلة و يلفهم الهواء الحار القادم من البحر، حاملاً عفونة سبخة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">قبل المعارك الجبلية، كانت الأخبار القادمة من تاماي مخيفة، جيرالد جراهام و قوات النخبة يحشدون للإنتقام، و القرية التي ظلت ساهرة لمدة أيام، حتى سفوحها العلوية كانت جاحظة بسبب النعاس، يوشوشها الأفق الرمادي للجبال، عدا الغربان الجبلية التي ظلت تنعق فكل شئ قيد الموت حتى الكلاب و الإبل التي طوت رقابها هرباً من النحر.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">جاء الفيزي ويزي الملثمين يطرقون جدراً زمانية، مالئين بصراخهم بيوت الخشب، شاقين تلك السحب التي صبغت بالأبيض سماء الأصيل، جاءوا إلى القرى المنطفئة في شكل حِمم، نبؤة قديمة بحريق.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بدت القرية و كأنها تنتظرهم، فقد أعدت كل شئ حسبما إتفق قائدا المعركة من الطرفين مع ملائكة الموت، الجند المدربون على الإستلقاء عند الموت، الأشجار التي خبأتهم في مواقعها، دراويش المهدي الذين يحفظون ما يقولونه عند الموت عدا الفوضوية التي إستلقوا بها عند المدافع، حتى الذين دفنوا أجسادهم كفخاخ رقدوا ثانية، كل شئ مقدر – قالها الإمام، و رد السير جيرالد جراهام و هو يضع وسام الملكة فكتوريا في أعلى صدره، كل شئ مرتب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عادت الزخيرة تتدفق من جديد في الليل، بقي العساكر يستمعون صوت الرصاص بالليل، و كانت الصرخات التي تهبط على قلوبهم ثخينة، مثل الدموع. تحولت رياح السموم و عكست إتجاها، و سُمِع: " مغفرة الذنوب و بعث الجسد، آمين ". حيث كانت السماء تصلي و تدلت نجومها كمسبحة و فرشت ظلمتها الأبدية ثم حُبست الطيور و أغلقت الباب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">خرجت ثلاثة من الإبل و هي تعدو حيث مربع الجيش الإنجيليزي، رأى الجند ركضها المجنون و قوائمها المنحنية كما لو أنها ستنكفئ، لم يكن ثمة من يمتطيها، كانت مرتعبة من شئ خلفها، خلف الغبار الذي أثارته النياق بدت ملامح بشر بالإرتسام على التراب العالق بالجو، و شيئاً فشيئاً إتضحت معالم سيل جارف، الرصاص حرك تلك العتمة و ذابوا كظلال و مع ذلك صرخ أحدهم: إنهم ينبتون و أشار إلى أسفل قدمه حيث اليد الممسكة بسكين الشوتال تقطع عصبه أو أنه أصبح قاسياً لكثرة شربه العرق حتى غدا كالحطب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ربما هو صدى محبوس في تلال تاماي أو تربة مبللة، فبعد أول صرخة يتضاعف الصوت في الكتل الصخرية، فمن أقفل الباب وقتها لم يترك للجثث الراحة و لا حتى أن تجف من الدماء، تركوهم في جوف المرافعين – المكان الوحيد الجاهز لولادتهم مرة أخرى. كأن الموت هو الإحتمالات اللانهائية للفرص، حتى الجنرال الإنجيليزي الذي وضع مسلة كتذكار لضحاياه لم ينتبه بأنه باع رعب جنوده، عندما أخرج أوراقه للقدر الذي أخبره:أنتم مدينون بالكثير.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عندما خرج الشياطين من التربه، كانت المدافع تدوس الأشجار المتعبة، بصراخ بالٍ مستعمل، و بخفة راقصي البيبوب أنهكوا الشجاعة التي كانت موجودة في زمن مضى، و إلا من أين تخرج هذه الأوراق الحية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">*</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في كل فجر تهتز القرية كرعشة من فكر بالرجوع، و تبقى سماؤها المشخبطة بالسحب مثل جرح مفتوح بين ظلمة التلال. يخرج الفيزي ويزي كالكلمات التي تسمع في الأحلام و من بين الدروب الكثيرة التي تصله للبحر، يتخذون تلك القرى كي يمروا في أناشيد البداوييت، دون أن يجدوا ما يسدوا به رمقهم من الموت.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">رقص البيبوب</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في قرى تهميم، أقصى شرق السودان. تروي أغنية شعبية قديمة عن نمر أزرق. تغنيها البنات علي بعد الكيلومترات من التجمعات في الصحراء.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في مكان أخر يعلو صوت الطبول، يشكل الأولاد دائرة، الحشود تتوافد و تبدأ الهمهمة العميقة، الزفير الحار، رقص *البيبوب يشتد، يمسك كل واحد بالسيف ليعبر منتصف الدائرة قفزاً، الإيقاع يُضرم النار في الأجساد، و يأتي جني *الزأر العظيم علي هيأة رجل يرقص بالسيف ، يمده لتايقر في تلك اللحظة تحرقه قدماه، تظهر مخالب قوائمه الخلفية، يحرك زيله في غضب و عندما يقفز يتمزق *الصديري الأسود في الجو فيزأر من تجاويف حلقه، بالرغم من حلكة الليل كل شئ يتضح عندما يحط بقوائمه الأمامية الزرقاء في المنتصف، يوقف حكماء القرية الأنشودة، و يبدأون في تلاوة المديح النبوي مستنجدين بالشيخ *تاج السر الأكبر، يهدأ تايقر و يخفض الشباب سيوفهم، يخرجونه ثم مجدداً يُحرِق إيقاع البيبوب يدي شخص أخر و ينبت الريش، يسقط السيف في منتصف الدائرة و يضرب بجناحيه الأرض مفرقاً الغبار من حوله، لقد طار- أمنة غنت لذلك الطائر.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">الولادة الثانية</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">من الحديقة المنامية لبورخيس أفلتت أنثى نمر ، أسميتها " فاء "، تتبعني منذ أيام، لاحظتها أول مرة و أنا أغسل أسناني قرب شجر الأراك، وجدت الأغنام ميتة، بطنها ممزقة في الخارج، لم أحتمل المنظر و ركضت في الشارع، دخلت الكوخ و أنا أرتعد، خِلتها تطاردني، ثم عندما باغتتني بشراسة، خلعتْ قميصي، و كان قلبي يفرفر، ثم خلعتْ جلدي، و لبسِتهُ.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أخبرت ساحر القرية بأن هناك نمر يطاردني، لمس رأسي و بدا يدخل يده في فمي، غطست يده بالكامل داخل حلقي، أحسست به ينتزع روحي، دخلت في غيبوبة و بعد ساعتين كنت قد إستيقظت، كانت القرية بأكملها تحملق فيّ، يحيطون بالكوخ و في أيديهم حِراب و رماح خشبية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مدّ والدي ماعون حديدي كبير، به شئ أحمر داكن ممزق. باركت القابلة لوالدي الولادة الثانية:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- هذه كبدتك، هي ما تبقى منك.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أشباح غريغور سامثا</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد حلمت بفرانز كافكا، رأيته يعتذر لغريغور سامثا، رأيت الرجلين أو لنقل الرجل ونصف الحشرة، بقشوره وعجزه عن الحركة؛ كان كافكا يحتضنه ويبكي، سمعتهما يتكلمان من بعد، سامثا يلوم خالقه عن الاستيقاظ المبكر والمزعج ذلك، عندما اقتربت من الرجل ذي المعطف الرمادي، كانت ملامح الحشرة التي يمسكها بين يديه تتضح، وما بدا لي أنه غريغور كانت لديه نفس تكشيرتي، كنا عابسين تماماً كما لو أننا الشخص نفسه، والآن أنا خائف من أستيقظ.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">حملوا مشيمتك للنهر، في صحن النحاس و كانوا يغنون، من إختاروا ليندهوا إسمه في القرير، الجانب الأخضر من النهر. أنت أفضل من أولئك الحمقى الذين أكلت مشيمتهم القطط في الشفخانات، حملت قلق النهر و تذمره الدائم من الضفاف، نجوت من طائر " الحريم " و تشبثت بالتمر الذي تسرب إليك بالدم، رقصت و أنت على متن الحمار و خلفك الصبية، و عندما عدت دسوا لك الجنيه الإنجيليزي تحت مخدعك، نمت و أنت تخفى الوجع في آيرك و قد إنتشيت بالهواء الذي تسرب تحت ملبسك الخفيف.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">تذكر عشاء الميتين الذي أكلته يوم ركضتَ مع الأطفال، ركضت معك زرازير الجنة، و أنت تضع الحجارة و الجريد، ماذا سمعت من داخل المقبرة، هل كان تحت القبة شيخ، و العظام التي تجدها في الليالي المقمرة حين يبحثون عن " شليل " تحت الرمال البيضاء، لمن كانت. و عندما كنت تختبئ في لعبة الإستغماية، لماذا لم يستطيعوا إيجادك.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نجوت من الجدري، و نجت قدميك الضعيفتين من شلل الأطفال و من رياح الخماسين التي تحمل الطلع، و من الغرق في جداول ري الزرع، من التسمم بعلب الصلصة المنتهية الصلاحية وقت التساب، الملاريا و عمى الرمل، نجوت من التلعثم و لم تنطق، دربت عيناك الجائعة من العشى الليلي ك- سمك الكور عند الفيضان، نجوت عند سرقة الدجاج و ثمار المانجو.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">السرير الخشبي الذي حملوه، رابطين جريد النخلة، هل منحك العزاء و قد صارت دموعك كالنطرون تدعك من عينيك غباشة الدميرة، عندما توقفت كالساقية الأم و إنهارت بك الضفة الطينية هل عبرت المياه إلى الساقية البنت، أم كان الحفير الذي في قلبك أكبر من جدول " المترة "، تعرف أن المزارعين يدفنون أوجاعهم عند كل - كربان مع البذور.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ماء زمزم كان يصب في النيل، و الأرض مطوية كجريدة نخل في يدها و هي عائدة مبتلة، باردة كبداية شهر محرم، و نقية كالجرار المعبأة لتوها. يانعة كما لو كانت ثمر بلح أخضر، و هي تضع الخمار على رقبتها حرضت طيور الدباس التي إصطفت على أذنها المزينة بالعكش و صارت تردد إسمها، تحبها مثل مجئ الرهو، وصول الحضرة للدراويش، و تتخيلها بالقرمصيص ترقص في ثورة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">و عند صنم أبودوم، مثل الكثير من عازفي الطنبور، غنيت لها و أنت تحملك المراكب من غربة لغربة، بحثت عنها و قبل أن تزول الحناء من أيدي البنات، تحت نوار القمح الذهبي، في جذور نبات السِعدة، بطون الصِفيرة، في سَمر مرتادي بيوت العرق، بمشنورات العمال، من بيوت ولاد صبير و حتى جبل البركل و قبل أن تزول الحناء من أيدي البنات، عند كل تساب إنتظروك خائفين و مغنين.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">قاتلت مع الملك صبير، هناك في كورتي و أبصرتها و هي تزغرد، وقعت في عشقها المميت، مت هناك و إستيقظت مع جنود جاويش و هي تطارد الأعاصير في الصحاري ثم مت ثانية في شندي و رأيته بأم عينيك التي سيأكلها الدود، رأيت الباشبوزق و هي تشتعل و فرحت، كنت ترجو الريح أن تفك ضفائر البنات المعقودة و هن يغرقن، قاتلت مع الملك رباط، و وثقت في خطابات العنج ثم قتلوك في سنار، إنتقمت من جنود هكس باشا في غابة الأكاسيا، أصبت بأعيرة نارية في يديك، و كانت رابحة الكنانية تعدو، و ذقت خدوش القطط تحت ملابسك، أكلت الفئران عند حصار الأبيض مع القبطيات الجميلات، تحملت صلف الجهادية، رموك مع أطفال الكبابيش على سكاكين البنادق، إسترقوك و نفوك من روح الإله دينق، مت في حظائر مع السنرائيب في مرتفعات سنكات و ناحت عليك البجاويات بالبداوييت، إستيقظت مع محمد المهدي و غفوت، قتلوك في السوق و كنت تبكي على ودحبوبة، فاوضتك ملائكة الموت ك - رث مقتول، قتلتك ملاريا الإستوائية و دُفنت مع عبيد حاج الأمين، نبشت قبرك و عدت إلى الخرطوم، أحييتك زغرودة العازة و كنت مع الكتيبة التي تمردت، لازمت خليل فرح في عنبر الصدرية و كنت تكح، كما في عنبر جودت حينما إختنقتم، و حينما أصاب القرشي عيار طائش كنت ترافقه تحمل دفاترك، مِن سجن إسماعيل الأزهري – سمعت النعي المخزئ لزميلك في الزنزانة: توفي الأستاذ بالمعاش، إنهارت عليك حوائط قصر الضيافة، وقفت عند حائط سلاح المشاة بشمال أمدرمان حينما ثقبت الرصاصات ضباط الشيوعين، لم تتقن الموت كنت كخط زمني من الحيوات يسير بإتجاه الحياة، حتى عندما إلتفت المشنقة حول الشيخ السبعيني، كنت مع حسن حسين في دبابته حينما إقتحم الإزاعة، و أصبت في قدمك مثله، ركضت لتحيا و نجوت من ميتات مهولة، كمن تعود على الموات، فقدت يديك و قدميك في قوانين سبتمبر و مع ذلك كنت تنمو بشكل مصفوفة من الأعداد الناجية تماثل في عوالم موازية أرقام ميتة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عدت مع جنرال أخر يتأتئ في خطابه، بأكثر من وجه، و إستيقظت عندما غرسوا المسمار على جمجمة دكتور، نبشت قبور الضباط المجهولين، أصابك الرصاص في الميل أربعين، قتلنك في مرافيت – البنات، فتشت الطائرات كلها و سقطت بها كمن يخشى من مؤامرة، طعنوك في أزقة الجامعات بالسيخ و السكاكين، و حينما إقتربت مع سنهوري من الرصاص، مات هو و تركك، لم يعد بمقدورك تكرارها، حاولت و هزاع تركك، كتب وصيتك الشعراء و ورثك الساسة، و إقتسمها اللصوص.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">المسيح الأسمر</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">" هنالك نمل كثير يتسرب من مؤخرة رأسي , أحس به كقطرات ماء تسيل على رقبتي و يداي مثقوبتان بالمسامير " يقول المسيح في اللوحة رأيت في الحلم الهارب من دم الخواجة، أنهار الذهب في فازوغلي يغسلها المطر و تخرج من ذروة سنام التلال العروسات. فساتين المأتم تُلبس من جديد و الخواتم تقطع الأصابع.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كانت النوبة فيما مضى تنتظر الله في قراها، بينما هو يرتحل مع البدو في خيامهم، يرتحل في سطوة الحكايات حيث يمتطون الهجين السريع لسلب المسافرين و كنا طُعم قراقير صغيرة و إصطادونا في الطريق من بولاق.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">خرج من نبع الواحة من بين العشب و برزت يده مبرؤة من المسامير، مدها لنا لكي نطال الفجر و تحركت الأشكال الناعمة البراقة و لم أستطع، كنا عطاشى للسر أثمين بسرقتنا دور العبادة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">جاءت الزغاوة تبيع المواد الغذائية و تبيع القدر، جلس الرمالة و رسموا النقاط على غير عدد، الأقواس التي إنحنت أرباعاً، خرجت منها بطونها الأمهات و عندما رأيت العتبة الداخلة عرفت أنني هالك.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لذلك أكتب الأن: هنالك نمل أبيض يتسرب من حقائبنا , أحس به كقطرات ماء تسيل على رقبتي و يداي تحملان البرواز الخشبي. لازمت الخواجة كظله، أزحت العقارب عن قبعته، مسحت الدمامل من قدمه ونجوت عندما طاردتنا عساكر البوشناق المسلحة، سمعت حكاياته و هو يتلمس القلادة من جيبه:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">سكنت في ويلز حيث ينحدر التل و تصعد على ظهره المدينة كأطفال صغار، راقبت الضباب يمسح الشروق و الغروب، نوقظ سكسونيا من أيديها، فنحن ساعاتية – أقاطعه و كأني أفهم، ثم يواصل كان يخبرني بالمجد و بالمائدة المنسية، التي يشقها نهر الرب، من بين الموائد التي أنزلها الرب على تلامذة المسيح. حلمنا برؤية سرة النهر، حيث يغتذي من رحم فراديس غامضة، رحنا نتلمس العمود الفقري لطريقنا بداية من دروب الواحات إلى دور النسطوريين المجهولة. منحنا مغاربة الصحراء الأموال لنعبر وديان النطرون، إفتقدنا فيها الماء العذب، و أُرهِقت أكبادنا بطعمه الأسِن.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أخبرته عندما حلت مجاعة أم لحم على قومي : لوكان الكيل بالكيل ما كان ماتوا بالحيل و كنت أراهم عند جبل البركل و أنا ساهر على موتهم، شاهد على توقف اللهاث في تلك اللحظة، تجصصها الأبدي في لوحة – عندما قايضونا أرض بأرض و دم ببقط.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أخرجتني من الجبل إمرأة ذات وجه نحيف، تماثل وجنتيها في الكبر و طول أنفها، و لم تلفظ كلمة، جرتني من ثيابي و جردتني من النظر إليها في عينيها المحاطتان بالكحل الحجري، إستلت أشعة الشمس و جعلتها ترقد على حجرها، و كان لونها أسمراً، و كنت جائعاً ألعق تماثيلاً ذهبية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كان للعجوز ظهر محني، أرتني خط الحياة في يدها و قد مدتها ليرضع منها الأطفال، أمسكت يدها مثلهم و عشت. هاجمتنا أشباح عرب مقرات و صوبتُ النار على – الهمباتي نعيم و لم يمت، فتح ذراعيه المليئة بالتمائم و قال صوب مجدداً، و قد فعلت ذلك و أسرف جسده في بلع الرصاص – يا يسوع، إلا أن العجوز ميريام أنقذتني، نسختني لأنني كنت مذعوراً، طمأنتني ممسكة بيدي النحيلة السوداء، عرفت فيما بعد أن النار التي أشعلها العبابدة في جسد الطريق كان تشتعل في أفاعي الصحراء. شممت رائحة الموتى التائهين من القرى الطينية، و رأيتها بين جسدي اللصين واقفة و إبنها رفع شجرته تركنا و مشى.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">إستند على ذراع الخواجة و رسم الصليب و قال هذا هو موتي، إشتد وهج النهار و لم تعد كسف الظلال الساقطة لتغوص في بيوت الطين حتى راحت الشمس تدور إلى الخلف لتعود إلى لحظة دخولهم الجبل، حيث لوحة المسيح الأسمر يمسك بيده الصغيرة ميريام.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">هوى على بعد عدة خطوات و هو يزبد دماً و إرتطم بالأرض إرتطامة جافة و تفتت و كأنه كتلة من طين، أخذ الحزن يأكلني فلم يعد جسدي خبزاً و لا دمي خمراً و كان تراب الصحراء يملأ فمي و يكشط جدار حلقي و عيناي تغوصان في ظلمة و شعري القرقدي إمتلأ بالتراب و إنفتح الباب جانحاً إلى الخارج و هناك رفعت ميريام السمراء صوتها: لا تخف يا يسوع، لا تخف يا إبني.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مريض رقم (1)</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لا يبدو عليك أثر مرض، كل ما في الأمر عينيك تبرقان بشدة، تلمعان كفلاش كاميرا. لست مصاباً باليرقان فالمساحة التي تصفر في العادة إنمحت، لكنك تخبرني بأنك تسمع صوت نغمة رسائل في بطنك، و هذا ما لا أجد له تفسير، عليك ببلع حبوب الحموضة لتفادي حالة الغثيان المفاجئة، الزانتاك أفضل. كل نتائج تحاليل الأشعة جيدة، التلوي الذي تحس به أمر عادي، مصرانك في مكانه لم يذهب حيث قلبك، مازالت طياته جديدة، لذلك لا تكويه. كل معداتك الداخلية منتظمة، حتى المادة الصفراء لونها أصفر، أمزح طبعاً.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- و لكن دقات قلبي غير منتظمة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عليك بتمرينها، يومياً إختبر ثلاثة مواقف متتالية، إفرح و إحزن و إطفو.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- هل يمكنني أن أحب.؟</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد قاطعتني مرة أخرى، بإمكانك قراءة الروشتة و هي فارغة كما ترى. و هذا ما لا يمكنني تفسيره، أخبرني مجدداً، ماذا أكلت بالأمس.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- أود إخبارك بأمر. لقد إبتلعت هاتفي يا دكتور!.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مريض رقم (2)</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">عزيزي الدكتور أوليف كراوزة، أود إخبارك أنني قدمت من مترو مدينة بون، بعد أن قطعت تلك المسافة من كولونيا حتى جادة فيزيلينغ حيث البنايات ذات اللون البني قد إكتظت بالأشجار المريضة ذات الأوراق الصفراء المتساقطة، برغم السماء الملبدة بالغيوم إلا أنني خرجت بمعطف فقط، بدون حذر الدوتش حاملي المظلات.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد إنتظرت إسبوعاً كاملاً – أخبرتهم أن حالتي حادة و أنني أسمع أصواتاً في رأسي، قلت ذلك بلغة مكسرة، جعلت المضيفة التي على الهاتف تضحك:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- يمكنك زيارتنا بعد إسبوع في العيادة النهارية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كانت الحرب قد إشتعلت في البلاد الكبيرة، نزحنا جميعنا ناحية الشمال، أتذكر كل شئ بوضوح، فتحت لنا أوربا حضنها الشائك، كنا خليطاً من البيض و السود – هكذا تصورت العالم سيتجمع في حاملة حلوى مشكلة و سيطعمه الرب للملائكة الصغيرة في عيد القيامة، و لكن أن تفاجئنا صيحات الحياة: حلوى أم مقلب، فإننا سنشرب المقلب الأبدي كمغفلين.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد إنتشرت موجة التفجيرات في الأيام الأخيرة، إنفجرت ركشة كان يقودها مجنون ملتحي، قبلها إنفجر حمار، و قط في مقهى، و سحابة عصير في فم فتاة، لم يعد ثمة مهرب، أنا أؤمن بأن الناس عندما يموتون فإنهم يصدرون موسيقا، بالأمس إنفجرت عربة أمجاد، مات الجميع – عدا السائق الذي عندما فتح عينيه و تسربت لأذنه أغنية حقيبة لأبو داؤود، و موسيقى بداوييت قديمة ممتزجة بأغنية لأليسا و نشيد مجاهدين، أخذ السائق يصرخ: أغلقوا الإذاعة و لكن الدم النازف من أنفه و فمه جعله يسعل، ثم إنكمش و صدرت عنه أغنية " سعاد " للكابلي، أقسم أنني سمعت حتى السياط التي تتخلل الأغنية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">جلست عند مقاعد الإستراحة، لم يكن هنالك ممن يطلبون الإستشارة النفسية، جلس قبالتي رجل عجوز و فرد صحيفته، تحدثنا سوية عن أخبار طالعها اليوم، سألني هل توفي جون لينون، أخبرني بأنهم يسكنون دولابه، منذ أن كان صغيراً كل الصور التي إقتصها من المجلات كانت تتحرك، فرقة البيتلز عزفت له و غنى معهم، جعلني أضحك، و عندما إنتبهت لصوت مساعدة الطبيب: تبقى لموعدك عشرة دقائق، رميت الجريدة و و قفت لوحدي و أدخلت يدي في بنطال الجينز و طويت صورة بول مكارنتي، سألتها عفواً: أين الحمام ؟.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">دكتور أنا أعتذر لو كانت تفوح من فمى رائحة البيرة، لكنني أريد أن أخبرك بشئ، الأريكة مريحة و أنا خائف من إضاءتك المنخفضة تلك، لم أنم لمدة أسبوع و النظارات التي أضعها حاولت بها إخفاء الهالات الحمراء، التي لم تختفى بباودر الأطفال، أنا أملك القدرة على تتمة حلمي - أقصد إكماله من حيث إنتهى، كنت غالباً ما أنجو من المشاكل التي تعترضني في الحلم، لا يستطيع الصباح إعتراضي على تكملة موعد ضربته في حلم، زجاجة بدأت شربها قبل أسابيع يمكنني إكمالها، أي أغنية سمعتها في فونوغراف الحلم أكملتها. و لا أستطيع النوم الأن، فقد تركت رصاصة معلقة على جبهتي منذ ليلة الأحد الماضي و لا أعرف ماذا أفعل، سأموت إن رجعت، لم أعد أملك الثقة الكافية لأتأكد ما إذا كانت نظريتي حول الجثث التي تصدر الموسيقى صحيحة - أرجوك أوقف أغنية (a hard day,s night ).</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مريض رقم (4)</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بعد عام من سبتمبر 1983م، إستيقظ سكان قرية نائية على شريط النهر الشمالي مُصابين بداء كسر الجِرار، بعد ليلة سُكر عظيمة في زواج جعفر، عربد فيها المراهقين و لم يرجعوا لبيوتهم، رمت الفتيات شعرهن المجدول على من يحبّن، بدون خجل. تعارك الرجال في المناطق المظلمة و إستلقوا على الأرض و ناموا.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">إستيقظت ست النفر و كانت أعراض الثمالة تعصف برأسها و تركيزها، أخذت تجرجر قدميها تجاه زير المريسة، في المطبخ الطيني و قبل أن تصله قررت شرب المياه الباردة، أحست بطعم لاذع، فكرت ربما في الكوب، منعها الصداع من التحديق في قعره النحاسي، أحست بأنها إبتلعت طحالب خضراء، في بلد لم يكن فيه مذياع لتسمع عن العاصمة، عن جعفر الذي في البندر.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كانت الرغبة في تحطيم جرة المريسة تتعاظم، ذلك الشئ المخيف و الذي تسرب في روحها، محركاً يديها لتدفع إناء مريسة السمسم الغالي و تكسره، ذلك الشئ الأخضر القمئ، يشبه رداء البوليس و إسمه شريعة، كان محمولاً في ماء النهر.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مريض رقم (5)</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">يدي ستأكلني و أنا خائف من هذا، وضعوا لي الحناء منذ أيام و لم تتلون يدي، كان الأمر مريباً لدرجة أرادت أمي قطعها و وضعها داخل الوعاء الطيني لمسحوق أوراق شجر الحناء.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أصبحت تراودني هذه الأفكارمنذ مدة ليست بالطويلة، كنت أهمل فيها نفسي تماماً، أقضم أظافري حينما أحس بإشتهاء ذلك، لا أغسلها، منذ صغري كانت يدي صديق الخيالي، أُصير أصابعي كأقدام سوبرمان و أتعارك بها مع الأخرى، أدسها في خجل عندما أقف أمام الفصل و أنا في درس المطالعة- كأنما أدس كيس حلوى من الأخرين.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">حاولت أن أتلغب على خجلي، دربت أصابعي على الطرق للمشاركة في حل الأسئلة، إلا أنها سرعان ما كانت تخذلني، فيختفي الصوت في الفراغ، أجدني أعرف الإجابة و لكنني أعجز عن الإجابة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أُعرض يدي للشمس، أقودها للنزهة ككلب مدلل، مجبراً على حملها، لأنني لا أستطيع تركها حرة هكذا، لمرات كثيرة كانت يدي اليمنى تسبب لي الحرج، أعني أنها كانت تسارع لتسالم المارة فيضحكون، أضحك وقتها لكن سرعان ما يتملكني شعور بالحرج.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أعتني بيدي، أمسحها بالمعطر و مرطب البشرة. قادتني يدي للتعرف على أجزاء أخرى من جسدي، و كمراهق أخرق صرت تابع لها. كان الأمر شهياً بلا شك، ذات مرة حلمت بيدي تمر على شعر فتاة، كان أسوداً فاحماً لدرجة أنني لم أرى يدي، كانت تغطس في ليونة أبدية، إعتقدت أنها إختفت هناك، كان ساعدي بدون مرفق، إستيقظت مفزوعاً لأجدها موضوعة في أماكن مريبة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">تمردت يدي ضدي مجدداً، أصبحت تبدي غضبها بوضوح و ترتجف، حاولت أن أتعايش مع نوبات فزعها تلك، حتى إن عظم بنصري ظهر كبروز، صار يشعرني بالحرج حينما أصافح أحدهم، و كأنه شتلة تمر جانبية أو أصبع جديد ينمو، فكرت في إرتداء القفازات، معاقبة يدي بحرمانها من كل شئ.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">سأخلع مرفقي بأكمله، لأنني أحس بأن يدي ستأكلني. أقسم أنه ليس تهديد، حاولت يدي خنقي بالأمس، نما شعر رمادي على ظهر أصابعي و أصبع بروز العظم كأصبع سادس، لم يعد بإمكانني الكتابة. برزت العروق من كلتا يدي، كانت خضراء و بها عُقد كعيون مغمضة، بدون بصمات واضحة و مسطحة، حتى الخطوط العرضية إنمحت، الدم المتدفق على الورقة التي تراها الأن، سببه العنكبوت الذي تحولته يدي، حاولت قتله عبر غرز القلم فيه مباشرة، لكن ذلك الشئ أفلت لذلك أنا خائف من يدي، ستأكلني أو ستأكل الفتاة التي سيزوجوني إياها.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">شقة الفيصلية</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">قرأت هذه القصة في جريدة وجدتها ملقاة بالقرب من مطعم , كانت ملفوفة بإحكام و فارغة من الداخل , تصفحتها بعد تناولي سندويتش طعمية و تقيأت بعدها , ذلك الشئ العفن بداخلها دفعني إلى طيها و تمزيقها ثم رميتها بعيداَ.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بإمكانك تسميتنا بالهاربين , نحن بإنتظار مراكب الإسكندرية الصدئة لنعبر المتوسط , طالت الفترة التي قضيتها في مصر كشخص ذو نية للهجرة غير الشرعية , تحصلت على الأموال التي في حوذتي من والدي دفعتُه لبيع حيازته من أراضي محصول السمسم , أخبرته بأن الأمر سهل , إلا أن فترة إنتظاري في مصر طالت , و يبدو أن المتوسط قد شبع من جثث الأخرين و لا يرغب فيَّ حتى كجثة طافية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كثفت الشرطة المصرية من مراقبتها للساحل في الشهور الماضية , اليوم أنهيت إفطاري و تقيأته، صرِتُ الأن متردد و قلق بسبب ذلك العنوان اللعين بجريدة مرمية :</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">جثث بلا أعضاء.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ﻣﻦ ﻧﻮﺍﻓﺬ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻌﻔﻨﺔ ﻓﻲ ﺣﻲ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ ﻭﺗﻢ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ.. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻠﻠﺖ , ﺳﺒﻌﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺻﻮﻣﺎﻟﻴﻴﻦ</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ﺗﻢ ﺳﺮﻗﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﻠﻮ ﺍﻵﺧﺮ، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺒﺪ ﻭﻻ ﻗﻠﺐ ﻭﻻ ﻛُﻠﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﺍلجثث ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮَّ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻳﺎﻡ. أما تلك الجروح المخيطة بدأت بالتفتح , كانت أجسادهم ملقاة كدُمى دببة يظهر القطن من بطونها الممزقة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد تذكرت , أظن أن الخبر لم يكن بتلك المأساة , أظنه خيالي المريض , ربما كانوا في زيارة عادية لعيادات أطباء طيبون , أو يمتلكون من النية الطيبة لوهب الأخرين زوائدهم العضوية , قد يكونوا أكثر حِنية و يمتلك الواحد أكثر من قلب أو كبد , لذلك بكرم السودانين قرروا منحها لأخوتهم.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في اللحظة التي سأخبرك فيها أن تتوقف , ستتوقف و تنسى ما أخبرك به , أنا أيضاَ مقاول و لكن من نوع خاص , تخصصت في إحضار من تقطعت به السبل , مثل حالتي , بعدما إنقطعت أموالي و بعت إحدى كليتي , أخبرهم فقط بمكان العيادة , و أخذ ما أقتات به لشهر لحين عودة القوارب , فصل الشتاء يجعل البحر مكنسة ضخمة لقوارب الهروب , تلك الكلى ذات اللون القاني غالية , و نحن نستطيع العيش من دونها , الكثير من مروا بواسطتي إستطاعوا الوصول لأوربا برغم عوزهم، بكلية واحدة فقط.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في الحقيقة لا أستطيع أن أجزم بأن الجميع يسافرون , فمرة دخل محمد الفوراوي تلك الغرفة بائعاَ كلية واحدة و خرج فاقداَ لكليته و جزء من كبده , لم ينتبه للأمر إلا عند وصوله للدنمارك , أظنه سبني و لعنني , ههه و يود قتلي , لكنه قبض مبلغاَ كبيراَ من العائلة المصرية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مرة حاول خمسة عشر شاب سوداني الهروب لإسرائيل , و إتفقوا مع شيخ من عرب سينا , في الليل وضع لهم المنوم , و عند الصباح إستيقظوا في الصحراء , كادت أصوات مايكروفونات أن تصم أذانهم , لكنهم كانوا فزعين , ركضوا , تناثروا في تلك الرمال يتعقبهم رصاص حرس الحدود , كانت الرصاصات تخترقهم و تخرج من الجانب الأخر ك أكياس نايلون بينما أخذت الريح تطير أجسادهم , بإتجاه الرياح الشمالية الشرقية الباردة القادمة نحو تل أبيب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لم تغادر مجموعة شقة حي الفيصل المدينة , لم تستوعبهم القوارب بعد و لم يصيروا جزءاَ من مخيلة الصحراء أو سرد رشاشات حرس الحدود.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كان عميلهم يونس المصري من طرف المشتري , و من طرف البائعين أدم أبكر , أما كيف إلتقوا , قبل أسابيع و في ميدان سليمان جوهر بحي الدقي , الساعة الثامنة صباحاَ مجموعات من السودانين تجوب الميدان , يتواجدون بكثافة عند القهاوي , إقترب منا الشيخ يونس , كان وجهه أبيضاَ تحيط به ذقن دائرية و بحاجبين كثيفين تفرس وجوه الأشخاص الجالسين ثم جلس واضعاَ يديه حول كرشه و إلتفت ناحيتي , كنت بجواره تماماَ حين همس:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- السودانين أجدع ناس و اللاي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">حينها ضحك أحد الشباب بجوارنا , و زاد الحوار إستفزازاَ حين إمتعض و قال:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- الحلبي الخول دا شن داير..</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أظنه كان توقيتاَ مثاليا حين حضر القهوجي بمريلته المتسخة و طلب البعض قهوة و شاي. لم يُعر الشباب ذلك الرجل أية إهتمام الذي عقب بجملة :</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- ياض حساب الشباب دول خالصين.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">إستنكرت فعلته تلك و قلت , بإمكاننا الدفع , حينها إلتفت و نظر إليَّ و قال:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نحنا إخوات , اذا إحتقتوا لحاقه أولو لولي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لأيام تلت كرر فعلته تلك , إرتحنا له قليلا و بادرناه الفضفضة , يومها همس في أذني:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- تبيعوا صفاية و له لمبه ؟!</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">تلت تلك الأيام فترة سيئة لم أكن أملك فيها ما أقتات به، جعت طيلة المساء فيومها قررت فقط التوجه إليه ليقرضني المال الكافي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">شلة حي الفيصل , ثلاثة منهم كردافه و إثنان من قبيلتي , و إثنان من منطقة الجزيرة , و صوماليين , كنا في إنتظار المركب " فرج " , و لما كانت أمواج البحر تتلاطم و في أوجها , لم يكن ثمة مفر.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أنا أدم أبكر , و كل ما يقوله جيران الشقة حول عواء سمعوه من الشقة , و عن كلاب ناوشت بعضها ليلا هو كذب , حتى تلك الجروح الجانبية في خصورهم لم تكن مفتوحة , لقد أجروا العملية بخير , الدكتور و الشيخ يونس المصري أخبراني بذلك في الهاتف , قد يكونون نيام , لكنني أقسم أن سندويتش الطعمية بسلطة الخضار تحول إلى كبد و أمعاء بشرية ملفوفة بداخل قطعة الخبز , لم أستطيع مضغها و تقيأت جلداَ من بطني.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">التي تخيف إبن سيرين</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">سأل رجل إبن سيرين، كيف تحلم، فقال أحلم حتى أشبع، قال هذه عادة الدواب- قُطع الحديث هنا و خطرت للسائل فكرة، أن يطلق بكل بساطة دابته تلك. يقول مفسر الأحلام: أكثروا من رؤية من تحبون َ، فهذه العيون تُرفع، و الرفع هنا منزلة في الشوف، و الشوف قصر النظر و طوله في الداخل، فكيف بمن يحكي حكاية، و كيف بما في صدور الرجال؟ قال: تسري عليهم ليالي فيصبحون قفراً وينسون دوابهم تعلف ما يحلمون به ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم، وذلك حين يقع القول عليهم".</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">و ما القول، و كنت إذا دخلت الحديقة دعوت: بحبك، هكذا التي بدون شروط، التي إن سكت عنها أكلتني، التي تخرج كمانجو - حادقة، أحبك التي لا تجيد غير نفسها، التي تكون مزيلة بكلمة بس. كانت الأشجار تأكلني، تغرس جذورها في رقبتي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أحبك التي تمر في جحر نملة، أحبك التي تسع السموات السبع، و التي تشعل النار في دمي، أحبك التي تجرف بيوتي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">التي نكتبها في أدراج الفصل، و جدران الطوب الأخضر، التي تأكل ما قبلها. التي يهابها إبن سيرين-إذا مرت في حُلم.</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">شقة الفيصلية</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">قرأت هذه القصة في جريدة وجدتها ملقاة بالقرب من مطعم , كانت ملفوفة بإحكام و فارغة من الداخل , تصفحتها بعد تناولي سندويتش طعمية و تقيأت بعدها , ذلك الشئ العفن بداخلها دفعني إلى طيها و تمزيقها ثم رميتها بعيداَ.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">بإمكانك تسميتنا بالهاربين , نحن بإنتظار مراكب الإسكندرية الصدئة لنعبر المتوسط , طالت الفترة التي قضيتها في مصر كشخص ذو نية للهجرة غير الشرعية , تحصلت على الأموال التي في حوذتي من والدي دفعتُه لبيع حيازته من أراضي محصول السمسم , أخبرته بأن الأمر سهل , إلا أن فترة إنتظاري في مصر طالت , و يبدو أن المتوسط قد شبع من جثث الأخرين و لا يرغب فيَّ حتى كجثة طافية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كثفت الشرطة المصرية من مراقبتها للساحل في الشهور الماضية , اليوم أنهيت إفطاري و تقيأته، صرِتُ الأن متردد و قلق بسبب ذلك العنوان اللعين بجريدة مرمية :</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">جثث بلا أعضاء.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ﻣﻦ ﻧﻮﺍﻓﺬ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻌﻔﻨﺔ ﻓﻲ ﺣﻲ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ ﻭﺗﻢ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ.. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻠﻠﺖ , ﺳﺒﻌﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﺻﻮﻣﺎﻟﻴﻴﻦ</span></div>
<br />
<div style="margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
</div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">ﺗﻢ ﺳﺮﻗﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﻠﻮ ﺍﻵﺧﺮ، ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺒﺪ ﻭﻻ ﻗﻠﺐ ﻭﻻ ﻛُﻠﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﺍلجثث ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮَّ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻳﺎﻡ. أما تلك الجروح المخيطة بدأت بالتفتح , كانت أجسادهم ملقاة كدُمى دببة يظهر القطن من بطونها الممزقة.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لقد تذكرت , أظن أن الخبر لم يكن بتلك المأساة , أظنه خيالي المريض , ربما كانوا في زيارة عادية لعيادات أطباء طيبون , أو يمتلكون من النية الطيبة لوهب الأخرين زوائدهم العضوية , قد يكونوا أكثر حِنية و يمتلك الواحد أكثر من قلب أو كبد , لذلك بكرم السودانين قرروا منحها لأخوتهم.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في اللحظة التي سأخبرك فيها أن تتوقف , ستتوقف و تنسى ما أخبرك به , أنا أيضاَ مقاول و لكن من نوع خاص , تخصصت في إحضار من تقطعت به السبل , مثل حالتي , بعدما إنقطعت أموالي و بعت إحدى كليتي , أخبرهم فقط بمكان العيادة , و أخذ ما أقتات به لشهر لحين عودة القوارب , فصل الشتاء يجعل البحر مكنسة ضخمة لقوارب الهروب , تلك الكلى ذات اللون القاني غالية , و نحن نستطيع العيش من دونها , الكثير من مروا بواسطتي إستطاعوا الوصول لأوربا برغم عوزهم، بكلية واحدة فقط.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">في الحقيقة لا أستطيع أن أجزم بأن الجميع يسافرون , فمرة دخل محمد الفوراوي تلك الغرفة بائعاَ كلية واحدة و خرج فاقداَ لكليته و جزء من كبده , لم ينتبه للأمر إلا عند وصوله للدنمارك , أظنه سبني و لعنني , ههه و يود قتلي , لكنه قبض مبلغاَ كبيراَ من العائلة المصرية.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">مرة حاول خمسة عشر شاب سوداني الهروب لإسرائيل , و إتفقوا مع شيخ من عرب سينا , في الليل وضع لهم المنوم , و عند الصباح إستيقظوا في الصحراء , كادت أصوات مايكروفونات أن تصم أذانهم , لكنهم كانوا فزعين , ركضوا , تناثروا في تلك الرمال يتعقبهم رصاص حرس الحدود , كانت الرصاصات تخترقهم و تخرج من الجانب الأخر ك أكياس نايلون بينما أخذت الريح تطير أجسادهم , بإتجاه الرياح الشمالية الشرقية الباردة القادمة نحو تل أبيب.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لم تغادر مجموعة شقة حي الفيصل المدينة , لم تستوعبهم القوارب بعد و لم يصيروا جزءاَ من مخيلة الصحراء أو سرد رشاشات حرس الحدود.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">كان عميلهم يونس المصري من طرف المشتري , و من طرف البائعين أدم أبكر , أما كيف إلتقوا , قبل أسابيع و في ميدان سليمان جوهر بحي الدقي , الساعة الثامنة صباحاَ مجموعات من السودانين تجوب الميدان , يتواجدون بكثافة عند القهاوي , إقترب منا الشيخ يونس , كان وجهه أبيضاَ تحيط به ذقن دائرية و بحاجبين كثيفين تفرس وجوه الأشخاص الجالسين ثم جلس واضعاَ يديه حول كرشه و إلتفت ناحيتي , كنت بجواره تماماَ حين همس:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- السودانين أجدع ناس و اللاي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">حينها ضحك أحد الشباب بجوارنا , و زاد الحوار إستفزازاَ حين إمتعض و قال:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- الحلبي الخول دا شن داير..</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">أظنه كان توقيتاَ مثاليا حين حضر القهوجي بمريلته المتسخة و طلب البعض قهوة و شاي. لم يُعر الشباب ذلك الرجل أية إهتمام الذي عقب بجملة :</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- ياض حساب الشباب دول خالصين.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">إستنكرت فعلته تلك و قلت , بإمكاننا الدفع , حينها إلتفت و نظر إليَّ و قال:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">نحنا إخوات , اذا إحتقتوا لحاقه أولو لولي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">لأيام تلت كرر فعلته تلك , إرتحنا له قليلا و بادرناه الفضفضة , يومها همس في أذني:</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">- تبيعوا صفاية و له لمبه ؟!</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">تلت تلك الأيام فترة سيئة لم أكن أملك فيها ما أقتات به، جعت طيلة المساء فيومها قررت فقط التوجه إليه ليقرضني المال الكافي.</span></div>
<div style="direction: rtl;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;">شلة حي الفيصل , ثلاثة منهم كردافه و إثنان من قبيلتي , و</span></div>
<br />
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
<span style="font-family: Trebuchet MS, sans-serif; font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
</div>
</div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-58346297229381099292020-04-01T15:58:00.002-04:002020-04-01T15:58:20.498-04:00ذات الصدفات الست<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, Times New Roman, serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, Times New Roman, serif; font-size: large;">ذات الصدفات الست</span></div>
<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, Times New Roman, serif; font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, "Times New Roman", serif; font-size: large;">حسن الجزولي</span></div>
<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; color: #1d2129; direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, Times New Roman, serif; font-size: large;">بعدما أطعمنا مطعم المدينة التي ظلت تضج دوماً منذ ولادتنا بما طاب لها من مآكل ومشارب في عمق سوقها العتيق ـ هكذا حلمت ـ كنا ثلاثة، الذي يتوسطنا كان أكثرنا تفاؤلاً، وأكبرنا كان الأكثر ضحكاً وعمقاً، وكنت أقلهما عمراً.</span></div>
<div class="text_exposed_show" style="background-color: white; color: #1d2129; display: inline; text-align: right;">
<span style="font-family: Georgia, Times New Roman, serif; font-size: large;"><div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px;">
خرجنا من هناك نتعمق أكثر في باطن المدينة والسوق، وفي طرف قصي، ندهتنا إحدى "الإعرابيات" التي كانت تجلس أمام ودعاتها الست، فقدّرنا أنها ضاربة له. جلسنا حداها ونحن نتوق للسخرية وتزجية الوقت، قالت إن صدفاتها لا تخيب. طلبنا منها قراءة طالعنا، ونحن نؤمل النصر المؤزر، كان ذلك أوان منتصف تواريخ البلاد التي تقصف بالأعمار الموغلة في الرحيل، أوسطنا كان خارجاً لتوه من أوج الرحيل السياسي، وأكبرنا كان متدثراً بحضوره المفرح، بينما توغلت أنا متوجساً من سحر عينيها، المرأة تلك وبعينيها الساحرتين، وبمجرد أن رمت بودعاتها الست، التي تفرقت قطعة إثر قطعة في جهات الأرض الأربعة من حولنا وكأنها أيدي سبأ، رفعت رأسها بتؤدة العرّافة العريقة في رؤواها التي ما خابت يوماً، وكنا نجهل معرفتنا بها، هذه الوداعية التي لم نرها في هذا السوق مطلقاً، مع أننا نحفظ عن ظهر قلب كل أحابيل باعتها.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
كانت في العقد السادس من عمرها، ومع ذلك إحتفظت بعينين جميلتين، ووجهاً نضراً، كان الكحل حول بؤبوء عينيها يزيدها ألقاً وسحراً غريبين. سحرٌ أقرب لأولئك النسوة اللاتي تتمنى أن تمشي منهن بأقصى سرعة، دونما أدنى سبب، وألقٌ أبعدُ من أن تبتعد عنها إن التقيتها.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
عندما رمت بحجارتها الصدفية الست، رفعت رأسها بتؤدة. كانت كمن يقصد توجيه النظر لي تحديداً، ثم تطلعت بعدها في ثلاثتنا متفرسة كأن لتفحصنا. ألمّ بنا الصمت العجيب. هو الخارج لتوه من أوج الرحيل السياسي، وأكبرنا المتدثر بحضوره المفرح، وأنا الموغل في توجسي من سحر عينيها ، فطفقنا ننظر إليها، ألفيتها بعد ذلك وكأنها تشيح، أو تقصد ألّا تنظر قبالتنا. وبعد أن أطالت النظر نحوي تحديداً، ثم رفعت رأسها إلى أعلى، كمن يخاطب أرواحاً أخرى ترفرف فوق رأسها وحول المكان، سألت عن الأكبر فينا، جاوبناها، ثم الأوسط، فجاوبناها. صمتت لفترة طالت وهي تجول النظر حوالينا بصورة ليست مباشرة، كانت وكأنها معنية بمخاطبة تلك الأرواح التي ترفرف فوق رأسها وحواليها.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
قالت بعدها:ـ</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
:ـ "أوسطكم الأول".</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
:ـ "وستٌ من السنوات ستكون للأكبر".</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
:ـ "وبعد ستٍ أخرى ستكون أنت التالي " لحظتها كانت تنظر لي بعينين فيهما أسى، كان الكحل حول بؤبُئيهما يزيدها القاً وسحراً غريبين، سحرٌ أقربُ لأولئك النسوة اللاتي تتمنى أن تمشي منهن بأقصى سرعة، دونما أدنى سبب.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
لم نفهم بالطبع، وطالبناها بالايضاح والافصاح ثم ألححنا عليها. نظرت نحونا نظرة غريبة لم نفهم مغزاها، حاولنا منحها مبلغاً إضافياً ولكنها تمترست خلف رفضها، ألفيتها وكأنها لا تريد التحدث معنا أكثر من ذلك. لملمت صدفاتها الست وأطراف أشيائها الأخرى، وانسحبت بعيداً عنا. حينها قال أوسطنا هازئاً:ـ</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
"دعوها .. (فإنها مأمورة) يا صحاب."</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
وقال أكبرنا عمراً بعد أن حسب المدة في ستة من أصابعه:ـ</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
:ـ " ستُ سنواتٍ ليست بالقليلة ".</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
قلت أنا بعد أن بانت لي أعداد السنوات التي أشارت لها الاعرابية</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
:ـ " ويح قلبي المانفَك خافق ،، ستُ سنوات ليست بالكثيرة ،، ويح قلبي ،، فقد (إحتجب عمري)!"</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
ثم ،، وفجأة تلاشى الحلم العجيب سريعاً وتبعثر!.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
نهضت من نومي متثاقلاً، لا أذكر من الحلم الذي تلاشى سريعاً وتبعثر، سوى صدفات الإعرابية التي أعدتُ احصاءها في مخيلتي فألفيتها ستاً.</div>
<div style="direction: rtl; margin-bottom: 6px; margin-top: 6px;">
<br /></div>
</span></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-47193043910293395472018-02-21T16:00:00.002-05:002018-02-21T16:00:35.310-05:00سؤال الضهبان<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 16pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 15pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 16pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 15pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">سؤال الضهبان</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b id="docs-internal-guid-58893798-ba2a-0922-aae2-df61d31986a6" style="font-weight: normal;"><br /></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">لا تظنن أنه سؤال هيّن! </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">أو عليك أن تتأكد أن السائل لم يعد ضهبان. وحتى في هذه الحالة ربما لم يجد الجواب ولكنه فقط تحوّل من (الضهب) إلى حالة أحسن نسبياً ودون تفسير.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">أي سؤال هو ليس بالهيّن. وأي سؤال هو لم يُسأل عبثاً ولهوا.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">زي، يلاقيك زول ويسأل: كيف اصبحت؟</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">تجربة وجودية عديل كدا. طيب تعال شوف كمية التزوير في الجواب!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">طبعاً مافي زول بيجاوب على السؤال دا بالضبط كدا. كلنا تقريبين في السؤال دا وفي غيره من اسئلة كثيرة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">الجواب هو المصطنع في أغلب الأحوال وليس السؤال!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">ياخي حتى السؤال الغبي، الواحد بيتمرمط أمامه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">لذلك سؤال الضهبان دا هو موئل الغناء والشعر الكاذب والبطولات!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">ومن الناس من يحاول أن يغشك! </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">إنهم أهل الاجابات الذين تتكوّر ذواتهم في نهايات الأسطر، مدلهّمة. نقطة سطر جديد!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">- هوي انت هه! يعني شايل ليك اجابة كدا وفرحان بيها، قايل السؤال مات!؟</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">دعني أقول لك: جميع الأسئلة التي سمعت والتي لم تسمع بها، جميعها تتمتع بخلود مطلق!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">السؤال فيهو حيوية والاجابة ديمة نايصة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">السؤال بيخلع وجامد. الجواب هو ختة النَفَس، التقية من عصف المشاعر.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">السؤال، أي سؤال، فيهو قوة، فيهو شواظ وبيطقطق زي قندول عيش ريف معذّب.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">الاجابة قد تكون: آآآي وأيوة وقد تكون: لا لا وأبداً وقد تكون أقصر وأكذب. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">والسؤال أخبث من السرطان. وعُصبة! عصبة الأمم السؤال.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">عندما تتورط في شيئ فإن الاسئلة تتحرك كقطيع من المرافعين!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">غالباً لا يأتيك سؤال منفرد كأنه عاشق، وحتى لو جاءك هكذا فحُط في بالك أن معه أكثر من نيوب الليث، غير بارزةٍ!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">ليس السؤال بالشيئ السهل. بالقطع ليس في هوان الجواب!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">وفي نهاية أي مطاف فإننا نتذكر الاسئلة أكثر من تذكرنا الأجوبة!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">الفيزياء نفسها ليست مخيفة، صاح. ولكن الاسئلة في ورقة امتحان الفيزياء هي أكثر إرعاباً من، نقول، ود أم بعللو (أرجو أن تعجبه الطريقة التي كتبت بها اسمه)!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">ومهما راكمنا من الاجابات فإن تعداد الاسئلة في أي مطاف تختاره سيتفوّق بلا شك وبتوفيق من عند الله.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">الجواب، أي جواب، لا يُذهب قوة السؤال. ولولا أن أقسو عليك لقلت لك لا يفي بمتطلباته. تغدو الاسئلة في وديانها تعلف الحياة وتروح كي تمارس مجونها الليلي على كل مَن سوّلت له المصائب أن ينشغل باله!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">هناك كما أسلفت جيوش من الأسئلة تنتظر من يخوض بها معارك الحياة. والطريف أن من بينها اسئلة تمت الاجابة عليها ولكنها تملك أن تعود (للخدمة) بدون تفسيرات! وهناك اسئلة ليست للاجابة كما قال يحيى فضل الله! خيبة الاجابات هي أنها تعتقد بقضائها على الاسئلة. وهذا غير صحيح! فللسؤال نيرانه التي لا تنطفئ. للسؤال ظزاجة لا تنتهي!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">ولكن من أين للسؤال هذا العنفوان والجمود ولاحقاً الخلود؟</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">سؤال!</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;">الاجابة بكل بساطة هي أن الكون والوجود نفسه قائم على سؤال مسلول كالسيف! وهو سؤال واحد له ملمس زاحف وفي باطنه كل الاسئلة، بدءا بكيف أصبحت ومروراً بسؤال الضهبان وأيان مرساه</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><br /></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Merriweather; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap; white-space: pre;"></div></span></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com3tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-42966428076344839952017-08-11T20:00:00.000-04:002020-12-06T21:36:25.571-05:00جليد نساي، المقال كامللاً<br id="docs-internal-guid-545a4a84-d3a8-9865-5048-2296b26b9df4" /><br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">جليد نسّاي</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">قراءة في رواية الرجل الخراب</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">تأليف عبد العزيز بركة ساكن</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">بقلم مصطفى مدثر</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الجزء الأول</span></div>
<br /><br /><ul style="margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">أيها القارئ المرائي، يا شبيهي، يا أخي - بودلير، شاعر فرنسي</span></div>
</li>
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الفكرة الرئيسة [عند إليوت] هي أننا، حتى ونحن ملزمون بأن نعي ماضوية الماضي..، لا نملك طريقة عادلة لحجر الماضي عن الحاضر. إن الماضي والحاضر متفاعمان، كلٌ يشي بالآخر ويوحي به، وبالمعنى المثالي كلياً الذي ينتويه إليوت ، فإن كلاً منهما يتعايش مع الآخر. ما يقترحه ت س إليوت بإيجاز هو رؤيا للتراث الأدبي لا يوجهها كلياً التعاقب الزمني، رغم أنها تحترم هذا التعاقب. لا الماضي ولا الحاضر، ولا أي شاعر أو فنان، يملك معنىً كاملاً منفرداً- إدوارد سعيد، أستاذ الأدب الإنجليزي</span></div>
</li>
<li dir="rtl" style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; list-style-type: disc; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الطريق إلى الحقيقة يمر بأرض الوساوس - شانون برودي، عاملة صيدلية.</span></div>
</li>
</ul>
<br /><br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">(1)</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">يبدو مفارقاً، بل غرائبياً، أن تُهرع لقصيدة ت س إليوت (الأرض الخراب) كي تعينك على فهم استلهام عبد العزيز بركة ساكن لها في كتابة روايته القصيرة، الرجل الخراب. فالمفارقة هي أن القصيدة المكتوبة في 1922، وبما عُرف عنها من تعقيد ووعورة، تحتاج هي نفسها لعشرات الشروحات، لكونها مغرقة في الإحالات لتواريخ وثقافات وأديان، بل ولغات أخرى غير لغتها الإنجليزية. وكان هذا النوع من الكتابة القائمة على الاقتباس والتضمين من ما ميز شعراء الحداثة النشاط في بدايات القرن العشرين. والغرائبي أن واقع الرواية يشتمل على مَن لا يستحسن القصيدة وهو أوربي، نورا زوجة الشخصية الرئيسة في الرواية، و مَن تجري أبياتها على لسانه، مستشرفاً لها، وهو درويش الأفريقي، الذي لا نتوفر، من الرواية، على ما يدلنا على أنه متراصف ثقافياً مع إنسان القصيدة. إن السؤال عن قيمة استلهام قصيدة الأرض الخراب في هذا العمل الأدبي لبركة ساكن يبدو معقولاً أيضاً، لكونه ينطوي على مفاضلة بين مرجعيتين نقديتين إحداهما تمثلها حداثة النص الروائي قيد البحث، لارتقائه على صعيد التعاطي مع تحولات روح العصر وانتقال الثقافي فيه من النخبوي إلى فضاء المُتشارَك، اليومي. إذ أن نص إليوت مغلق تماماً وغير معني به القارئ العادي بينما نص ع ب ساكن متحرك وجل عمارته من اليومي، المُدرك بيسر. و المرجعية الأخرى هي مرجعية القفزة إلى الوراء، إلى قتامة أجواء ما بعد الحرب العالمية الأولى، تلك التي يوفرها نص القصيدة الحريص على تكريس فهم قدري وكارثي للحضارة الإنسانية. ولست من التقتير بحيث استكثر على الروائي إرادته أن يكون عمله ذا سياق حضاري موشى بعبارات مفتاحية وإشارات أو كليشيهات تخاطب ذهن القارئ العصري على النحو الذي تشير إليه قراءة إدوارد سعيد لإليوت في الاقتباس من الأول أعلى هذا المقال. على أن قيمة استلهام قصيدة الأرض الخراب أمامها إشكالات أخرى ترتبت من كون القصيدة، من كثرة إحالاتها ومتحها من المتخيّل الديني، جاءت بنبوءات لم تتحقق، فليس هناك أبراج تداعت أو شهوات قُوّضت. بل يمكن النظر للقصيدة الآن كنص حداثوي محض يصف التحولات في العقل الغربي أوان ذاك، جراء ثنائية التشظي الشخصي والتشظي الأكبر، الحضاري بسبب الحرب الثانية. ونجد أن هذا الاستلهام مشار إليه في الblurb أو التعريف بالكتاب المكتوب على غلافه الخلفي وهو تعريف غير ممهور باسم مَن كتبه نقرأ فيه "مستلهماً رائعة ت س إليوت، الأرض الخراب، يرسم الروائي السوداني البارع عبر تقنيات تصوير وتجسيد فريدة ومبتكرة صورة الرجل الخراب، لنرى كيف يصيب الخراب رجلاً بأكمله..". فأمر استلهام قصيدة إليوت ليس شيئاً يسيراً يُترك لفطنة القارئ لأنه استلهام عابر من جنس أدبي لآخر. والقصيدة، أية قصيدة، "لها جنسها المستقل عن الشكل والواقع التاريخي".</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">(2)</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"> يكتب بركة ساكن في الفصل الأخير من روايته "...والقارئ الحصيف هو الذي لا يترك مجالاً للكاتب أن يدعه يخمن نهاية الرواية، والكاتب الماكر مثل السياسي العجوز يتلاعب بالبيضة والحجر في الكف ذاتها. أما الروائي الذي يتعجل نهاية الرواية ليحرر نفسه من أجل أغراض أكثر أهمية- في ظني، وليس كل الظن إثم- فالموت أولى به" وأياً كان المعنى الذي يستوقفك من هذا الكلام فإن من باطنه، على أقل تقدير، يأتينا الإذن بكتابة ملخص لا يفسد على من أراد قراءة الرواية شيئاً ولكن، قبل ذلك، فإن لي وصفاً لتلك اللحظة من الرواية التي خاطب فيها المؤلف قراءه في ما يمكن أن يُعد نوعاً نادراً من أنواع الخطاب الروائي، وإن كان وصفاً بعيداً عن عالم الكتب لكنه يشير للحظة سميكة في لا تلقائيتها، وهو أن ما حدث ما حدث في الرواية مشابه لما كان يحدث في العشر دقائق الأخيرة من عمر أية مباراة كرة قدم ساخنة في إستاد أم درمان قبل عقود خلت، حيث كان ممكناً آنذاك أن تدخل المباراة، مجاناً في تلك الدقائق، لتشاهد الهدف الوحيد، الذي دفع له الناس ثمناً، ثم يئسوا وخرجوا قبل إحرازه. في تلك اللحظة الشبيهة من الرواية قرر ساكن أن تنفتح أمامه كل النهايات الممكنة، أو أن يحوّل روايته إلى ورشة عمل ناجحة، وسنرى إن كان في ذلك خرقٌ للفعل الروائي في ناحية من هذا المقال.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الرجل الخراب، رواية عبد العزيز بركة ساكن، الصادرة عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة لسنة 2015، والتي تقع في 112 صفحة، تحكي عن درويش، المولود لأب سوداني من أم مصرية، والذي يذهب ليعيش في أوربا وفق ذرائع دارجة، وهناك يعمل مع مخدمته النمساوية التي تموت تاركة له ميراثاً وابنةً يتزوجها، وينجب منها ابنته. ثم تحدثنا الرواية عن أول لقاء، وما أعقبه من تداعيات، بين درويش وحبيب ابنته، وتشرح لنا كيف تفاعل درويش، السوداني المصري، حيال علاقة ابنته بحبيبها النمساوي.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الرواية مكتوبة بلغة سهلة ومصاغة من فسيفساء حكايات الهجرة والاغتراب، من أضابير وملفات قصص (حالات) اللجوء</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">السياسي التي حوّلت واقع الناس إلى نسيج حكائي كولاجي مشغول من التماعات قطع وشظايا التجربة مهالاً عليه جليد نسّاي ، بتعبير إليوت نفسه، forgetful snow يغطي تحته كل التفاصيل كتركيب synthesis جديد لميلاد آخر، ومن فكرة التركيب الجديد المطمور تحت الجليد هذه أخذت عنواناً لهذا المقال، فالجليد ينسى دائماً أننا عائدون إلى الحياة وأن قسوة إبريل هي مصدر غبطتنا. ومن هنا نتعرف على أول تشابهات الرواية مع قصيدة إليوت. فإليوت يقول في قصيدته: </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: left;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">son of man you cannot say or guess, for you only know a heap of broken images</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">وبرغم خطورة أن يكون في بناء السرد على هذا المنوال، تعريض له لأن يكون سهل التكهن بمآلاته predictable، فيذهب سره، إلاّ أن ما يُدهش هو أن ساكن لا هاجس له تجاه هذا التكهن، كما أوضح الاقتباس منه الأخير. بل إن الرواية تمضي في حبور نحو أن لا …..تكون رواية.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">سنلقي نظرة متمكثة قليلاً على بعض شواهد الاستلهام من قصيدة الأرض الخراب في صناعة رواية ساكن.</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">() تقول قصيدة إليوت إن الشهوة هي أساس المعاناة الإنسانية وتعرض لنا أمثلة عابرة للتخثر الأخلاقي، وللمصير الكارثي للحضارة الإنسانية أوان ذاك ثم تطرح في آخرها خارطة طريق للخلاص من خلال تحقق ثلاث تأويلات للحالة الإنسانية، أخذها إليوت من أناشيد الهندوسية Upanishads. لكن الرواية، بينما هي لا تقدم خلاصاً كالقصيدة، تستخدم نفس فكرة التأويلات الثلاث لشرح مصير بطلها عن طريق ثلاثة شخوص غير رئيسية فيها. ونلاحظ أن قسم القصيدة الأول المسمى دفن الموتى، من أصل خمسة أقسام لها، هو الأكثر استلهاماً حيث نقرأ فيه عن ماري التي خافت من السقطة وتحررت فتذكرنا بمدام شولتز، مخدمة درويش النمساوية في الرواية، ثم نرى مدام سوساستروس، النبية الكاذبة التي تنبئ بالموت غرقاً، فنتذكر نورا ابنة مدام شولتز التي تزوجها درويش لاحقاً، على أن لنورا حضوراً آخر أهم في قسم آخر من القصيدة. ونتذكر أن أول شيء فعله درويش بعد موت مخدمته، هو أنه تخلص من كلابها، مستشرفاً نصيحة إليوت في نفس القسم الأول من القصيدة حين هتف بشخص قابله في الطريق اسمه استاتسن، ينبهه بالتخلص من أي كلب يمكن أن يقوم بنبش جثة الميت، قبل أن يحين ميعاد قيامته، لا أحد يدري من هو هذا الميت، وذلك لأن الكلب وفيٌ لصاحبه. فدرويش لا يود أن تزول نعمة ميراثه لمخدمته بعودتها إلى الحياة، لكن أمامنا أيضاً خيار أن نفهم أنه تخلص من كلاب السيدة شولتز لأن ثقافته الإسلامية، نوعاً، ترى في الكلب نجاسة. وفي تقديري فإن هناك استلهاماً شديد الإبهار، من هذا القسم الأول من القصيدة، لكنه أيضاً بالغ المواربة، يتمثل في مشهد السياح الآسيويين والطريقة التي وصفهم بها ساكن. فهذا المشهد هو إعادة كتابة لما خطه الشاعر إليوت عن المشهد فوق جسر لندن، لندن بريدج، ووصف الناس المتحركين فوقه كالأموات كلٌ ثبّت عينيه على قدميه. فإليوت تحدث عن إخاء أو تجاور إنساني زائف يوّحد المارة، إخاء متناقض، بل هي عزلة فكلٌ مع نفسه فقط. يكتب ساكن في فصل سيرة المرأة "كان السياح الآسيويون يعبرون صامتين، يصوّرون كل شيء…إلخ المقطع كله" فالعزلة هنا أيضاً كثيفة والكاميرا هي نفسها منظور لا يشاركك فيه أحد. وكلٌ أخ الآخر، لكنه إخاء زائف، وبهذا الفهم لتمهل ساكن عند مشهد السواح يمكن أن نجد صورة معادلة وحاكية بصدق، تماماً كصورة إليوت في القصيدة</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الجزء الثاني</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">() هنالك شبهة استلهام، إن كان ذلك ممكناً أصلاً، في مستهل القصيدة، أو الأبيجراف نجدها في أحبولة حكائيه صاغها المؤلف حول فكرة وردت في ذلك الإبيجراف، تحكي عن مصير سِيبل Sibyl التي تمنت طول العمر، ونسيت أن تتمنى معه دوام الشباب، فانتهى بها الأمر إلى وهنٍ تاقت منه لموتها. إنها هنا، في شخص لويد شولتز، التي قفز عمرها من 71 عاماً "بصورة ميتافيزيقية إلى 103 عاماً"، أو هي أشبه ما تكون بذلك، أعياها طول المكث في الدنيا وصار حالها أشبه بحال لبيد بن ربيعة العامري حين قال: ولقد سئمتُ من الحياة وطولِها وسؤالِ هذا الناسِ كيف لبيد.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">ويتضح لنا أن مضاهاة حساب السن العمرية لا معنى له لأن المقصود هو تبيان قبول لوديا بالموت، رغم خوفها منه، كتحرير لروحها من إسار النفس.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">() في فصل سيرة المرأة من الرواية نذكر تايريسياس في قسم لعبة شطرنج من قصيدة إليوت، تايريسياس الذي هو كل النساء وكل الرجال ويرى كل مضامين القصيدة لأنه بحسب الأسطورة كان رجلاً ثم تم تحويله لامرأة، بواسطة الآلهة غالباً، ثم قفل عائداً كرجل وتنبأ بسقوط طيبة وأشياء أُخر. إنه درويش ونورا في آن وبلا شخصيهما. إن لعبة الشطرنج في القصيدة، بتناولها للحوار بين الرجل والمرأة، تخدم هنا كمجاز، للعبة الإغواء، وتشير إلى فهم للزواج والجنسانية يتنزل بهما لمجرد أن يكونا جزءً من لعبة استخطاطيات بين الرجل والمرأة، يصبح الجنس فيها مجرد إغواء أو اغتصاب يفضي للإجهاض. والرواية تحدثنا في أكثر من لحظة من لحظاتها عن الاغتصاب. فهناك اغتصاب نُورا نفسها من أبيها النمساوي، ثم الاغتصابات والاعتداءات المتخيّلَة من قبل درويش لابنته من نورا والتي أقحم فيها خيالُ درويش آخرين غيره. إن ثيمة الاغتصاب في قصيدة إليوت لهي من أكبر ما استلهمه ساكن، وسنرى في المقطع التالي من فصل الرواية الأخير كيف أن ساكن، وإن لم يشر إلى أسطورة فيلوميلا، إلاّ أنه رمز إليها بشكل واضح حيث كتب عن خروج درويش في أوج أزمته، هائماً على وجهه و"تمشى في الطريق التي يحبها جداً، بل هي الطريق الوحيدة التي يسلكها للعمل، وهي ليست القريبة أو المختصرة، ولكنها تمر بنقاط مهمة جداً بالنسبة له، أولها ما يسميه شجرة العصافير، قرب مخبز الفلاح،….حيث يسمع فيها دعاء الكروان يومياً وهو يتحاور مع طيور الببغاوات المحبوسة في قفص كبير في الشرفة المقابلة...يظن دائماً درويش أن طيور الكروان الطليقة تضع خطط هروب فاشلة للببغاوات كل يوم…..هذا الشيء يعجبه جداً ويحزنه أيضاً. يتوقف قليلاً، يترك كل جسده وخياله وروحه لتغريد الطيور. في كثير من الأحيان تسيل دمعة بصورة غير إرادية على خده.." فالإحالة إلى الطيور يقبع وراءها الإرث الأسطوري. وقصة فيلوميلا، التي يستخدمها إليوت للتدليل على توقف الإنسان عن إنتاج أرض خصبة كمقابل للأرض الخراب، هي باختصار أن فيلوميلا اغتصبها تيريوس زوج أختها، وقطع لسانها حتى لا تحكي ما حدث، لكنها نسجت قصتها لأختها على قماش. وبدافع الانتقام قامت الأختان بذبح المولود وتقديمه كعشاء لتيريوس، وحين أقدم تيريوس على ذبح الأختين تدخلت الآلهة وحوّلت ثلاثتهم إلى طيور، ربما لكون الآلهة كانت مشغولة بقضايا أهم والله أعلم. فالطائر، كروان أو هزار، هو تعبير عن حزن مركب في نفس درويش، بدأ من ضياعه، مروراً بزواجه غير السعيد وبوساوس الاغتصاب.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">يحكي ع ب ساكن في فصل سيرة المرأة كيف أن نورا ودرويش جلسا، في مواجهة عقلية cerebral بحتة، تماماً كلعبة الشطرنج، ليقررا مصيريهما معاً، على خلفية احتياج درويش لها في النمسا، واحتياجها هي لأن تنعم بميراث أمها، التي لم تتركه لها، بل كتبته باسم درويش. يكتب ساكن "مثل تاجرين متجولين جشعين، جلسنا وجها لوجه، شرحت لي أن وضعي القانوني في النمسا، حسبما عرفت مني بالتفاصيل من قبل، يقضي بأنهم سوف يرحلونني إلى مصر أو السودان ول استأنفت مئة مرة.." إلى أن تقول نورا "والطريق الوحيد للحصول على الإقامة هنا، هو الزواج من نمساوية. وهذه النمساوية هي أنا بالذات." وتزوج درويش من نورا بلا عاطفة، بلا حب.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">() على مستوى وصف المكان الذي يتطور فيه السرد، نجد أن ساكن استطاع أن يجد معادلاً لفكرة إليوت، في قسم قصيدته المعنوّن بلعبة الشطرنج، عن زقاق الجرذ إذ يقول إليوت على لسان أحد أبطاله المأزومين: " أعتقد أننا في زقاق الجرذ، حيث فقد الموتى عظامهم"، في إشارة إلى التخثر والموت، بينما يصف ساكنُ مكاناً، أسماه بطله درويش ممر الرجل المقتول، وذلك في فصل، توني لا يكره العرب، فدرويش كان يتخيّل ابنته، غير منزهٍ لها من سقطة ما، أو هو يراها بهاجس يتعلق بثيمة الشرف، "عندما سمعت البنتُ هاتفاً يناديها أسرعتِ الخطى، تلفتت للمرة الأخيرة، ثم مضت في اتجاه الصوت بينما زادت ضربات قلبها، وتعرّقت كفها وهي تحس بنشوة عارمة تجتاح كل خلية من خلايا جسدها، خليط من الخوف والشعور بالأمان، وهو الإحساس المجنون الذي ينتاب المرأة عندما تلتقي برجل على انفراد أول مرة، ذات مساء به نصف قمر، في الزقاق الذي تنمو أعشاب موسمية على جانبيه، المتفرع من الشارع العام الذي يطلق عليه القرويون اسم طريق الرجل المقتول." والمكان هنا مختلفٌ عليه، إن جاز هذا القول، وطرف الخلاف الثاني هنا هو الراوي، ما سنعود إليه وشيكاً. المكان هنا فيه ذاكرة مختلطة، وربما شاحبة، إنه في النمسا لكن السودان يقع بداخله تماماً. هو مكان نقلته لنا حالة الحلم اليقظان التي كان فيها درويش. إنه المكان الذي يتنبأ بمصائر مقبلة. لكن ساكناً لا يتوقف عن صنع مكان لا ينتمي إلى الأحداث الراهنة، فخيال درويش لا يهدأ له بال. نقرأ "كان قد خلد إلى النوم مثل كل مَن بالقرية، ولكنه استيقظ على صوت ابن عمه، الأمين ود النور، يصيح قرب رأسه…" وهذا المكان هو من صنع خيال درويش، فنحن لا نعرف ابن عم درويش الأمين هذا إلاّ الآن ولمرة واحدة فقط. وعندما يتسلل درويش والأمين، في السودان غالباً، مروراً بنورا النائمة على فراشها في سالفالدين بالنسما، يلاحظ درويش الغضب بادياً على وجه ابن عمه وأن شرف الأسرة في خطر، فيقرر بشكل حازم: سندفنهما أحياء. ثم يواصل ساكن في سرد هذا المشهد التراجيدي، دون أن يعنيه نوع الشعور الذي يتولد لحظتها عند قارئه "بينما كان يأخذ سكينته الكبيرة من تحت المخدة، و يمتشق عصاه وبطاريته، خرجا وهما يهرولان في صمت ظاهري وضجيج عنيف في صدريهما نحو الزقاق الذي تنمو أعشاب موسمية على جانبيه، المتفرع من الشارع العام الذي يطلق عليه القرويون اسم طريق الرجل المقتول.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">نتناول في الجزء الأخير من هذا المقال كيف عصفت الطبيعة الهدامة لقصيدة الأرض الخراب ببطل الرواية، درويش، </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">و بالرواية نفسها.</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">الجزء الثالث</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">سنتناول في هذا الجزء مسألة استلهام ساكن للهدمية الطاغية في قصيدة إليوت وأنه، أي ساكن، لم يشأ لهدمه نهاية أو حل. وكذلك نتناول مسألة البلبلة التي يحدثها استلهامه الآخر المتمثل في تبديل اسم الرواية، ونقترح سبباً لاختيار ساكن أن يكون درويش طبيباً صيدلانياً، كما نناقش التجريب في الرواية وأزمة النهاية. فإلى الجزء الأخير من المقال.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">أبدأ ببعض الأفكار حول اسم الرواية.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">إن الإرث الدلالي لكلمة الخراب في عنوان الرواية يبدو كافياً لقبول اسمها، الرجل الخراب، ولكن عندما نعرف من الرواية أن اسمها الحالي كان قد خضع لعملية تغيير مرتين فإننا نرى أن توسيع دائرة الفحص الدلالي قد يعيننا إلى فهم أحسن للأصول الإبداعية للرواية. فاسم الرواية تحوّل تحوّلاً محكياً عنه من أزهار الليل إلى مُخرّي الكلاب واستقر عند الرجل الخراب. وقصيدة اليوت نفسها تحوّل اسمها، ربما مرة واحدة، ليستقر على الأرض الخراب. وهذا استلهام آخر للقصيدة نرصده هنا ولا ندعي الحصر.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">إن المقصود هنا أن هنالك تعارضاً في دلالة الخراب في الاسمين. فبغض النظر عن كون القصيدة تعد من أكبر محاولات الابتعاد عن التناول المباشر للأشياء أدبياً، وأنها مستودعٌ هائلٌ للإحالات ومجمل قولها هو الشكوى عن عقم حياة المدينة المعاصرة، فإن دلالات الخراب فيها تتعلق بالنظرة للحياة والحضارة وتذهب بها للدعوة للعودة إلى تجدد الميلاد من خلال الروحانيات. بينما الرجل الخراب، هو كائن ذو عقل بشري محدود غير متسق مع مرجعيته الفكرية وأفعاله مجرد إذعان لإملاء الظروف، فهو بالتالي لا يمكن الوصول إليه عبر مشتركات تحققها شخصيته. فالمشكلة إزاء درويش هي قلة الداتا، في الرواية، التي تؤيد الزعم بأن شخصيته من التعقيد المعرفي بحيث يتمثل ذهنه دقائق التحوّل الذي استوجبه عليه بحثه عن حياة أحسن، في عالم مختلف. وهذا الزعم ليس مصدره المؤلف، الحقيقي أو الضمني، بل على العكس لقد حرص المؤلف على الحديث عن قلة ثقافة درويش وعن شح علاقته بالكتاب رغم أنه خريج جامعي. فأظنني أكون قد وقعت على أول نقيض للاستلهام من القصيدة، إن أنا أحسنت تبيانه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">في الفصل الأخير من الرواية، يقوم درويش بفحص أصدقائه، بعد أن خرج من بيته تاركاً زوجه وابنته مع صديق الابنة، بحثاً عن العون. ويقدم لنا المؤلف ملامح سردية لعلاقات درويش بهؤلاء الأصدقاء نرى فيها وجهاً من أوجه التعاطي الثقافي مع الآخرين. فهناك علاقة درويش براهبٍ مسيحي وبمثقفٍ كردي وصيدلي نمساوي. لكن هذه العلاقات لا تبدو كافية لكي تتجذر علاقة درويش بالثقافة لمستوى التعالق مع نص في صعوبة نص قصيدة إليوت، ولعل ضحالة أو سطحية تلك العلاقات هي التي جعلته يعدل عن أن يطلب عونهم حين حمي وطيس أزمته. ومن المفيد أن نعرف أن درويش لم يقع على أدب غربي إلاّ سماعاً من زوجته نورا وأن نورا التي تحب الأدب لم تكن تعرف قصيدة إليوت التي طلب هو منها أن تقرأها له ولم تحبها. في الحقيقة حرص المؤلف منذ بدايات الرواية على تأكيد رقة حال درويش الثقافية بتلخيص علاقته في بعض عناوين الكتب العربية حين كان في مصر و كتابين، أحدهما مرجع في الصيدلة والآخر مصحف قرآن صغير الحجم، في أوروبا، ثم نقرأ لدرويش قوله "أحياناً كنت أظن أن القدر جمعني بنورا من أجل ت س إليوت" لكن هذه المعرفة الجديدة وفي سنه العمرية المرصودة في الرواية تبدو مبتعدة نوعاً عن التخييل الواقعي </span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">mimesis</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"> . وإذا استطردنا في تأصيل علاقة درويش بالثقافة فإننا نلاحظ أشياء هامة اعتمدها ساكن في رسم شخصية درويش. فدرويش شخصية مصطنعة بشكل يفي بمقتضيات الأثر الدرامي الأعظم، شخص لا تملك إلاّ الصغار والشجب تجاهه قبل أن تأخذك القراءة بعيداً في الرواية. شخص يمكن التكهن بكل ما يقوم به لكنه يمكن أن لا يقوم بأي شيء. فهو لا بطل، و صعب ومعقّد ومؤلم، وقصته تراجيديا من صنع يديه. ودرويش سوداني، مصري، أي كائن مزدوج في حيرته الثقافية. ثم هو صيدلي، أي منتم لقطاع يندر أن تضطره ضائقة اقتصادية لنوع الهجرة التي تكبدها، ولعله مناسباً أن أضيف هنا استلهاماً قد لا تبدو أهميته للوهلة الأولى ولكنه يستحق التوقف عنده. إنه اختيار أن يكون درويش صيدلياً. فعلى الرغم من عدم أهمية أن يكون لدرويش مهنة، لأنه لم يمارسها إلاّ في لحظة باكرة من الرواية، فإن هذا الاختيار قد يقع في صميم وفاء ساكن لفكرة استلهام قصيدة إليوت. فالصيدلي، أو الكيميائي، هو مَن نصح إحدى شخصيات إليوت في القصيدة بأخذ أقراص للإجهاض، لكنها بعد أن فعلت لم تعد لنفسها طبيعتها.</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: #000020; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">The chemist said it would be alright, </span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: #000020; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">but I’ve never been the same.</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">وعلى كلٍ، فالصيدليان في العملين يبدوان فاشلين في مهنتهما. ومن ما أبانه المؤلف أن درويش تعرض لنفس الذي يتعرض له الأشخاص الذين لا تحرسهم ثقافة حقيقية فتم تجنيده من قبل أهل الوعي الزائف أو الجماعات المتطرفة. والرواية تحتوي على فصل كامل بعنوان الأجنبي يحكي مشكلة الهوية التي تعرض لها درويش في مصر، كون أبيه سوداني وأمه مصرية ولكن لا شيء يغير من حقيقة أن هجرته اعتبرت اقتصادية ولا علاقة لها باضطهاد عرقي، أو باختصار، "المحققون يحبون الكذبات الكبيرة" ودرويش لم تكن عنده إحداهن. ومن المناسب هنا أن أتطرق لنبيطة مصر في هذه الرواية. وكنت قد أبنت في مقالين سابقين أن وجود مصر في الروايات السودانية، الصادرة في عقدين أو أكثر، بات مما يمكن التكهن به في أي رواية جديدة تصدر. ولا غرابة في ذلك لأن مصر، لأثرها وموقعها، لا يمكن تجاهلها. وما رميت إليه من استحداث نبيطة أدبية، اسميها الآن لأول مرة نبيطة مصر، هو خلق معرفة ودراسة لهذا الأمر وآثاره أو مجرد الاستمتاع برصده. والنبيطة هي</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"> ترجمة لكلمة device. ومجرد ذكر مصر فإن نبضاً ومشهديةً عالية تعتري العمل الروائي. ومن آثار الاستخدام المجدي لنبيطة مصر تلك الحبكة التحتانية subplot التي تحكي قصة البوروندية ناديا صوميل، فهي حبكة جميلة وتشير إلى انفتاح </span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">أفق المصير إن أحسن المرء في إقدامه على الحياة وتتناقض تماماً مع انغلاق الأفق الذي يعاني منه درويش.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #000020; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">إن فكرة الأرض الخراب، في القصيدة، هي فكرة صوفية أو هي دعوة ل" إدراك الحقيقة من خلال رموز الموجودات". أن الأرض التي خُربت كانت أساساً للخوف والضعة، وما موتها إلاّ بشير بانبعاثها في برزخ أبدي مشرق، وفق إملاء لفظي imperative أحادي هو Da والذي يأتي صداه ثلاثي اللفظ، داعياً للعطاء والرحمة وضبط النفس. وهذه الألفاظ تمتاز بها الهندوسية وديانات شرقية أخرى أخذها إليوت منها وضمّنها في قسم قصيدته الأخير، ما قاله الرعد. ولعل في عبارة إليوت في مقام آخر "أن الشعر فن لا شخصي،</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"> لذلك يجب أن يحدث انفصال كامل في داخل الفنان بين الإنسان الذي يعاني وبين الإنسان المبدع الذي يخلق" ما يعزز نظرته الصوفية. فلقد وضع إليوت، في قصيدته الأرض الخراب، حداً للهدم الذي أحدثته الحرب وعواقبها، لكنّ ساكن استعاض عن فكرة الأمر الثلاثي الهندوسية بفكرة النهاية الثلاثية لروايته. فدرويش عمد إلى تخريب حياته بلا توقف، وبملمح صوفي حلاجي، وإن ترتب على ضيق أفقه وإنكاره لحقائق الحياة المعاصرة، وإلى حد الإفناء. فنورا زوجه تقول في شهادتها في آخر الرواية "..ربما انطلاقاً من تلك الفكرة بالذات، هو الذي وضع خطة موته- كما اكتشفنا لاحقاً- وهو الذي كتب رسالة تقول إنه ينوي الانتحار، وعليها بصمات أصابعه وتوقيعه.." بينما كان الحلاج يقول "أريد أن أقتل هذه الملعونة" مشيراً إلى نفسه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">والنهاية التي اقترحها المؤلف وأقلع عنها قبل أن يذعن لنهاية تكتبها ثلاث شخصيات في الرواية، أو أي نهاية شبيهة بها، في تقديري، ربما هي أكثر النهايات ملاءمة. وهنا شاهد على الاستلهام في فكرة النهاية الثلاثية يتبعه مباشرة نقيض للاستلهام في دوام فكرة الهدم حتى نهاية الرواية. نقرأ ما كتبه ساكن عن النهاية التي لم يعتمدها "فكانت خطتي لإنهاء الرواية.." وهذا الاقتباس، للمناسبة، هو من صلب الرواية نفسها…"تذهب إلى عودة درويش إلى مصر أو السودان مرة أخرى، هارباً بابنته ميمي من جحيم الفساد الأخلاقي والقيمي الأوروبي.."</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">لقد قلت مسبقاً أن أحداث الرواية تبدو عادية ما خلا بعض إشراقات الحكي ولذلك فإن المؤلف، وهو لا شك ضليع في فنه، قد اعتمد على الاشتغال على مستوى طرائق السرد أو الانتقال من الذي يُحكى إلى كيف يُحكى. وجاء أول ذلك في مطلع الرواية حيث يضعنا المؤلف أمام الأزمة مباشرة، تماماً كما تبدأ الكثير من القصص القصيرة. ثم ينتقل من زمن لآخر عبر استرجاعات عدة، وحشايا سردية، ومشاهد، ويعمل كل ذلك فعل السحر في القارئ. ولكن المؤلف يخوض، على مرأى منا، معركة غرائبية، يتم فيها إقصاء الراوي عن مهامه، وذلك لأن الراوي "شاء أن يهتم بحدثٍ تافه عابر وقع بينما كان درويش في طريق عودته لسلفالدين بقطار الرابعة والدقيقة الثامنة بعد الظهر." وينبغي علينا إدراك أن ما يزيد من غرابة هذه المعركة هو أن أطرافها ثلاثة وأن اثنين منهم محض خيال. فنحن إزاء المؤلف ع ب ساكن والمؤلف المفهوم ضمناً، وهو الكائن المتخيّل implied author والذي نعرف أنه كاتب النص ولكن لا دليل على أنه هو المؤلف بعينه، ثم الراوي الذي لا وجود له كشخصية في الرواية. وفي حيثيات حكمه على الراوي يورد المؤلف أن ما انتواه الراوي كان "سيورط النص الأدبي في ما يسميه بعض النقاد الكلاسيكيين الحرفيين: الخروج المريع وغير المبرر فنياً عن الخط العام للتحقق السردي.." ويستطرد المؤلف في رواية مشكلات سابقة له مع رواة آخرين، مثل ما حدث في روايته الخندريس حيث "عندما رغب الراوي في تحويل الرواية إلى مغامرة بوليسية، ولم يعجبني ذلك، وقمت حينها بتولي قيادة السرد بإسمي الشخصي في فصل بأكمله. كان الأمر مخجلاً بالنسبة لي ومرهقاً، أن أكون مؤلفاً وراوياً." ومبلغ علمنا أن الأكثر عرضة لعبء السخرية في هذه الحالة هو الراوي. لكن الراوي ليس شخصية حقيقية. ولئن كانت خناقة ساكن </span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">م</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">ع الراوي كبيرة، فإنها لا ينبغي أن تجعلنا ننسى أن ساكن أوكل لراوٍ غير مضمون، هو درويش نفسه، أن يحكي فصلاً هاماً بعنوان سيرة المرأة. فدرويش غير مضمون unreliable بشهادة المؤلف نفسه. وبالطبع فإن الروائي المتمرس مثل ساكن يمكن أن يأتي بأشياء عجبا. وأنا أعرف، مثلاً، رواية موت العراب، التي قام فيها المؤلف بالإطاحة ببطل الرواية بعد أن تعوّدنا عليه ونصب محله إبن بطل الرواية كبطل جديد لتلك الرواية.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">إن الاشتغال على السرد والتجريب في العمل الروائي هو أمر لا يتوقف ولكن يبدو أن مشكلة إنهاء الرواية أو جعلها ذات نهايات متعددة، على الرغم من كونها نصاً مغلقاً يمكن فهمه وفق أعراف وتوقعات مألوفة راجع الفقرة الأخيرة، أو ختمها بطرد الوقائع بكيفية تجعلها تتبدد في ناحية من الغلاف الداخلي الأخير. كل هذه ليست أموراً وشيكة الحسم لأن الناس، بحسب نقاد كثيرين، يؤولون العالم وفق البدايات والنهايات، أي حسب مبدأ الغائية. وكما ذهبت مدرسة شومسكي للقول بوجود جين لغوي فإنه ربما طلع علينا أحدهم بجين للختام. فكلنا نعشق النهايات وقد نرى فيها بدايات جديدة. وهذا يعني أننا لا زلنا نثمن عالياً التوقعات التي بنتها فينا الطرائق والتقاليد الروائية، وأنه لا زال هناك الأدب المعياري canonical الذي يحظى بسمعة طيبة، كلٌ في حيزه أو إقليمه أو يسهل الإجماع حوله. وفي المعياري يقف منتصباً، لا زال، إطار أرسطو المعروف ليردم الهوة بين ما حدث وما يراد له أن يحدث. إن النهاية التي لم يعتمدها ع ب ساكن هي التي تستجيب لتعاطف القارئ و" تصعد بحزنه لتفجّره، فتخلي نفسه من أحزانها المصيرية."، أي تولّد فيه عاطفة تفعل فعل الدواء الملطف للمزاج cathartic دون أن نغفل أن الذي يبكينا أكثر قد لا يكون أدباً جيداً. ونظرية أرسطو رغم تعرضها للنقد المرير من أعلام مثل جورج أورويل، سولجنستن وبرتولد بريخت وغيرهم إلاّ أنها لا تزال حيوية. وكلمة cathartic تعني في الأصل مليّن، لكنها تعني أيضاً ما يسبب الانعتاق الشعوري.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">إذاً، وفي تقديري، فإن أزمة نهاية الرواية هي ما حمل ساكن على هذا النشاط المحموم والعالي المهنية والذي لم يكن بلا آثار جانبية، سواء على مستوى الفكر كأحد عناصر الحبكة، أم عن اللحظات غير الخيالية اقرأها غير الروائية، أم على مستوى استجابة القارئ.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">تأتي في بنية الرواية خصيصة التعقيد الفكري، ما استقام من فكر وما انجلى. ما كان ينبغي لدرويش أن يتعلمه من أزمته لأنه "أفكاره أيضاً حدث فيها بعض التغيير الذي يصفه بالإيجابي، لأنه ما عاد يرى البشر إما كفاراً أو مسلمين" وأن فكرة قبوله بالمجتمع الأوربي، الجديد عليه، لم تكن صعبة، وإن تدخل فيها البوليس أحياناً، بالنظر لامتيازاتها. إن موضوعة الهوية وكراهية الآخر والحريات لم تحظ بشرح كاف ولا عجب فالرواية قصيرة، شاء لها كاتبها أن لا تسع صراعاً فكرياً، كان يمكن أن يتم من خلال وسائط حكائية أو حوارات عميقة تسمح للقارئ باستدعاء مصائر أخرى مغايرة. وتأتي هذه الخاطرة كأمنية بأن تكون سردياتنا الكبرى هي التي تضع على المحك وتناقش الأسئلة التي لا بد من جوابها قبل أن نصير أمة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">لقد مرت بالرواية لحظات non fictional إنوجدت فيها شخوص واقعية حيّة داخل بنية الرواية. أشخاص أحياء عند ربهم يرزقون. لا بأس، هنالك أيضاً في الشعر، مثلاً، لحظات غير شعرية. لكن هذه اللحظات قد تغدو مصدراً لانزعاج القارئ فمثلاً ومنذ بداية الفصل المسمى درويش يحس القارئ بوجود راو آخر، غير معرّف، يبدو أنه الراوي الضمني أو هو المؤلف، فهنا تحدث بلبلة، بمعناها العادي وليس الفني. ثم تمضي الرواية لنقرأ: "الراوي أصر إصرارا بالغاً على وضع النقاط على الحروف… على كل سأحكيه هنا بشيء من التحفظ لا بأس به، أي بالقدر الذي لا يقلل من قيمة</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Syncopate; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;"> </span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">العمل الفني أو يخلق ارتباكاً لدى القارئ." ويتدخل هذا الصوت الذي لا نملك دليل على أنه المؤلف نفسه ليقول: "فمن غرائب الأحوال أن هذا الراوي لا يحب الحوارات." إلى أن نقرأ: "قد يتوقع القارئ الكريم...أن الرواية منذ هذه اللحظة سوف تمضي في ثلاثة محاور…" ونحن نعرف وعي المؤلف بهذا الأمر بل هو قد صدّر روايته ببيت الشعر المأخوذ من بودلير، أيها القارئ المرائي يا شبيهي يا أخي، ثم قال عنه "أما القارئ المرائي المغامر الصعلوك..فقد يكون له رأي آخر. لا ندري ما هو بصورة قاطعة." فيبدو أن القارئ مستهدفٌ بالنشاط التجريبي الذي قام به المؤلف وأنه إما أن يكون محباً للأدب أو قارئاً متمرساً، سيجد متعة في الأجزاء الأخيرة من الرواية التي تشبه ورشة عمل حول طرائق كتابة الرواية، أو يكون مستهلكاً عابراً، سيجد أن نفس هذه الأجزاء المذكورة تحكي عن أزمة في كيفية إنهاء الرواية وحسب. ومن زاوية نظرية استجابة القارئ reader response في تصريفها الفرنسي عند رولان بارث يمكن أن تنتقل المسألة لأزمة في هوية الرواية نفسها، هل هي نص قارئي readerly، مغلق، يجود على القارئ بفهم واحد. أم هي نص كاتبي writerly، مفتوح، يمكنك إنهاؤه كيف تشاء.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">ختاماً، طابت لي، بحق، قراءة هذه الرواية لما يميزها من سيولة في اللغة ولما فيها من جهد الكاتب العارف بأدواته وموظفٍ لها بحكمة واقتصاد، وما كتبت هذا إلاّ ملتزماً بطريقتي في أن أعبر حيثما وسعني التعبير.</span></div>
<br /><br /><div dir="ltr" style="margin-left: 0pt;">
<table style="border-collapse: collapse; border: none;"><colgroup><col width="475"></col></colgroup><tbody>
<tr style="height: 22.5pt;"><td style="padding: 5pt 5pt 5pt 5pt; vertical-align: top;"><br /></td></tr>
</tbody></table>
</div>
<br /><br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.656; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline;">.</span></div>
<br /><br /><br /><br /><div style="text-align: right;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-78176768827633220762017-07-17T16:49:00.002-04:002020-12-06T21:36:25.729-05:00الواقعية المفرطة Hyperreality<div style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; margin-bottom: 6px; text-align: right;">
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إذا أفلس التاجر...</span><span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> </span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الواقعية المفرطة (Hyper-reality) </span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">عند جان بودريار (1927ـ2007)</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">محمد عثمان دريج،</span><span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> 2008</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGw35e7MiuWC1AjIdFR4UcjAMKVRXFmLj9WKUn5-DOg9vq9qfnhNW0TO59jtVeE6rJ7IvLTTlOOPlVZpZLwf7JVZWQePbnKMnTDk7Zo85hwUNcx48noZMGPDrxRfiD-8fPce_NmvF20nk/s1600/drage.jpg" imageanchor="1" style="clear: right; display: inline !important; margin-bottom: 1em; margin-left: 1em; text-align: center;"><img border="0" data-original-height="236" data-original-width="300" height="157" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgGw35e7MiuWC1AjIdFR4UcjAMKVRXFmLj9WKUn5-DOg9vq9qfnhNW0TO59jtVeE6rJ7IvLTTlOOPlVZpZLwf7JVZWQePbnKMnTDk7Zo85hwUNcx48noZMGPDrxRfiD-8fPce_NmvF20nk/s200/drage.jpg" width="200" /></a></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-weight: 700; white-space: pre-wrap;">تمهيد:</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">كانت من ضمن الهدايا التي وصلتني خلال أعياد الميلاد الماضية (2007) باقة زهور متوسطة الحجم. كانت الزهرات داكنة الحمرة و كانت أغصانها داكنة الخضرة. و كنت قبل تلقى هذه الباقة قد رأيت مثلها (هكذا خُيِّل لى) منصوبة امام موظفى الصرّفات فى مصرف مجاور. لفتت إنتباهى زهرات المصرف والتي عندما إقتربت منها و تحسستها تيقنت من أنها كانت صناعية و ليست "طبيعية". و بناءاً على تلك النتيجة "المخزّنة" فى ذاكرتي تعاملت بالمثل مع باقة الزهور الهدية على إعتبار أنها هى الأخرى صناعية مثلها مثل الكثير مما يستخدم اليوم لأغراض الزينة و خلافها.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">و لكن بعد أيام قليلة لاحظت أن الباقة الهدية قد بدت فى حالة أشبه إلى الذبول و كان لسان حالي يقول "أيعقل" أن تذبل حتى الأزهار الصناعية؟ من أين لها بهذا الإمتياز؟ و لكن لدى اقترابي منها و تحسسى لها إندهشت عندما إكتشفت بأن باقتى لم تكن صناعية بل كانت "طبيعية". حاولت معالجة الأمر و تقديم الماء و الهواء و أشعة الشمس النادرة لها فى هذه البلاد ولكن باءت مجهوداتي كلها فى إنقاذ "الطبيعى" بعد أن التبس مع الصناعي بالفشل. استمرت زهور أعياد الميلاد فى الذبول و بدأت أغصانها فى التساقط‘ فلم اجد بداً فى نهاية المطاف من القائها فى برميل القمامة.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مرت فترة طويلة على ذلك الحدث ولكن تبقى شئ لا يفتأ يعود من وقت لأخر: شئ أشبه بالفكرة. "كيف تسنى لهؤلاء أن يصنعوا زهرة نعجز عن تمييزها عن الزهور الطبيعية؟ وهذا ينسحب أيضاً إلى المصنوعات الأخرى التي لا يكاد يميز بينها و بين "الوقائع" التى "تمثلها" وما أكثرها اليوم . لقد انهارت الحدود بين ما هو حقيقى و ما هو صناعي بالدرجة التي ما عاد فيها الحقيقى حقيقى أو الصناعى صناعى. ولا يقتصر هذا الوضع فى عالم اليوم على بضع أشياء محددة و لكنه إمتدّ ليشمل كل جوانب الحياة البشرية المختلفة السياسية و الاجتماعية و الثقافية و اللغوية و الجنسية‘إلخ.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تندرج هذه الوضعية تحت مفهوم الاصطناع أو التشبُّه Simulation حيث "الواقع" يُنتج من نماذج مستنسخة. هذه النماذج يتم توفيرها فى الغالب من صور أو تصور للـ "واقع". ولعل أهم ما يميّز واقع اليوم المصنّع أو المصطنع هو افتتان الناس الشديد به واصطراعهم من أجل الحصول عليه وامتلاكه و تفضيلهم له على الواقع "الحقيقي". ولعل أفضل مثال لذلك الصورة و الصوت الرقميين Digital. فهل يعنى هذا ميلاد مرحلة جديدة فى مسار الحضارة الإنسانية تكون فيها الغلبة للنسخة "المحسنة" أكثر من واقعها "المجرد"؟ و ما هي النتائج الاقتصادية </span><span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; white-space: pre-wrap;">والاجتماعية والسياسية والفلسفية، بل الأخلاقية التي سوف تترتب على هذه الوضعية؟</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لم يتوقف إنتاج الواقع أو أشياءه اليوم من نماذج و صور ذات المرجعيات "المعروفة" وحسب ولكن ايضاً هناك إنتاج للواقع يتم من صور بلا مرجعيات فى الواقع، أى صور منبّتة، كعالم ديزنى لاند على سبيل المثال. و مثل هذا الواقع أصبح يُعرف بـ" واقع الصورة المخادعةSimulacrum. ولعل أبسط تعريف يمكن تقديمه للصورة المخادعة هو أنها عبارة عن صورة (نسخة)من الواقع المصطنع.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ميلاد مفهوم الواقعية المفرطة:</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">جاء فى القاموس الالكترونى (</span><a href="https://l.facebook.com/l.php?u=http%3A%2F%2Fanswers.com%2F&h=ATNYy9_MLG7ZsMzmU5R0cNT9UpoD7C3mCo9d2mKubh-PjgjisnHkthJ0yJYeXG8I2X1FPqwPHyCfE5O3Uua1aBGVHJ7aQXSQK1zrcnzCiJ-OvypmpGn6-4VaUG1NY6_SWXxTbyhO1NAmYot9nsY&enc=AZMIOUV4DJTLdNIpzsqS2PE-lvDn63o-B3fJwXm1T8jaSB1-qKBB0w3sISk8fT58U7XAbBXZS8-8CZgBQKKtEnyAsD1L92tYjlx4fzFnXLkMjTiOd78dGY0u909HzaJDFALsxnr_O_nKXxCLFCJvyPW5BncO-Sw6Hir19MYgnS_Z9y4tt7OJ4fjE-WNbEigxbMA&s=1" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #365899; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">answers.com</span></a><span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">) أن مفهوم الواقعية المفرطة يعود بجذوره الى تاريخ قديم حيث ساد الجدل حول مفهومي "الواقع" Reality و "الوهم" Illusion. لكن الإستعمال الحديث للمفهوم ارتبط بكتابات المفكر الألماني والتر بنجامين الذى قدم مفهوم الأروقة المسقوفة/المقنطرة Arcades و دراسته للسلعة كـ"علامة" .</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">و بالنسبة لمصادر أخرى فتُعتبر الواقعية المفرطة Hyper-reality تعبير يستخدم ضمن علم الدلالة Semiotics و فى فلسفة ما بعد الحداثة لتوصيف سمات ثقافة ما بعد الحداثة الصاعدة. و من هذا المنطلق تعتبر الموسوعة أن الواقعية المفرطة كمفهوم إنما يتعلق بالطريقة التي يتفاعل بها الوعى مع الواقع خاصة عند اللحظة التي يفقد فيها (الوعى) قدرته على التمييز ما بين "الواقع" و الخيال فينزلق إلى عالم الواقع المفرط الذي يتصف بتحسن الواقع فيه إلى الدرجة التي يصبح فيها هو (أى الواقع المفرط) أكثر واقعاً من الواقع فى حد ذاته. و يمكننا هنا أن نشير مرة أخرى إلى مثالينا سالفى الذكر الخاصين بالصوت والصورة الرقميين Digital. فمع هيمنة هذه الأشكال المُصنّعة يستحيل عودة الناس إلى الصوت المسترسل الأقرب للصوت "الواقعى" Analog و ترك الصوت أو الموسيقى الرقمية المنتجة من تركيبة الرقمين صفر و واحد.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">اهتم العديد من النقاد والفلاسفة المولعين بقضايا المجتمع والثقافة السائدة بصفة خاصة بمسألة إنتاج وإعادة إنتاج الواقع وتضميناتها الاجتماعية والنفسية والأخلاقية. والواقع المصنّع سواءا كان له مرجعية ثابتة أو بغير مرجعية يندرج تحت مسمى الواقع المفرط Hyper-reality أو التقديري/الافتراضي Virtual ومجاله اليوم الحاسب الآلي وأجهزة التحكم من على البعد والهواتف إلخ و تأثيراتها العميقة فى حياتنا اليومية. </span><span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; white-space: pre-wrap;">ومن أشهر منظري مفهوم الواقعية المفرطة المفكر الفرنسي جان بودريار و الفيلسوف الأمريكي ألبرت بورجمان والمؤرخ والكاتب الأمريكي دانيال بورتسين والفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ففي مقالته الشهيرة التى تناول فيها مفهوم "الواقع المفرط" 1975 أشار أمبرتو إيكو إلى جنوح الناس نحو إعادة خلقنة الواقع من أجل الحصول على أشياء أفضل و أكثر إثارة و جمالاً و رعباً وجاذبيةً مما هى عليه فى الواقع . أما الناقد الإجتماعي دانيال بورستين فيرى أن الواقع المصطنع يوفّر لنا إحساساً مزيفاً بتجاوز الحياة اليومية المعاشة و لكنه حذر من مخاطر استشراء الواقع المصطنع على المجتمع . و كان أن جمع أفكاره فى كتابه "الصورة: دليل الأحداث الزائفة فى المجتمع الأمريكي" 1961.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<div style="font-size: 14px;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">سنحاول هنا تقديم بعض المفاهيم الأساسية المرتبطة بمفهوم "الواقعية المفرطة" لدى أحد هؤلاء المنظرين والنقاد الاجتماعيين الذين أولوا مسألة الواقع المفرط إهتماماً متزايداً‘ بحيث لم تخلو كتاباته الكثيرة والمثيرة للجدل من الإشارة إلى "قضية" الواقع المفرط و تأثيراته "العميقة" على الحياة الإنسانية. ذلك هو المفكر والناقد الاجتماعي الفرنسي جان بودريار و المعروف فى بعض الدوائر بـ"القديس الأعظم لما بعد الحداثة"‘ </span><span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; white-space: pre-wrap;">وهي الصفة التى رفضها مراراً و تكراراً.</span></div>
<div style="font-size: 14px;">
<span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div class="separator" style="clear: both; font-size: 14px; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEggRYff-92q52YPOQXLvnk-ba3Cg0zkf045z4ce4tIM0INjMYuoy6I812pfZEqU1G7UzZo3zOOI0L4oLlTUn6c7GUL60qYFtWuNbzAyPeRVus9QOQlU7UtGhi6eug23FfC0zc1Nbiw7zsk/s1600/baud.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="620" data-original-width="456" height="200" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEggRYff-92q52YPOQXLvnk-ba3Cg0zkf045z4ce4tIM0INjMYuoy6I812pfZEqU1G7UzZo3zOOI0L4oLlTUn6c7GUL60qYFtWuNbzAyPeRVus9QOQlU7UtGhi6eug23FfC0zc1Nbiw7zsk/s200/baud.jpg" width="146" /></a></div>
<div style="text-align: center;">
<span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: xx-small; white-space: pre-wrap;">بودريار</span></div>
<div style="font-size: 14px;">
<span style="background-color: transparent; font-family: "arial"; font-size: 12pt; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div style="font-size: 14px;">
<span style="background-color: transparent; clear: left; float: left; font-family: "arial"; font-size: 12pt; margin-bottom: 1em; margin-right: 1em; white-space: pre-wrap;"></span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">جان بودريار والواقعية المفرطة:</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تشكل "الواقعية المفرطة" أحد أهم المفاهيم التي ترفد المشروع النظري والأخلاقي للمفكر و فيلسوف النقد الإجتماعي والإعلامي الفرنسي جان بودريار وهو المشروع الذى يستهدف بصفة أساسية "أُسس الحضارة الغربية" مجتمعاً و ثقافةً و فكراً بشقيها الرأسمالي و الاشتراكي التي لم ينفك يكيل لها ضرباته النقدية الحادة. و يتواكب إستهداف بودريار لأسس الحضارة الغربية مع المحطات الرئيسية فى مسيرته الفكرية. هذه المحطات هى انخراطه شبه الكامل فى الماركسية ثم محاولاته تطوير الماركسية خاصة بعد تبنيه علم الدلالة البنيوي على نهجي رونالد بارت و باطاي و تطبيقه على أنماط الاستهلاك السائدة و أخيراً تخليه نهائياً عن الماركسية التي رأى أنها تشترك مع الرأسمالية فى وقوعهما معاً فى شراك الإقتصادوية المرتكزة على مفهوم الإنتاج ليبنى بعد ذلك مشروع نقده المختلف على مفهوم الاستهلاك كأهم آلية لتنظيم المجتمع و علائقه.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">و يركز بودريار على مفهوم إستهلاك العلامة Sign بدلاً عن مدلولها‘ أى الشئ فى حد ذاته. بمعنى آخر‘ يرى بودريار أن المجتمع الاستهلاكي يهتم بالوظيفة التضمينية Connotative للأشياء Objects أو السلع أكثر من وظائفها الدلالية "المباشرة" Denotative. فجهاز التبريد (الثلاجة) أو الهاتف أو السيارة أو الساعة‘ إلخ مثلاً إنما يُهتم بتضميناتها الإجتماعية والطبقية التي غالباً ما يدلل عليها من خلال صفاتها غير الأساسية inessential- كالماركة أو التصميم الخ، و التى تزيد من قيمتها الحقيقية، أكثر من مجرد تأديتها لوظائفها كالتبريد والإتصال أو التوصيل. و من هنا يتخلى بودريار عن مفهوم القيمة الاستهلاكية Use Value للأشياء ليركز على "القيمة التبادلية للعلامة" Exchange Value of the Sign.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">و باستخدامه لمفهوم الواقعية المفرطة يرى بودريار أن الحضارة الغربية تعيش اليوم لحظات ما بعد موتها. وأن هذا الموت (مجازاً) إنما ينتج عن المحاولات المحمومة لإكتشاف العالم و سبر أغواره و القضاء على أسرار الكون و غموضه وسحريته...الخ ليصبح العالم بعد ذلك مجرد صورة Image/Sign متحجرة Fossilized وواقعية أكثر من الواقع فى "ذاته"- أي واقع مفرط - و شديد الشفافية. و يحدث إنتاج هذا الواقع بطريقة متسلسلة Serially أو إجرائية Procedural و فى سيرورة هاتين الطريقتين أيضاً يتم القضاء على كل أصل أو مرجع – مبدأ الواقع. والنتيجة النهائية هى سيادة سيطرة النموذج أو النسخة و الصور المخادعة/المنبتة Simulacrum أى الواقع المصطنع Simulation أو النسخة الشبيهة. و يطلق بودريار على سيرورة إنتاج الواقعية المفرطة "إغتيال الواقع" Murder of the real.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تأثرت كتابات بودريار فى بداية مراحله الفكرية والنظرية بأفكار جيى ديبوُ (Guy Debord (1931-1994 "حركة سيتويشنست الأممية" Situationist International. وكانت الأفكار السائدة داخل المنظومة الماركسية فى تلك المرحلة قد بدأت ترى حدوث تحول فى المنظومة الرأسمالية القائمة على مفهوم الإنتاج Production تطورت بموجبه إلى شكل لاحق يتأسس بصورة رئيسية على أنماط الاستهلاك Consumption والصناعة الإعلامية و التلاعب Manipulation بالمعلومات. ولعل من أهم الأعمال التي أشارت إلى هذه الوضعية هي أعمال أدورنو وهوركايمر التي اعتمدت فى الأساس على نظريات عالم الاجتماع ماكس فيبرMax Weber.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إلا أن هذه الأفكار "الماركسية" حول قراءة المجتمع الاستهلاكي قد تم تطويرها بشكل كثيف فى أعمال جيى ديبوُ بخاصة فى كتابه "مجتمع المشهد" Society of the Spectacle الذي يصف فيه المشهد ب "اللحظة التى تتمكن عندها السلعة فى التحكم الكامل على الحياة الاجتماعية" .</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فى مقاربته لمفهوم الواقعية المفرطة‘ يستلهم بودريار قصة الكاتب الأرجنتيني جورج لويز بورهيس (1899-1986) حيث يقوم رسّامو الإمبراطورية بتصميم خريطة دقيقة لها،الإمبراطورية، سرعان ما تغطي جميع أركانها بالكامل لكن مع تدهور المملكة تبدأ الخريطة فى الاهتراء إلى أن تتمزّق تماماً فى نهاية المطاف كنتيجة للانهيار الكامل للإمبراطورية بحيث لا يتبقى منها سوى قصاصات قليلة تتناثر فى الصحراء.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">نلاحظ فى محكية بورهيس تلك العلاقة الوشيجة ما بين المملكة (الواقع/المرجع) والخريطة حيث أن الأخيرة تتبع الأولى فى كل شئ. وتمثل هذه الوضعية ما يطلق عليه بودريار بـ"النسق الثاني للصورة المخادعة" والذى سوف نتعرض له بشئ من التفصيل لاحقاُ. و لكن يختلف الأمر فى "واقع اليوم" حيث يقول بودريار إن "الصورة التجريدية ما عادت تتمثل بالخارطة او القرين أو الصورة في المرآة أو المفهوم." و أن "التشبُّه/الإصطناع Simulation لم يعد يعتمد على وجود حيز جغرافى بعينه او كائن مرجعى او ايّة مادة يقوم عليها و لكنه عبارةعن عملية توليد واقع أو أشياء من نماذج جاهزة تفتقر عندها هذه الأشياء إلى أى أصل أو مرجع." وهذه الأشياء هى التى يطلق عليها بودريار صفة الصورة المخادعة Simulacrum. ويخلص بودريار إلى أن الحيز الجغرافي/المكان ما عاد يتقدّم الخريطة لكن العكس هو الصحيح حيث أن المكان يأتى بعد الخريطة. هذه الوضعية أطلق بودريار عليها بـ"أسبقية (هيمنة) الصور المخادعة" Precession of the Simulacra.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لكن القضية هنا لا تتعلق فى الأساس بما إذا كانت الخارطة أو المكان هو الذى يسبق الآخر و إنما تهتم بمسألة إختفاء جماليات و سحريّة الفروق التى كانت تميّز ما بينهما‘ أي ما بين الأصل والصورة أو الحقيقى و المصطنع. هذه الفروق هى التى‘ على حسب قول بودريارد‘تشكِّل شاعرية الخريطة و سحرية المفهوم و جاذبية المكان و الواقع‘ و التى ماتت مع صعود الإصطناع أو التشبُّه الذى يعتمد فى عملية إنتاج الواقع على إستخدام الذرّة أو الخلايا الوراثية أو المعلومات المخزّنة إلكترونيّاً و ليس على الصور المنعكسة أو الخطابية. والأكثر من ذلك‘ أصبح الواقع يُنتج من وحدات مصغّرة و قوالب جاهزة سهّلت عمليات إعادة إنتاجه (الواقع) عدداً غير محدود من المرات.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">كذلك يرى بودريار أن عمليات الاصطناع و الصور المخادعة لا تتعلق فقط بمسائل التقليد أو النسخ أو المحاكاة و إنما بمحاولاتها إبدال علامات (صور) الواقع "الحقيقي" لتصبح هى هى الواقع ذاته.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">و يحدد بودريار أربعة مراحل لصعود الصورة/العلامة تقابلها أربعة أنساق اجتماعية و تاريخية. هذه المراحل هى:</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">1- مرحلة هيمنة الأصل حيث تمثل الصورة واقعاً محدداً </span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">2- مرحلة التزوير أو التزييف حيث تحجب الصورة واقعاً بعينه </span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">3- مرحلة الإنتاج الآلي المتسلسل. و هنا تمثل الصورة غياب واقع محدد</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">4- مرحلة هيمنة النسخة و هى المرحلة التى لا تحمل الصورة معها اي علاقة مع الواقع</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">المرحلة الأولى تنتمي إلى ما يسميه بودريار بالنسق الرمزي Symbolic Order وهى المرحلة السابقة للحداثة حيث ينتظم المجمتع حول علامات ثابتة تتوزع بحسب أوضاع الناس الإجتماعية و أدوارهم فى الحياة. ففي ظل النظام الإقطاعي، على سبيل المثال، ما كان بوسع الفلاح أن يصبح ملكاً و كذلك يسهل تمييز "طبقات" الناس فى المجتمع عن طريقة لباسهم و هكذا. و يتم فى هذا النسق تثبيت مدلولات العلامات بواسطة القوى الخارقة (الإله) أو بواسطة بُنى السلطة السائدة فى المجتمع.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أما المرحلة الثانية فترتبط بما يطلق عليه بودريار بالنسق الأول للصورة المخادعة First Order Simulacrum وهى تغطى الفترة من بداية عصر النهضة وحتى الثورة الصناعية‘ حيث شهدت هذه الفترة تقويض النسق الإقطاعى بواسطة القوى البرجوازية الصاعدة و فتح باب التنافس على أشده حول تحديد مدلولات العلامات . فالصورة فى هذه المرحلة كانت تهدف إلى خلق نموذج مثالي للواقع أو الطبيعة عن طريق الإنتاج الصناعى الدقيق و هو الشيئ الذي أدى إلى تصدع الفوارق التي كانت تميّز الواقعى و الحقيقى عن التمثيلي أو المصطنع. و قد ازدهرت فى هذه المرحلة صناعة النسخ والتى بدأت تهدد باحتلال مكان الأصل. كل ذلك قاد إلى ظهور أنشطة التزوير والتزييف. و من أهم أمثلة هذه المرحلة هي التصوير الفوتوغرافي و الآيديولوجيا و صعود الأسلوب الباروكي Baroque فى الفن بجنوحه نحو غرائبية الأشكال و الإهتمام بالتفاصيل المنمّقة و المثيرة و أيضاً ظهور المسرح و الموضة‘ إلخ. و لكن مع استشراء عمليات النسخ إلا أن الأصل فى هذه الفترة لم يزل يحتفظ بتميزه و مرجعيته.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أما المرحلة الثالثة والتي تمتد من الثورة الصناعية وحتى منتصف القرن العشرين والتى يطلق عليها بودريار بالنسق الثاني للصورة المخادعة Second Order Simulacrum فقد تميّزت بالاعتماد فى عمليات الإنتاج الغزيرة للنُسخ على وجود نموذج أصلي وحيد Prototype. </span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ويمكننا أن نستشهد على هذه المرحلة بالإنتاج الكثيف للسيارات و الطائرات و الكبارى والملابس والكتب التي لا يمكن تمييزها عن نماذجها الأولية التي أُخذت عنها ولذا يصعب أيضاً وسمها بالتزييف أو التزوير.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">المرحلة الأخيرة أي مرحلة النسق الثالث للصورة المخادعة Third Order Simulacrum كما يسميها بودريار فتمثل واقع الوقت الراهن أو "ثقافة ما بعد الحداثة" كما يحلوا للبعض نعتها. و تتميز هذه المرحلة بالهيمنة شبه التامة للواقع و أشيائه المصطنعة والتي تفتقر إلى نموذج أوّلى أوحد أو مرجع أى عصر النموذج و الشفرة Code ممثّلة بأجهزة الحاسبات الآلية و التحكم من على البعد Cybernetics والواقع التقديري</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ومسوحات استطلاعات الرأى و الخلايا الوراثية DNA و الهندسة الوراثية والاستنساخ و ديزني لاند و جميعها تقف شاهدة على موت ‘الواقع الحقيقي حيث ما عاد هناك وجود لتزييف أو تزوير نموذج أوّلى و لكن كل ما هو هناك اليوم عبارة عن واقع مصطنع مفرط وافتراضي بكل ما يحمل المفهوم من دلالات. و أكثر ما يميّز هذه المرحلة هو إحلال ثورة المعلومات مكان "آلة التصنيع" لتصبح هى هى نمط الإنتاج الرئيسية.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الواقعية المفرطة: آثار و تضمينات</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فى ثقافة ما بعد الحداثة الراهنة أصبحت الصور التي تُعالج بواسطة التلفزيون أو السينما‘ على سبيل المثال‘ أكثر واقعية و جاذبية مقارنة بحياة الناس الحقيقية. فالشخصيات فى دراما التلفزيون، مثلاً، أصبحت أكثر واقعية و شهرة من تلك الشخصيات بلحمها ودمها فى الواقع الحقيقى. كذلك أصبح ارتباط الناس عبر خدمات البريد الإلكترونى و مع شخوص ألعاب الفيديو و منابر الحوار الإلكترونية و أنماط المحادثات الأخرى و الهاتف المحمول أكثر وأمتن من ارتباطهم بأفراد أسرهم. و غالباً ما يحس البعض بالقلق والانزعاج كلما طالت مدة ابتعادهم عن أجهزة الكمبيوتر أو حسابات البريد الالكتروني أو الهواتف المحمولة، إلخ. كذلك قادت هذه الوضعية إلى غربة واغتراب الناس عن ذواتها حيث أنه بسبب سيطرة صور الإعلام أصبح هؤلاء يتصارعون من أجل الحصول على سلع و أشياء لا يأتي الطلب إليها من رغبات "حقيقية" نابعة من حاجياتهم "الطبيعية" و لكنها تتهرب إليهم عبر صور الإعلانات والدعايات التجارية التي ما انفكت تفصل إنسان اليوم عن واقع جسده وعن العالم من حوله. هكذا أصبح استهلاك الصور (علامات الأشياء) أكثر أهمية من استهلاك الأشياء فى حد ذاتها ليشف كل ذلك عن أهمية و دور هذا النمط من الإستهلاك فى خلق نظام عالمي جديد و معقّد.</span></div>
<div dir="rtl" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="ltr" style="background-color: white; font-size: 14px; line-height: 1.38; margin-bottom: 5pt; margin-top: 5pt;">
<span style="background-color: transparent; color: #1d2129; font-family: "arial"; font-size: 12pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">zalingy@gmail.com</span></div>
<div style="font-size: 14px;">
<span id="docs-internal-guid-4fa8ef9f-523b-8fe3-c0c8-cb7b34da9111"><br /></span></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-76813787396189028432017-07-14T20:40:00.001-04:002017-07-18T15:33:17.530-04:00لن نصبر على طعامٍ واحد<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br />
</span> <span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لن نصبر على طعامٍ واحد</span></span></div>
<div style="text-align: right;">
<b id="docs-internal-guid-7b09f4e2-43a7-2776-d77c-17e771457b56" style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: x-small; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">هذا المقال تكثيف لدراسة كاملة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: x-small; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">كاتب المقال لا يتبع أي طريقة أو نظام غذائي</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مدخل أول</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">في العام 1999م، نشر طبيب مختص بدراسة الأمراض الوارد ذكرها في الأناجيل ورقة بحث حول وباء طيور السمان الذي أصاب اليهود ابان تيههم في صحراء سيناء، عقب خروجهم من مصر في عهد النبي موسى. ذكر الطبيب في تلك الورقة عدداً من مشاكل الصحة العامة التي حدثت آنذاك وعلى رأسها أزمة الغذاء التي تعرض لها اليهود. ووصفت الورقة ما ورد حول هذا الأمر في التوراة بأنه كان وباءاً ناجماً عن استهلاك اليهود لكميات من طائر السلوى (السمان) وذلك بعد أن غيّر الله خط سيره وبعث أعداد هائلة منه بطلب من النبي موسى. ثم خلصت الورقة التي اشتملت على تجميع القرائن والأحوال، والأعراض، وحركة هجرة طائر السمان، ووصف الطائر نفسه، إلى أن ما حدث هو تسمم غذائي باكتيري.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">معروف من رواية العهد القديم أن قوم موسى خرجوا من مصر في جماعات ضخمة وعندما جاعوا في الصحراء أرسل لهم الله، بطلب من موسى، المن والسلوى وفيراً ولكنهم كانوا قد اشتاقوا لمصر فرعون التي أكلوا فيها، رغم عبوديتهم من قبل الفراعنة، اللحوم والخضروات والأسماك. والمَن هو غذاء خرافي، نزل من السماء، مكوّن من صمغ مخبوز فيه شبت coriander، وسيتم لاحقاً تعريفه بالعسل. أما السلوى فكما أسلفنا فهو طائر السمان، المعروف، مثل الذي في اسم رواية نجيب محفوظ، السمان والخريف، وسلوى هو اسمه الوافد للعبرية ويعني فيها، ذلك الذي يجعلك تسمن. كما يعرفه بعض العرب بمسمى قتيل الرعد لأنه، كما حكوا، يموت حين يسمع صوت الرعد. وهو طائر كثير الدهن، جيد الغذاء ولا يطير إلاّ أن يطيّره أحد. على أن باحثاً في شمال افريقيا توصل لأن هذا الطائر يحب، فيما يحب، أن يأكل من بذور، تكون سامة لغيره، وتلك طبيعته، وكان الباحث الذي ذكرناه أولاً قد ناقش احتمال أن يكون سبب تسمم قوم موسى هو احتواء لحوم السمان التي أكلوها على بذور نبات الشوكران hemlock، وفيه شبه قلوي سام يقال له coniine، لكن استنتاجه النهائي هو أن ما حدث هو تسمم باكتيري. الذي حدث هو أن اليهود حين اشتاقوا لمصر فقد خصصوا أنهم اشتاقوا للحوم والأسماك وهو ما اعتبرته التوارة إساءة لله لأنه كان، لتوه، قد حرّم عليهم زنا المحارم وأن اشتياقهم للحم قد يعني شهوتهم لإتيان أهل بيتهم. ويقول الله لموسى إذا كانوا يطلبون اللحم فسأكثر لهم من السمان ومن المَن، إلى أن انتهى الأمر بحدوث كارثة غذائية لهم ترتب عليها أكلهم طائر السلوى الموبوء مما تسبب في وفاة أعداد كبيرة منهم.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مدخل ثان</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ينشط علماء الأنثروبولوجيا، على أيامنا هذه، في وجهة تنوير الناس بحقائق، تراكمت في إثباتها الدلائل والقرائن والاكتشافات، تتعلق بدور الغذاء في تطورية evolution الجنس البشري لحالته الراهنة وتتكهن، كذلك، بما سيكون عليه حاله ككائن في المستقبل. وتتضافر العلوم الطبية في هذا الصدد بتقديم دلائل تشريحية ووظائفية تدعم، فيما تدعم، الإجابة الصحيحة في سؤال التغذية ودرء الأمراض المزمنة. وعلى الرغم من أن المقترحات التي يقدمها العلم الحديث تتضمن توصية عالية على أن أصلح غذاء للإنسان هو الغذاء النباتي، إلاّ أن هذا الأمر لا زال بعيداً عن أن يتحقق عند كثير من الناس بسبب الأثر القوي للثقافة والدين. ومهما قلنا عن أن آفة الإنسان هي إكثاره من أكل اللحوم والأغذية المصنعة وأن تحوّله من الأكل الطبيعي، من ما تنبت الأرض، يتناسب طردياً مع تواتر الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، فإن قوى بعينها، تسيطر على صناعة الرأي (الثقافة والدين) وصناعة الغذاء، لا تبدو هزيمتها وشيكة إلاّ إذا انضاف الغذاء الصحيح للمطالب اليومية للناشطين وتصاعد الوعي، وإنفك الناس من سلطان القهر وتسلط الرؤى القديمة والسير.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ونلخص هنا أن العلم يثبت بوضوح أن الإنسان لم يتطوّر ليأكل اللحم، ولم يتجهّز بالفك المفترس والأنياب ولا بالجهاز الهضمي للحيوانات آكلة اللحوم، ولضيق المجال، فإنه حتى تاريخ قريب، كان أكل اللحم من اختصاص الملوك وتَسمّى المرض المتعلق بعجز في تمثيل البروتين بإسم داء الملوك gout. كذلك نلخص أن الأشخاص الذين تحوّلوا إلى نباتيين اعتدلت صحتهم بشكل ملحوظ، دون إغفال أنهم ربما احتاجوا لتعويض بعض الحديد والفيتامينات وغيرهما. ونلخص كذلك أن التلخيصين الأخيرين هما نتاج لمعرفة عميقة ومتواصلة يقوم بها العلم، دون عون يذكر من النصوص الدينية، لأنها، على أقل تقدير، ليست ذات اختصاص، أو هي في أحوال معينة قد جاءت بنصائح غذائية خاطئة ومضللة كما سنرى.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ما حدث في سيناء</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">قلنا أن رب موسى استجاب لإلحاح موسى، الذي بدوره ناتج عن إلحاح قومه، بعد تعديل الطلب من لحم إلى لحم طير. ولكن كيف كان اختياره؟ لقد بعث لهم طائراً مدهناً لا "يقل ضراوةً عن اللحم" وأمطرت لهم السماء خبزاً مرصعاً بالشبت dill، والشبت هو في الأساس بهار ومنّكه لا أكثر، وخبز السماء هذا لم يكن خبز قمح أو حنطة بل كان محض صمغ. فلقد أرسل لهم الله صمغاً في الصحراء وعطشها.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لقد جاء جئير قوم موسى من الجوع واتهامهم لموسى بتجويعهم حتى الموت، نداءً طبيعياً من بشر في محنة غذائية. لكن استجابة الله لنداء موسى لم تراع توازن الغذاء على النحو الذي نفهمه في يومنا هذا، ولذلك يميل الاعتذاريون للقول بأن الجوع لم يكن القضية. بينما يشير آخرون إلى أن الله قصد أن يهلك قوم موسى، ولعل في واقعة الوباء الذي أصابهم ما يدعم هذا التفسير ولكن دعونا الآن نتناول القصة كما وردت في القرآن الكريم.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لن نصبر على طعامٍ واحد</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">يلمس القرآن الكريم أمراً هاماً في حكاية قوم موسى في الشتات ويرد ذلك في الآية رقم 61 من سورة البقرة ألا وهو أن قوم موسى قالوا له إننا لن نصبر على طعام واحد، وهو المَن والسلوى، وقيل طعام واحد لتعني متكرر. ويقول مفسرو الآية إن قوم موسى ملوا ذلك الطعام لأنهم بالطبع لا يملكون معرفة اليوم. فهو لم يكن محض ملل، بل هو حاجة بشرية للتنوع الغذائي. والمفسرون المسلمون يردون إلحاح قوم موسى لكونهم جشعين وغير حامدين لنعمة ربهم. وهذا حكم على قوم لم يكونوا من الوعي بحيث يفرقون بين الابنة والزوجة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فما الذي طلبه قوم موسى على وجه التحديد؟</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">طلب قوم موسى مما تنبت الأرض، عدس وفول وبصل وثوم وعجور وبطيخ. وهذا بالضبط ما يقوله العلم اليوم.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مأزق المفسرين</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إن الآية 61 من سورة البقرة هي امتحان قاس لمفسري القرآن على مر العصور. ويأتي هذا الإمتحان على مستويين، اللغة والثقافة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فعلى مستوى اللغة تجئ جملة "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" غاية في التعقيد، إذ تطرح قضية البدل اللغوية التي ما انفك الناس يتنازعون فيها. فالذي لدينا من معرفة، حتى الآن، في قصة بني إسرائيل، هو أنهم أرادوا تنويع الغذاء، لم يقولوا احجب عنا المَن والسلوى، بل طلبوا الأشياء الواردة في الآية كإضافة لما كان يأتيهم. فلم يكن هناك بدل في أصل الأمر ولكن الآية تسألهم بسؤال الهمزة، وهو سؤال استفهام بلاغته الإنكار، أتستبدلون؟ والكلمات تبدل وبدّل واستبدل وشرى واشترى هي كلمات مرموقة في قاموس القرآن الكريم. ونرتقي في الأمر قليلاً لنلاحظ أن تبديل الأدنى بالذي هو خير فيه شئ من الغرابة إذ أنه تبديل صفة أو حال بجوهر. فأدنى هي وصف لحال، ذلك ما يقتضيه التفكير السليم، الشئ أدنى هو الشئ الأقرب. كيف تبدل ما هو أقرب بما هو خير وأقرب لا هي خير ولا شر؟ وفي كل الأحوال ما هو وجه الإنكار هنا لإستخدام الهمزة كبادئة ل تستبدلون، أتستبدلون؟ إذا كانت كل أنواع المأكولات المذكورة هي حلال؟ لكن المفسرين، كي يفهموا وجه الإنكار، قالوا إن أدنى هنا ليست بمعنى قريب، ثم قالوا هي قريب بمعنى أن ما طلبه اليهود هو من أكل هذه الدنيا الفانية، ثم عادوا وقالوا إن أدنى هي من دنؤ يدنو فهو دنئ بل هو خسيس. فحكموا على طعام طيب بأنه خسيس. وما دعاهم لذلك هو أنهم أعملوا قاعدة لزوم باء البدل للمتروك وليس للمأخوذ، ما سنعود له. صار تفسير هذه الجملة من الآية عند المسلمين هو أن الله قال لقوم موسى "أتتركون ما اختار الله لكم وتؤثرون ما هو دون؟" والمعنى أن اختيارهم طعاماً آخر، غير الذي اختاره الله لهم، هو معصية وإن كان حلالاً. وقضية البدل هي قضية مختلف فيها لأن هناك فريقين، فريق يقول إن باء البدل تتصل بالمتروك وليس بالمأخوذ ويمثلهم إبن كثير والطبري والشعراوي وآخرين. والفريق الآخر يقول إنها تتصل بالمأخوذ ويمثله شعراء العرب القدماء وأحمد شوقي. كما أن هناك، كالعادة، فريق يقول إنها تتصل بما يقتضيه السياق. وكمثال نأخذه الآن فإن أول ما يطرأ على ذهنك عندما أقول بدّلت الخاتم بالحلقة هو أنني أخذت الحلقة وتركت الخاتم، لكن المفسرين سيقولون لك، خطأ بدّلت الخاتم بالحلقة تعني تركت الحلقة وأخذت الخاتم. ولعل الآية تحيل إلى أن أصوّب شئ للمسلم غير المجتهد هو أن يأخذ بأن الباء تذهب للمتروك. وهذا ما يطول شرحه. وما أراه هو أن النص في هذا الجزء من الآية أتاح تفسيراً نفاقياً وانتهازياً. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">على مستوى الثقافة، نقول إن المفسرين لم يتوانوا في تقريع قوم موسى وتوبيخهم على"ما سألوا من هذه الأطعمة الدنية مع ما هم فيه من العيش الرغيد ، و الطعام الهنيء الطيب النافع." وهذا مجرد انتصار للنص على الحقائق البدهية عن أن طعام الله على الأرض كله طيب، فيما عدا ما حرّم من غيره. والثقافي هنا هو عجزهم عن معالجة النص بمقتضى معارفهم في ذلك الزمان، والحال أن تلك الأطعمة هي التي قامت عليها فطرة الإنسان نفسه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">يقدم مفسرو القرآن الكريم شرحاً مختلفاً للمَن، فيقولون إنه كان عسلاً، ولكنهم احتفظوا له بصفة الخرافية بأن قالوا إنه عسل كان ينزل على قوم موسى من السماء. وواضح هنا أننا نشير إلى أن حكايات موسى هي من أعمدة القرآن الكريم، وأن التحريف الذي حدث في التوراة لا يظن أحدٌ أنه يمكن أن يشمل تحريف الغذاء، فلماذا كان المَن خبزاً عند اليهود وصار عسلاً عند المسلمين؟ وتمضي الآية لتقول "وضُربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله.." فالوباء الذي ترتب على المحنة الغذائية وقضى على آلاف من قوم موسى لا يبين في الآية. أما المفسرون فإن منهم من قال إن الله غضب عليهم وسكت، معتقداً إنه أضاف شيئاً، ومنهم من قال إن باءوا تعني انصرفوا. فإذا كان خبر قوم موسى عند محمد (ص) فلماذا إخفاء هذه المحرقة القديمة؟ وهل مصدر القصة واحد؟</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فراع إلى أهله فجاء بعجل سمين</span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الآية 26 سورة الداريات.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">نختم بأنه، مع علمنا، بأن الإسلام يحض على التوسط وعدم الإسراف، إلاّ أن مأكل المسلمين ومشربهم لم تغيره هذه المبادئ. إذ لم يكن محمد (ص) نباتياً، بل تحدث عن أطيب اللحم وقال انهشوا اللحم نهشاً، وقيل إنه كان يحب أكل العظام. ومن الغريب أن عمراً قال: "إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر." لكن محمداً (ص) وصحبه لم يستنوا ما يعانق ما توصل إليه إنسان اليوم. أما من خلفوهم فقد كانوا أهل مآكل بإمتياز وبلا منهج يستشرف الغد الذي نعيشه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> </span></div>
<div style="text-align: right;">
<b style="font-weight: normal;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></b></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: left;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 700; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مراجع</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="https://biblicalstudies.org.uk/pdf/eq/1999-3_195.pdf" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تقرير عن وباء طائر السلوى</span></a></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="http://www.jpost.com/Blogs/Torah-Commentaries/Metaphors-in-the-Torah-Manna-and-Quails-388897" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">المن والسلوى في صحيفة جيروساليم بوست</span></a></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="https://youtu.be/sXj76A9hI-o" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">Are Humans Designed to Eat Meat</span></a></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="https://youtu.be/ao2GL3NAWQU" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">The Secret Why We Eat Meat</span></a></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura2-aya61.html" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تفسير إبن كثير</span></a></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<a href="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=170269" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "arial"; font-size: large; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تفسير السبكي</span></a></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-6468662583389203682017-07-14T00:16:00.000-04:002017-07-18T15:33:42.671-04:00كومباكت<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="background-color: white; color: #666666; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; margin-bottom: 1em; margin-top: 1em; text-align: right;">
</div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">نص قصصي</span></div>
<span style="font-size: large;"></span><br />
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">كومباكت</span></div>
<span style="font-size: large;">
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<br /></div>
</span><br />
<div style="background-color: white; color: #666666; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; margin-bottom: 1em; margin-top: 1em; text-align: right;">
</div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">كيف تنعمل اجازة كومباكت؟ </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">لدي أيام لابد أن أستعملها. </span><span style="font-size: large;">بمجرد أن أخذت الإجازة صارت الأشياء سائلة وصنعت لنفسها جداول ودروب. ما مِن موضوع واحد، كنت </span><span class="text_exposed_show" style="display: inline; font-family: inherit; font-size: large;">أنتظر له الإجازة، مدّ رأسه! </span></div>
<span style="font-size: large;"><span class="text_exposed_show" style="display: inline; font-family: inherit;"></span></span><br />
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span class="text_exposed_show" style="display: inline; font-family: inherit;"><span style="font-family: inherit;">الغناء الذي قلت، أضايرو، بهنا وهناك ثم أسمعه حتى ينهري، زاغ مني، في اليوتيوب، مثل زوغان سمك الصير من شباك قديمة.</span><span style="font-family: inherit;"> </span></span></span></div>
<span style="font-size: large;"><span class="text_exposed_show" style="display: inline; font-family: inherit;">
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">اجازة يصعب الامساك بها. وهو ذاته، فكرة إجازة كومباكت، من أين جاءت؟ </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">لست أدري.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">أغلقت باب الغرفة من الخارج وعدت لها من شباكها الضيّق ولحظتها جاءني، على خفيف، معنى إجازة كومباكت، بالله لغاية ما سلخت يدي مكان الكوع الّذي لا أعرف كيف ألحسه.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">طيب، كل شئ، موجود داخل الغرفة، له صلة بالإجازة، لكن الغرفة نفسها تحتاج تدعيم، لأن الأشياء في سيولتها، كما تعلم، لا أحد يدري ما يخبئه لك كتابٌ أو سي دي أو، ربما يخرج من اطاره وطوره، ذلك الشيخ في الصورة، الذي وقع عليّ وقعاً غريباً، كشئ غير مؤكد، أنه أحد أعمامي من ماضٍ سحيق.</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">أشياء الغرفة، فيما بدا لي، هي التي ستتولى مسألة أن الأمر كله سيكون كومباكت. فهنا كتاب صعب، وآخر أصعب منه هناك، كما أنني عادة لا أحرّك هذا الكتاب المرجعي الضخم، لأنه يحاول أن يشرح لي أشياء، أدركها بأحسن منه. إنه الآن، وبشكل مريب، في غير موضعه، وأنا لم أحرّكه، وهو كومباكت رغم ضخامته. الدبّابة كذلك. ليس في غرفتي دبابة، ولكن الدبّابة تعتبر كومباكت. وهناك تلك المصفّحات الغريبة التي كانت تطلع عادةً عند انفضاض المظاهرة. هي الأخرى كومباكت ولكن كانت تصيبني بحنين غريب، ربما لظلها الكومباكت، لو سمح لي الجنود بالدخول فيها هرباً من الحر. المعجم الضخم، بجانبه يرقد كاسيت قديم أعرف محتوياته، ولكنه توقف عن البث مع احتفاظه بشكله الموغل في الكمبتة. سبعة أشياء أخرى لا تشتغل، بالمناسبة، ولكنها قاعدة معززة مكرمة، ربما في انتظار حريقٍ أجنبي يأخذها، فأنا لا أحرق الكتبَ ولا الكاسيت ولا أوراق النصوص المعتتة، رغم أنني أعتقد أن أي كاتب يحتفظ ب أو يلجأ لنصوصٍ كان قد كرفسها ولعنها ورماها بعيداً، ولكن ليس بالضبط في سلة القمامة، هذا الكاتب التائب إلى نصه، أعتقد أنه كاتب دنئ وقد يكون فاشلاً.</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">قررت أن ألملم أطراف الإجازة بعد أن تيقنت وطمأنت نفسي أنها:</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- شأن داخلي،؟</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- أو حالة وجودية،؟</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- لا، ليس لهذا القدر.</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- طيب، هي حالة انسانية،؟</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- لا دي شكلها كارثي ومدر للعطف.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">- طيب، هي حالة وأنساني.</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">مؤكد أنني طمأنت نفسي على شئ.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">إن من أوغر صدري بفكرة إجازة كومباكت لا يمكن الوصول إليه إلاّ بخرق إحداثيات الأبعاد الوجودية. إنه شخصٌ يتراءى من وراء فكرة أو ربما كان من الخارجين من الأحلام الذين وصفهم مقدم البرنامج بالأمس على الراديو. ومن الغباء أن تتخذ لبرنامج إذاعي مادة تتحدث عن مستويات وجودية مختلفة لأن ذلك يحتاج لشرح ولغة جسد، ليس فقط صوت يهرف بما لا يعرف. </span><span style="font-family: inherit;">من ناحية أخرى، أعتقد أن كومباكتية الإجازه، كفكرة، اشترك في صياغتها ذلك الصحابي، الذي تم إعفاؤه من الجهاد، في واحدة من خناقات الدعوة المحمدية. أذكر أنني تركت القصة كلها، وكان فيها محمدٌ (ص)، الذي تقدم هو وصحبه نحو الجهاد، بينما أقفل ذلك الرجل راجعاً. و بتلقائية شديدة رجعتُ معه، ومشيتُ وراءه، </span><span style="font-family: inherit;">لأنه، أي معركة أمشي لها أنا؟</span><span style="font-family: inherit;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">المهم هذا الزول، بعد أن كان مجرد شخص تم استثناؤه من قتال الكفار، هو تاريخيٌ وسابقة، وربما أضمر رؤيةً مختصرة وسلبية للدعوة نفسها. وهو، على أي حالٍ وكما أسلفت، سابقةٌ في الأُذونات. لقد كان سهلاً ومفيداً توفيره من الموت بالنظر لأن الموت كان حادثاً كبيراً في تلك الأيام، وكان مراحل، رغم انطوائها على اجراءاتها. مراحل منتهيةٌ بشهقةٍ واجبة، وكانت تتم بطريقة محكمة وبكيفية ما مصمّتة.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">كانت أشياءُ الغرفة تتشكل كنموذج للفوضى ولربما تحوّلت إلى ثقبٍ أسود مدلّهِم تخرج منه ذكرياتٌ لا يطرب لها أحد. إنها الآن، شئٌ ملفوفٌ على نفسه، يخدش الحوائطَ، ومدببٌ وماضٍ!</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;">الآن فقط بدأت أتبين ملامح الإجازة الكومباكت.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;"><br /></span></div>
</span></span>Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-87749798454231571802017-07-05T18:23:00.001-04:002017-07-05T18:23:58.184-04:00Khartoum Baloum 2/2<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">خرطوم بلوم في رؤية نجلاء التوم</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">الجزء الثاني</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">أعتقد أن نجلاء قد راهنت على افلات ممكن. بل أعتقد أنها أفلتت بالفعل لأنها استخدمت مطلق القول الشعري والجمل المتأبية على الشرح. وأصرت أن نأخذ نصها جميلاً أو لا نأخذه. ولكن أبو القدح لما (يلبد جوا قدحه) هل (مافي طريقة نسله؟)</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">وبالنظر لما أتت به نجلاء في مخاطبتها لناجي البدوي في زمان سابق فهي لا تملك أن تكون أقل من شاعرة. إذ أنها لا ترضى أن تكون، مثلاً، وليمة لأعشاب البحر أو أي خرابيط أخرى تقل عن أن يزدهي بها قمرٌ قادم!</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5gSggkFlXNh-X_Rbyncpf91t_ZPrVunYA6rHPHB_kWe9kAacJ7VQAHZnoaX_x9JodxrsKRDEOSjAVGICT0X-ErtKbkjYX_mC8cmFPt67wBWIv-No9b4Lv-k2INpciTT3BbWIbjRQ8x6k/s1600/nagla2.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><span style="font-size: large;"><img border="0" data-original-height="104" data-original-width="80" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh5gSggkFlXNh-X_Rbyncpf91t_ZPrVunYA6rHPHB_kWe9kAacJ7VQAHZnoaX_x9JodxrsKRDEOSjAVGICT0X-ErtKbkjYX_mC8cmFPt67wBWIv-No9b4Lv-k2INpciTT3BbWIbjRQ8x6k/s320/nagla2.jpg" width="246" /></span></a></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
</div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"> </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">ولعل كواسة التقية في العبارة الشعرية هي من أحدث وسائل الوقاية وربما تؤسس لاستباق قاتل وهنا بالضبط قد يبدو أن نجلاء التوم سيأتي يوم تستعمل فيه هذا الاستباق في ردها على أي عوارات محتملة. </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">نجلاء الآن، تبدو مثل أنثى تمساح ماكرة عبرت وفي معيتها أغراض ابراهيم حسين والجابري وآخرين تدخرهم لتفقيسةٍ وشيكة لأحسن بيض يتخلق منه التهديد القادم لأفهام سكان بحر أبيض.</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">تدعونا الشاعرة الى "رحلة متحللة من كل غاية" رغم أن ما ينتظرنا في آخر الرحلة هو...هويتنا!</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">وهذه ربما كانت أقل وسائل البحث عن الذات تكلفة وللغرابة فإنني أؤيد هذا العثور السهل على الهوية وأثق في امكانية تحققه. </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">فالشاعرة اذاً لا تتحدث عن العوارة كأداة يتوجب فهم كيفية استخدامها وربما لهذا لم تعبأ كثيراً بتعريفها وتعريفنا بها. فالعوارة ستكون هي الحالة التي ينبغي أن نتقمصها في رحلتنا الغنائية نحو الهوية وكل المطلوب هو أن نحصي قدر العوارة في منعرجات السمع بحيث ينبغي تذكيرنا لبعضنا بأننا في لحظة ما مواجهين بعوارة ولم يتركنا أحدٌ دون تبصيرنا بطرائق الوصول للهوية. وفي الحقيقة العوارة هي من لوازم الفعل الايجابي ولا نتطرق لها، عادةً، إلاّ حين نبدو مواجهين بتبعات أي أمر ترتب عنه صعود لأبخرة العوارة في سماء تفكيرنا. فالشيئ عوير لأنه يستدعي استجابة نعجز عن توفيرها وكذلك الشخوص العصيون على الفهم العادي ما هم إلاّ عورا. </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">والحبيب الذي يتفانى في وصف حبه لمحبوبته في لحظة لا يكون هناك غيرهما يتلقى وصفاً لما يقول في عبارة : بطِّل العوارة بما فيها من التنبيه بخطورة أي خطوة يتخذها أبعد من العوارة وهي لحظة فكهة يكون فيها ما تُحجم عنه عوارة بينما هو في الواقع ما تتمناه أنت وهي. والمفتون بالفيزياء ومجيد فيها يقال عليه (لامِن عوير)، وكذلك الندوة الممتازة التي اهرق فيها المتحدثون تلك الأحبار التي قرأوها هي بلاشك ندوة عويرة. </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">وان عدنا للجابري نجد أن الأمثلة التي طرحتها الشاعرة هي من العوارات الضئيلة لهذا الفنان، لأنه كان يرفل في أبهى حلل عواراته في مجالسه الخاصة، وفيما هو غير ذلك فإنه غنى أغنية مصرية تماماً (عطشان يا صبايا) وأين؟ غناها للمصريين أنفسهم ولا أدري ما هي الكلمة المصرية المرادفة معنىً لكلمة عوارة السودانية!</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">إن الشاعرة كما أسلفنا لم تحفل بتعريف لمفهوم العوارة في نصها ورغم ذلك تمضي، بآليات غير مفصح عنها، نحو تعقيدات كثيرة متعلقة بعوارات فتحل عقدتها زي الورد ولذا لا يغدو لدينا من الوقت ما يمكن أن نضيعه في العوارة في تجريدها الفلسفي! </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">على أن نهج العوارة نفسه ما هو الاّ تخفيف وتلطّف على الأفهام من أن تزدريها العبارةـ أي عبارة- ولئن صار ذلك بين يدي شاعرة فإن أحسن الطرق هو أن نقبل بصياغات الشاعرة. </span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">ولكن ماذا عن قول نجلاء التوم أن "... الشعر المعترف به لا يقر بالعوارة"؟</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">إن الأمر في غاية البساطة. هل يمكن أن يطلع علينا شاعر ليؤكد وجود عوارة في شعره؟ إن هذا التعبير لا يعدو أن يكون ذكاءً اضافياً من الشاعرة يرجع على أثره بعض الشعراء وهم يسبّحون بحمده أن لم يصنّف شعرهم كعوارة. ومن المثير الآن تخيّل انفتاح الطريق أمام قياس لكل الأشياء بمقياس العوارة. إذ يبدو أن حضارة جديدة بأكملها تنتظرنا!</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">الى الجزء الثالث</span></div>
<div style="direction: rtl; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-91727010622563708602017-07-04T23:19:00.001-04:002017-07-04T23:55:03.002-04:00Khartoum Baloum 1/2<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
</div>
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /><br />خرطوم بلوم<br /><br /><br />"ننطلق في رحلة متحللة من كل غاية" ن ع ت<br /><br /><br /><br /> المقال القيافة للشاعرة الأولى نجلاء عثمان التوم الذي تصدت له الأقلام التقليدية بتوصيفات ...مثل الخطرفة والذي راح بسببه بعض الموسيقيين المتقاعدين في خطرفة تخصهم، هو من أجمل ما قرأت عن الغناء السوداني!<br /> ذلك أن الشاعرة التي لا تخطئ صياغاتها العين العارفة بحفريات النظم، تنتقل في صكوك غير مألوفة وعبر الافهام الجاهزة لتمرر شهادات حسن القريض على من يقرأ بتوقع الطرب والشعر في مقال يكتبه شاعر/ة. ولكم هو طمّاع من يبتغي الشعر في مقال!<br /> ليس هناك ثوابت وليس هناك سواهل فنجلاء تسأل قارءها محذرةً له أن تشريح الأصالة قد يودي إلى مجزرة! فهل يمكن تشريح الأصالة؟! وهنا احالات لامعة لواقع يتقمص أصالتَه مَن هم على سدة فنائه وهو سؤال الراهن بامتياز فمالكم كيف تنقدون!<br />اقرأ مقال نجلاء عثمان التوم هنا</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div style="text-align: right;">
<a href="http://bit.ly/1mUEm80"><span style="font-size: large;">مقال نجلاء عثمان التوم</span></a></div>
<div style="text-align: right;">
<br />
<span style="font-size: large;">تبشرنا الشاعرة الأولى أن هذي (الرحلة المتحللة من كل غاية) ستفضي بنا، حين نقوى على نزع السُتر والأقنعة، إلى لا شيئ سوى هويتنا! ولا يقول الشاعر غير ذلك إلاّ إن أراد الوقوع تحت نير التقليدية والمباشرة. كما لا يبتعد هذا القول عن أغراض الحادبين أقل من ابتعاد الشعر عن المباشرة!</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"> وأصلُ مبحث الشاعرة، في ظني، هو بعث وتسعير تلك الجذوة التحتية التي تحتجب تحتها الأصالة بسدادها وفعاليتها ويأتي الغناء مقارباً لها ومبتعداً عن تبذلات الواقع في آن!<br /> وتأتي عبارة (الحجل بالرجل) كما وردت في أغنية حسن عطية استسهالاً، على مفارقته معنى الوثاق الجبري، لمقاربة الشاعرة لمعنى (العوارة)! وبذلك تتحدى السؤال، المظنونة أهميته، عن تعريف يتوقعه القارئ لمفهوم (العوارة) في النص. وتمضي الشاعرة لنهاية سعيدة لكثير من التعقيدات. فطالما آخر الموضوع سيكون (الحجل بالرجل) فمعاني مثل (حق الهوى الكامل) وما أدراك ستغدو من قبيل (العوارات)!<br /> ومن الطريف أن استطراد نجلاء في أمر الحجل بالرجل يكشف عن قدرية ورضا قديم وسوداني ولكنه منذور للسعادة ومعزز لها ولا نرغب في زوال مكنيزماته الناجحة. أقول ذلك مستحضراً ذلك التحاور المشاكس بين عبارتي (الحجل بالرجل) و (ياحبيبي سوقني معاك) ودعوة الشاعر لنا للتعرف على إحدى الفبركات. وأسارع لتقرير أن الفبركات كثيرة ولا يخفف من حدتها سوى الغناء!<br /> إن الغناء السوداني يمور بلحظات الاستدراك التي يجرفها اللحن والايقاع فتخرج من بيت (اللعبة) دون أن يستطيع أيٌ مَن كان أن يساءل عنها المغني! وقد ضربت نجلاء مثالاً باهراً لأغنية تقول: على كل حال غضبك جميل! والمستمع شاعراً أو غير شاعر يجد أن السؤال: كيف يعني على كل حال؟ هو أحسن أنفعال له بينما هو في ذات الوقت أكثر الاسئلة اغراقاً في عادية لا يحفل بها نص الأغنية! ومن طرائف عبارة على كل حال أن أحد الصبية المراهقين ونسميه اكس وقع في غرام صبية في الحي ولكنه ولأنه خجول طلب من صديقه زيد أن يوصل رسالة بوحه بالحب لحبيبته. فقام صديقه بتمرير الرسالة للحبيبة ليلاً وبطريقة سرية عند (التقديم) وعلى باب الخروج من بيت أهلها. وبعد أيام طلب اكس من صديقه أن يستلم رد رسالته نيابة عنه وقد حدث واستقرت الرسالة عند اكس ففتحها متشوقاً وغير منتبه لعربة الباسطة التي كادت أن تودي بحياته وقرأ رد الحبيبة: "ما عارفة الرسالة دي منك ولا من زيد لكن على كل حال أنا بحبك برضو" ولم تطب الحياة بين الصديقين منذ ذلك اليوم وحتى نهاية القصة!<br /> تمضي الشاعرة في سبر استجاباتنا للغناء بروح النقد الايجابي باعثةً لأفهامنا على<br /> مستوى ملامسات الطبيعة وموجوداتها وقدر الحيازة التي أحرزناها من ادعاءاتنا. فحول أغنية (غني يا طيور) تدعونا الشاعرة ل"قفزة التشبيه الكاملة للصورة الشعرية"، ما هو مطلوب ومرغوب، لكنه صعب لأن للأغنية أو للحفل نهاية! ولطالما خرجنا من الحفل منفوخين ليثقبنا الواقع الذي يتسلى بصرعاته لنا! وعلى قدر أهل الشعر تأتي المصائرُ.<br /> على أن تجربة الجابري هي خطي الأحمر ولذلك فقد تحفزت للدفاع عنها. وما إن أوردت الشاعرة انزعاجها من شبهة الخيال واللسان المصري حتى تيقنت أن الامر أسهل مما تحفزت له لأنني أرى أن اللسان المصري والصيغة الموسيقية المجلوبة من آفاق أخرى هي من أدوات الجابري.<br /> قام أحمد الجابري قبل أن يغني المأثور المصري الدرويشي (عطشان يا صبايا)، قام بتضمين موسيقى عالمية آسيوية في أغنيته (ما نسيناك جاي تعمل ايه معانا). وتم ذلك، وربما يشير هذا لانتباهه لما يفعل، بعد أن تأكد أن الموسيقى قد تم حفظها صم من كل مستمعي هنا أم درمان!<br /> إن اعادة توطين الغناء الأجنبي (وهي عبارة غير دقيقة في وصف المصريين) في نصوص سودانية هو من الايجاب بمكان. وقد سبق الجابري في هذا المنحى كثيرون منهم أحمد المصطفى الذي اختار موسيقى لاتينية لأغنيته (الوسيم). وأغنية الجابري المشار اليها (هاتو الياسمين) فيها من "صلاة الزين" ما "يكف العين"! وربما ظلمت شاعرتنا الجابري حين قالت إن الجابري يعذبنا بمحاولات إقناعنا إن الأغنية تخصنا بينما هي من أخص ما يخصنا حين يقول الجابري: "بكل تفصيل/ جات مارة أصيل/ ورتنا مباهج العصريّة" إذ أن مشهد العصرية ساعة (نخت) الكراسي ونستنى بنات الحلة يمرن من غير هدف حقيقي لخروجهن، هذا هو المشهد الولود الماهو عاقر!</span></div>
<span style="font-size: large;"></span><br />
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br />ولي عودة في مسألة البلوم والعوارة</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"></span><br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-26682259724025210332017-05-26T18:28:00.002-04:002017-06-01T19:54:08.796-04:00طه جعفر يضيئ ديوان الخواض<div class="_1dwg _1w_m" style="padding: 12px 12px 0px;"><div class="_5pbx userContent" data-ft="{"tn":"K"}" id="js_4" style="line-height: 1.38;"><div class="_5wj-" dir="rtl" style="text-align: right;"><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">السوشال ميديا </span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">في ديوان قبر الخوّاض، </span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">للشاعر أسامة الخوّاض</span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><br />
</div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-family: inherit; font-size: large;"><br />
</span></div><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgv9QdFUzNJKKnG_SSghRY-Oy3PwEUQS4fUI9XGqRyYabusJCQRZjpVN21wD5COAowdg3jxFrhV41lgiT1WX0VW6sJ1ZF9ImFKrgmr72zy-Z-NbONhyphenhyphenbwe_RtGKCHqJKuvjqwi3aGN__AA/s1600/tahajaf.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="960" data-original-width="642" height="200" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgv9QdFUzNJKKnG_SSghRY-Oy3PwEUQS4fUI9XGqRyYabusJCQRZjpVN21wD5COAowdg3jxFrhV41lgiT1WX0VW6sJ1ZF9ImFKrgmr72zy-Z-NbONhyphenhyphenbwe_RtGKCHqJKuvjqwi3aGN__AA/s200/tahajaf.jpg" width="132" /></a></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px; text-align: center;">بقلم طه جعفر</div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><br />
</div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-family: inherit; font-size: large;">في 2014م صدر ديوان قبر الخوّاض للشاعر و السارد أحياناً أسامة الخواض عن كرييت اسبيس و هي أحد شركات شركة الامازون المعروفة كشركة للتجارة عبر الانترنت. في الرابط (أسفل هذا المقال) تجدون فرصة مهمة لإقتناء الديوان</span><span style="font-family: inherit; font-size: large;"> </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">أسامة الخوّاض</span><span style="font-family: inherit; font-size: large;"> </span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">يقع ديوان قبر الخوّاض في 44 صفحة من القطع الصغير و يشتمل علي 144 نص شعري معنونة وتوايخ تحريرها مثبته و كذلك اماكن كتابها. صورة الغلاف من إهرامات المدفن الملكي في البجراوية أي المدفن المعروف بمدافن ملوك كوش.<br />
لست في مقامٍ لتقييم القصائد جمالياً لكنني محبٌ لموسيقاها و بنياتها اللحنية الباذحة و لغتها الملهمة الجديدة و بالنصوص مفردات مترجمة و مفردات عامية تمّ توطينها في النصوص بأجمل ما يكون الإبداع و هذه أحد مكامن القوة في أشعار أسامة الخوّاض فهي نصوص لامعة و نجيبة و محفزّة للتفكير و متيحة لفرصة نادرة للتمتع باللغة العربية و جمالها هذا غير استدعاء النصوص للأفكار الإيجابية و المشاعر الإنسانية الرقيقة.<br />
وردت بالنصوص في صفحات عديدة إشارات و استخدامات لوسائط التواصل الإجتماعي و لهذا كتَبْت عن المجموعة الشعرية لأسامة الخوّاض.<br />
في صفحة 199 و بالقصيدة المعنونة ؛ سحابة ثلج ! مراثي بهنس الباسيفكية وردت العبارة : يقرأ معطف غوغول. و في صحفة 25 العبارة: هنيهة بوح الشقيقة – طلْق الصديقة في الفيسبوك. و في صفحة 28 العنوان: وحشة اسفيرية. وفي صحفة 29 العنوان: مشّاء الاسفير. و في صفحة 30 و هي بقية النص المعنون بمشاء الاسفير العبارات: طرحت عواطفها علي مرج الماسنجر. و البيت: سندلف حاملين شهيقنا في صرّة الرؤيا إلي البالتوك. و العبارة: في غرفة البالتوك، و البيت : أنا مشاءة الإسفير بصفحة 31 .<br />
هذا التواتر الغني بالإشارات لوسائط السوشيال له بلا شك دلالاته العديدة و المتنوعة و بالنسبة لي بعد قراءة الديوان لعدة مرات اتضح لي أن الكتابة جميعها نوع من التأمل الدارس و المتفكر في وحشة المهاجرين السودانيين بالمنافي جميعاً، تلك الحالات التي تواجهنا بمتطلبات مهنية و اجتماعية و أسرية مختلفةً . في هذه المهاجر تكون النوستالجيا داءٌ و دواء. عند أُسامة الخواض النوستالجيا المتوفرة نابهة و مستنيرة فهي تعود بنا للحنين لشخوص تاريخنا القديم منذ أيام كرمة و مروي الخالدتين بالترميز الشاعري الفنّان في الصروح الباقية التي كانت إشارة لعظمتها بالأساس اختيار لوحة الغلاف فهو إختيار موفق صادف الحسن و الجمال . من ذلك التاريخ العميق المتجذر ترد إيضاً إحالات مباشرة لشعر سلمان الطوالي الزغراد و حالات وجده لمنّانة. الأمر الثاني كما نعرف جميعاً فأيام المتعلمين السودانيين بالمهاجر و غيرها تبتدي بمراجعات رسائل الإيميل و متابعة صفحات وسائط التواصل الإجتماعي للقاء الأهل و الأصدقاء و رفاق الكار الإجتماعي و السياسي و المهني. في تواتر ذكري وسائط التواصل الإجتماعي معالجة للواقع بنظر الأديب، العارف و الإنسان المرهف فهي ليست مجرد إشارات واقعية في الشعر ليقول النقاد أنها دون الواقع أو فوقه فهي إشارات نابهة تستهدف الواقع بالتغيير نحو الحرية، الرخاء، التنمية و الإستنارة. بهذه المعالجة يضع أسامة الخوّاض نفسه كرائد سوداني أديب و شاعر يتناول مفردة السوشيال ميديا في افقها الإنساني و الإجتماعي. </span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></div><div class="separator" style="clear: both; font-family: inherit; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJuFCI3e1eW9k6lH4AELoEd1XHB0t_yZhB3OMyIgenrMl-3wBDtTqU3rsEHN9L_BhbpkCsFweg60TsqAmZjapmZ8Rgcz59mJgQYbIDcf2EGALcJvvcuXlGpYvIKmXsi0YxyduwuIRbwac/s1600/khawad.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><span style="font-size: large;"><img border="0" data-original-height="960" data-original-width="720" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiJuFCI3e1eW9k6lH4AELoEd1XHB0t_yZhB3OMyIgenrMl-3wBDtTqU3rsEHN9L_BhbpkCsFweg60TsqAmZjapmZ8Rgcz59mJgQYbIDcf2EGALcJvvcuXlGpYvIKmXsi0YxyduwuIRbwac/s320/khawad.jpg" width="240" /></span></a></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;"><br />
</span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">و لقد اخترت لكم هذا النص الدالّ</span></span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">" وحشة اسفيرية<br />
لا أحد غرّد<br />
و ما من واحدة أعادت التغريد علي صفحتي المهجورة.<br />
و ما من رسائل و لو لعابرين علي غابة الويب العظيمة،<br />
ملقاة بلطفٍ جمّ علي قارعة دغلي الفيسبوكي،<br />
و الدعوات المزركشة للهو في "المزرعة السعيدة"،<br />
انقطع وحيّها،<br />
و حتي النكات التي كان يرسلها صديقي العراقي كفّت فن السقسقة،<br />
و الهطول علي حقل إيميلي،<br />
نكات برونوغرافيةٌ،<br />
لكنها تحمل بصمات العِرَاق المُتهدم<br />
و تهاويم شعبه العظيم الملحمية بطعمٍ خاص:<br />
آشوري و سومري"<br />
شراء الكتاب من الأمازون دوت كوم سهلٌ و لا يحتاج إلا لبطاقة إئتمان و ربما بيي بال و غيرها من طرائق التسوق في الانترنت. لقد اشتريت الكتاب بهذه الطريقة و هي طريقة آمنة. أدعو جميع المهتمين بالشعر و الكتابة الإبداعية من المقيمين خارج السودان لشراء الديوان بطريقة بطاقة الإئتمان و من بالسودان يمكنهم مشاورة أحد العاملين بالمصارف لمعرفة كيفية شراء الكتاب من موقع الامازون فهو طريق ميّسر و لقد جرّبه الكثيرون و لقد تمّ دون مصاعب. بشرائنا للديوان يدخل بيتنا نور، شعور خلّاق و نباهة لغوية فريدة و كتابة حديثة بمعني الكلمة و كتابة سودانية صميمة و باذخة. فشكرأ يا خوّاض علي هذا الجمال.</span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;">انقر الرابط أدناه لشراء الكتاب</span></div><div style="margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;"><a href="http://amzn.to/2r71PjK">قبر الخواض</a><br />
<br />
<span style="font-size: large;"><a href="https://www.paypal.me/mustabu">Support My Blog</a><br />
<span style="font-family: inherit;"><br />
</span></span></span></div><div style="margin-bottom: 6px;"><span style="font-size: large;"><span style="font-family: inherit;">طه جعفر </span><br />
<span style="font-family: inherit;">تورنتو-اونتاريو- كندا. 22 مايو 2017</span></span></div><div style="font-family: inherit; margin-bottom: 6px;"><br />
</div></div></div></div><div style="font-family: inherit;"><form action="https://www.facebook.com/ajax/ufi/modify.php" class="commentable_item" data-ft="{"tn":"]"}" id="u_0_v" method="post" rel="async" style="margin: 0px; padding: 0px;"><div class="uiUfi UFIContainer _5pc9 _5vsj _5v9k" id="u_0_u" style="background-color: #f6f7f9; border-radius: 0px 0px 3px 3px; color: #1d2129; font-family: inherit; margin: 0px; overflow: visible; padding: 0px; width: auto;"><div class="UFIList" style="font-family: inherit;"><div class="UFIRow UFILikeSentence _4204 _4_dr" style="border-top: 1px solid rgb(225, 226, 227); font-family: inherit; line-height: 20px; margin: 0px; padding: 9px 12px; position: relative; word-wrap: break-word;"><div class="clearfix" direction="right" style="font-family: inherit; zoom: 1;"><div class="_ohf rfloat" style="float: right; font-family: inherit;"></div><div class="" style="font-family: inherit;"><div class="_1vaq" style="font-family: inherit;"><div class="_ipp" style="font-family: inherit;"><div class="_3t53 _4ar- _ipn" style="color: #898f9c; font-family: inherit; white-space: nowrap;"><span aria-label="See who reacted to this" class="_3t54" role="toolbar" style="float: left; font-family: "helvetica" , "arial" , sans-serif; margin-right: 2px;" tabindex="0"><span style="font-size: large;"><a ajaxify="/ufi/reaction/profile/dialog/?ft_ent_identifier=1044902165644741&reaction_type=1&av=541850286" aria-label="12 Like" class="_3emk" href="https://www.facebook.com/ufi/reaction/profile/browser/?ft_ent_identifier=1044902165644741&av=541850286" rel="dialog" role="button" style="background-attachment: initial; background-clip: initial; background-image: initial; background-origin: initial; background-position: initial; background-repeat: initial; background-size: initial; border-radius: 10px; color: #365899; cursor: pointer; display: inline-block; font-family: inherit; line-height: 16px; margin: 0px 0px 0px -2px; outline: none; padding: 2px; position: relative; text-decoration-line: none; vertical-align: bottom; z-index: 3;" tabindex="-1"><span class="_9zc _2p7a _4-op _3uet" style="display: inline-block; font-family: inherit; height: 16px; position: relative; vertical-align: top; width: 16px;"><i class="_3j7l _2p78 _9--" style="background-image: url("/rsrc.php/v3/yP/r/Y6qhRPrGRZf.png"); background-position: 0px -364px; background-repeat: no-repeat; background-size: 24px 802px; display: block; height: 16px; left: 8px; margin-left: -8px; margin-top: -8px; position: absolute; top: 8px; transform: none; width: 16px;"></i></span></a><a ajaxify="/ufi/reaction/profile/dialog/?ft_ent_identifier=1044902165644741&reaction_type=2&av=541850286" aria-label="1 Love" class="_3emk" href="https://www.facebook.com/ufi/reaction/profile/browser/?ft_ent_identifier=1044902165644741&av=541850286" rel="dialog" role="button" style="background-attachment: initial; background-clip: initial; background-image: initial; background-origin: initial; background-position: initial; background-repeat: initial; background-size: initial; border-radius: 10px; color: #365899; cursor: pointer; display: inline-block; font-family: inherit; line-height: 16px; margin: 0px 0px 0px -4px; outline: none; padding: 2px; position: relative; text-decoration-line: none; vertical-align: bottom; z-index: 2;" tabindex="-1"><span class="_9zc _2p7a _4-op _3uet" style="display: inline-block; font-family: inherit; height: 16px; position: relative; vertical-align: top; width: 16px;"><i class="_3j7m _2p78 _9--" style="background-image: url("/rsrc.php/v3/yP/r/Y6qhRPrGRZf.png"); background-position: 0px -382px; background-repeat: no-repeat; background-size: 24px 802px; display: block; height: 16px; left: 8px; margin-left: -8px; margin-top: -8px; position: absolute; top: 8px; transform: none; width: 16px;"></i></span></a></span></span><a class="_2x4v" href="https://www.facebook.com/ufi/reaction/profile/browser/?ft_ent_identifier=1044902165644741&av=541850286" rel="ignore" style="color: #365899; cursor: pointer; display: block; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; font-size: 12px; max-height: 20px; overflow: hidden; text-decoration-line: none;"></a></div></div></div></div></div></div></div></div></form></div>Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-29921541562374300352017-05-07T15:12:00.002-04:002017-05-07T15:18:56.821-04:00وليد في قاعة بهاميلتون Artwood Hamilton<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="8bsb0-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8bsb0-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8bsb0-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وليد في قاعة بهاميلتنون Artword Hamilton</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="8v0gm-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8v0gm-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8v0gm-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">------------</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="6qgsv-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6qgsv-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">ايقاعات السودان هي مما تنبت الأرض. الأرض الطيبة التي لا تنتج الغذاء وحده بل تنتج التراث والثقافة. ونظرة إلى تعدد ايقاعات الموسيقى السودانية تشرح كل ذلك. فالسودان بلد متعدد الايقاعات بشكل لافت لأن انتاج الحياة كان دائماً قوياً وخصباً.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="dacgh-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dacgh-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dacgh-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">المردوم هو ايقاع القوة والحركة، تجده عند سكان جنوب كردفان، البقارة. فهم يتحركون في أرض خصبة شديدة العطاء وحيواناتهم قوية ومتحركة كالأبقار والخيل. الجراري تنتجه أرض قبائل شمال كردفان ودارفور، وللأرض قوتها هناك ايضاً، فهم يستخدمون الإبل، أو قل هم أبّالة، ولذلك فإن ايقاعهم، الجراري، أُخذ من صوت الإبل، لأنهم يحاكونها بإصدار صوت حنجري، أو أنهم يطنبرون، ولطبيعة الأرض هناك، يخرج صوتهم مجروراً وليناً مأخوذاً من تقلب الرمل وحركة الإبل. لا شئ ينفك عن العلاقة بالأرض وبأنعامها.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="r6fs-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="r6fs-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="r6fs-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وهذه الأفكار انتجتها حفلة وليد عبد الحميد Waleed Abdelhamid التي أحياها عندنا بالأمس في هاميلتون في صالة صغيرة حميمة من صالات هاملتون العتيقة Artword Artbar.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="euv7q-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="euv7q-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="euv7q-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">تألق وليد في أداء نسخته الجازية لأغنية سمسم القضارف. وقدم اغنيات من كردفان ووسط السودان بالاضافة إلى أغنيته الجديدة أم الخير. ما لفت نظري هو أن جمهور الحفل، ومعظمهم من أعمار فوق الأربعين ومن أصول قوقازية، كانوا أشد إنفعالاً مع المردوم والجراري ولكن كان هناك أيضاً حضور من سن أقل من أربعين. وما أعطى الأداء طابعاً عالمياً هو اهتمام وليد بالشكل الجازي والبلوزي jazz للغناء والموسيقى، متمثلاً في استخدام خاصية الارتجال في اللحن، وهي سمة جازية هامة، وذلك مستعيناً بعازف ساكسفون sax في سن مبكرة من عمره، بالإضافة لإرتجاله هو شخصياً وعازف الكيبورد. استطاع وليد أن يوهط الايقاعات السودانية داخل عالم من موسيقى الجاز والبلوز. ولئن استطاع وليد أن ينفذ إلى أقطار السمع الغربي مستعيناً بقوة وأثر ايقاعات السودان فإن هناك ملاحظتين عامتين أرجو أن يوليهما عنايته. </span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="efukv-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="efukv-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="efukv-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وأولاهما مسألة الارتجال في تنفيذ الموسيقى، وبقدرما كان ذلك الفتى ممتازاً في عزفه فإن صغر سنه لا يسمح له بمعرفة عميقة بالموسيقى التي يشتغل عليها، أي موسيقى السودان. وإذا لم نقل بضرورة أن يكون المرتجل في موسيقى سودانية ينبغي أن يكون سودانياً فإننا نقول بأنه ينبغي أن يكون ذا خبرة في الموسيقى لا تتأتى إلاّ بالخبرة السمعية وبتقادم السن.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="ft6ec-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="ft6ec-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="ft6ec-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">الملاحظة الثانية حول الآلات، فقد استخدم وليد آلة الدرامز وآلة الكيبورد والساكسفون بالاضافة لعزفه هو على آلة البيز جيتار، وكل شئ مكهرب وجميل، تشكيلة جميلة في حفل موسيقى جاز. ولكن ماذا لو استعاض وليد عن الساكسفون بآلات سودانية نفخية، وعن الكيبورد بمزيج بين آلتي أم كيكي والطمبور بعد مقايسة هارمونية بسيطة أو حتى استخدم الكورا kora من غرب افريقيا، واستعاض عن الدرامز بآلة الدمبا أو الطبول والدلوكة. حينها سيكون المشهد والمسمع كله أفريقيا بحتاً.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="8rthc-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8rthc-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8rthc-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">المهم في الأمر أن ما يقدمه وليد هو عمل جدير بالاستماع والحضور ويشير إلى عمق وتجذر الايقاعات الموجودة في السودان ومقدرتها على التغلغل في نفس المستمع من ثقافة أخرى، وقد ذكرنا فقط بعضاً منها. ولوليد جمهور لا يستهان به في المدن الكندية الكبيرة، ونتوقع أن يكون معروفاً خارج نطاق شمال أمريكا.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="dks5f-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dks5f-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dks5f-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">الرابط أدناه للمكان الذي اقيم فيه الحفل:</span></span><br />
<div style="text-align: left;">
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">http://www.artword.net/artbar/</span></div>
</div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="2t391" data-offset-key="bq590-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrauafEF0T2G8kKhq-J2sarUzjVV879rel8JhRtleifC0mV3m4TdMi9ZLeFGHBgpYimD7ZHZd-OdPU3VoFBsqm-FvYbe-KzSnCWz7CtjtgXitmMNCH9yPkU2nPnOCqpbV0p3Ku6FZ-qwc/s1600/walidamis2.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" height="239" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrauafEF0T2G8kKhq-J2sarUzjVV879rel8JhRtleifC0mV3m4TdMi9ZLeFGHBgpYimD7ZHZd-OdPU3VoFBsqm-FvYbe-KzSnCWz7CtjtgXitmMNCH9yPkU2nPnOCqpbV0p3Ku6FZ-qwc/s320/walidamis2.jpg" width="320" /></a></div>
<div class="_1mf _1mj" data-offset-key="bq590-0-0" style="direction: ltr; font-family: inherit; position: relative;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<iframe allowfullscreen='allowfullscreen' webkitallowfullscreen='webkitallowfullscreen' mozallowfullscreen='mozallowfullscreen' width='320' height='266' src='https://www.blogger.com/video.g?token=AD6v5dzkbOlsFdgQoHMzpUeafNH_Ws0odEW7WkHNUiJRF-92OgXQkgHHWGQJuXHsl9e8L1YIjy8VPu0yy4lpAnK0yQ' class='b-hbp-video b-uploaded' frameborder='0'></iframe></div>
<div class="_1mf _1mj" data-offset-key="bq590-0-0" style="direction: ltr; font-family: inherit; position: relative;">
<span data-offset-key="bq590-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-38018718102852179102017-04-02T22:37:00.002-04:002020-04-04T16:34:13.801-04:00صيف مع محجوب<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="bbou8-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bbou8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bbou8-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bbou8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bbou8-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">صيف مع محجوب*</span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bbou8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bbou8-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="gee9-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="gee9-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<br /></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="cb867-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="cb867-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">()</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="eprho-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="eprho-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="eprho-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ما مصير الفتيان والفتيات، </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">يتفيئون ظل حنانكَ، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">لا تغادرهم إلاّ إلى مأواك، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">لتنام كالطفل سريعاً، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وتصحو في دقائقَ تالياتْ. </span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="fa6db-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fa6db-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fa6db-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">إن الضمير الحيَ </span></span><span data-offset-key="fa6db-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">يُجيد اغلاقَ </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">المداركِ برهةً، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">لكنه دوماً يؤاخي الصحو، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">دوماً أنت في إدراكْ. </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">ودونك يافعون ويافعات: </span><span data-offset-key="8q36d-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">مناقيرُ مشرعةٌ </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">على مجئ غذاء الروح منكَ، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وتستجيب سؤالهم بكل الحبِ </span><span data-offset-key="andoq-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وما يفيض </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">من الأملْ.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="3jjg-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="3jjg-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="3jjg-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وقد أنام أنا </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وأنت تنفخ في نضارتهم </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">من الأرواح أسمحها </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">فيعلو حبهم لك، </span><span data-offset-key="736qr-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">للبلاد ... </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وللعبادْ.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="36sja-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="36sja-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="36sja-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">بل ما مصيري ياصديقي، </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وإن كنت أكبُرهم بعشرات السنين، </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">ولا أريد سوى حديثك،</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="36qqp-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="36qqp-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="36qqp-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ليس يبهرني سواك. </span></span><span data-offset-key="blsho-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أنت المحدّثُ في براعة اللغةِ الجسدْ، </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">في صدق النوايا، وما تجيش به عيناك.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="dvi3l-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dvi3l-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dvi3l-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وغداً لناظرك المقرِّب سفسطاتُ الأطعمةْ </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وشيوعُها والحافلاتْ.</span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">()</span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="492hq-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="492hq-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="492hq-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أهو السجن هنا؟</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="55j7d-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="55j7d-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="55j7d-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وبداخله حماةُ الكلمةِ المكتوبةِ </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">موقوفين كي يزورهمُ التآذرُ والثباتْ؟</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="9h0lk-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9h0lk-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="9h0lk-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وأنت آهٍ..... أين أنت؟ </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وقد أناخ العسكرُ نوقَهم فتقولْ:</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="7e9ni-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="7e9ni-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="7e9ni-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">"كنت أسمع بوحها، </span></span><br />
<span data-offset-key="7e9ni-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">تبيع الشايَ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="1kqbt-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1kqbt-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1kqbt-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">تحت حوائطِ العزلة،</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="703mt-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="703mt-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="703mt-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ترى الدنيا كما لو أنها خَذْلا</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="5vj1v-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="5vj1v-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="5vj1v-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وتعرف ثم معتقلين،</span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="5vj1v-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="5vj1v-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">هنا وهناك"</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="8pfhu-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8pfhu-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8pfhu-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وثم محبةٌ أتيتَ بنا، </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">لتبذلنا لها </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">ونحن لها </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">وإن كنا بعيدين </span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">كبعدِ الاجنبي على تصنّعهِ اقترابْ.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="4c2ad-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="4c2ad-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="4c2ad-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">فتقول لي: لا. </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="4c2ad-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="4c2ad-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أنت عنا لستَ أجنبياً</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="bf3a8-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bf3a8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bf3a8-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أنت ابن هذا الشعب وإن أقصاك</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="bkv90-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bkv90-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bkv90-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">عنه الاغتراب.</span></span><br />
<span data-offset-key="bkv90-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">()</span></span><br />
<span data-offset-key="bkv90-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="6g5m9-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6g5m9-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="6g5m9-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">و</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="dqve3-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dqve3-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dqve3-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أسافرُ بالرضا </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dqve3-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dqve3-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">لكأن وطني عاد وطني!</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="8bsis-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8bsis-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8bsis-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ويهبلني انتظارُ الصيفْ.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="5eb80-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="5eb80-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="5eb80-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أقاربُ بين مطرٍ وجليدْ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="dg06p-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dg06p-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dg06p-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أسلي النفسَ </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dg06p-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dg06p-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">لعل الوقت يمضي!</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="b6t5k-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="b6t5k-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="b6t5k-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ثم أسأل في أقاصي يونيه</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="1vmak-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1vmak-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1vmak-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">هل غداً ألقاك</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="c9i9o-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="c9i9o-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="c9i9o-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ويا خوفي من القدَرِ المسلطِ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="6rnlk-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6rnlk-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="6rnlk-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">يخطئ دائماً </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6rnlk-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="6rnlk-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">فيصيب أهلي</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="aeusn-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="aeusn-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="aeusn-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وينجو منه أقطابُ الطغاةْ.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="1qo2n-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1qo2n-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1qo2n-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ها أنت وفّرتها عليّ مشقةَ </span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="crk9e-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="crk9e-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="crk9e-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">الترحالِ </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="crk9e-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="crk9e-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">من كندا الي امستردام</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="c1q0-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="c1q0-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="c1q0-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ولطعةً وسقامْ، </span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="caa9p-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="caa9p-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="caa9p-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ومن ثَم طعناً</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="h80u-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="h80u-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="h80u-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">في رياحٍ تعبر فوق نهر النيلْ. </span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="1t5ke-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1t5ke-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1t5ke-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">يا صاحبي </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1t5ke-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1t5ke-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وا لوعتي الكبرى.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="fdpur-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fdpur-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fdpur-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">صيفٌ بأكمله استكانْ.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="fsgv9-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fsgv9-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fsgv9-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ومترعاً بالحزن صرتُ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="dlpac-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dlpac-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dlpac-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وأنْ أناديك </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dlpac-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dlpac-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ولا تجيبْ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="cpejr-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="cpejr-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="cpejr-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أيشغلكُ وفي ولعٍ </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="cpejr-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="cpejr-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">سؤالُ الأبديةْ </span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="1kcls-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1kcls-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1kcls-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ولا ترغب في عونِ صديقْ!</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="eohvn-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="eohvn-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="eohvn-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">حنانَيك بقلبٍ </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="eohvn-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="eohvn-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">عشق الصدقَ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="9ot97-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9ot97-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="9ot97-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">كجذعٍ فيك </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9ot97-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="9ot97-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وجذرُك في النجوى عتيا</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="28h5f-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="28h5f-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="28h5f-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">حنانيك بقلبٍ </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="28h5f-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="28h5f-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">عشق الصدقَ</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="fe9qd-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fe9qd-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fe9qd-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">كجذعٍ فيك </span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fe9qd-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fe9qd-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">وجذرك في النجوى عتيا</span></span></div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="fe9qd-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="fe9qd-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="9spvb-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9spvb-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="9spvb-0-0" style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">-------------</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="dv6r0" data-offset-key="2j05h-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="2j05h-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
* شاعر الشعب السوداني محجوب محمد شريف.</div>
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="2j05h-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<br /></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-48068672195908338772017-03-14T01:01:00.000-04:002020-12-06T21:36:25.830-05:00مجاعة<span id="docs-internal-guid-62821213-cb2e-f0e0-179f-233e36a1a985"><span style="color: blue;"></span></span><br />
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span id="docs-internal-guid-62821213-cb2e-f0e0-179f-233e36a1a985"><span style="color: blue;"><span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مجاعة</span><span style="font-family: "arial"; font-size: 10.8pt; vertical-align: super; white-space: pre-wrap;">(1)</span></span></span></div>
<span id="docs-internal-guid-62821213-cb2e-f0e0-179f-233e36a1a985"><span style="color: blue;">
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">كلبٌ جرئٌ قام أمسِ</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">بخطف رأسِ الفهدِ</span><span style="font-family: "arial"; font-size: 10.8pt; vertical-align: super; white-space: pre-wrap;">(2)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">من أمام عشتي</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">على نواحي الجُور.</span><span style="font-family: "arial"; font-size: 10.8pt; vertical-align: super; white-space: pre-wrap;">(3)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">يا أيها الزائرُ</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ليس هنا طعامْ.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إرجع وردَ البابَ خلفك</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ثم قل للموتِ</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">يدركني،</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أنا من سادةِ الرُمح</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وأهفو أن أنامْ</span><span style="font-family: "arial"; font-size: 10.8pt; vertical-align: super; white-space: pre-wrap;">(4)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 10.8pt; vertical-align: super; white-space: pre-wrap;">***********************</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 11pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مستوحاة من كتاب I Will Go The Distance لجاكوب أكول.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 18pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">------------------</span></div>
<br /><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-family: "arial"; font-size: 14pt; font-weight: 700; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">هوامش</span></div>
<br /><ol style="margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<li dir="rtl" style="font-family: Arial; font-size: 12pt; list-style-type: decimal; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-size: 12pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أعلنت حكومة جنوب السودان المجاعة في فبراير 2017.</span></div>
</li>
<li dir="rtl" style="font-family: Arial; font-size: 12pt; list-style-type: decimal; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-size: 12pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تضع بعض عشائر الدينكا رأس الفهد بعد قتله ليحرس اللحم والسمك المجفف من الكلاب. كتاب أكول أعلاه ص 44.</span></div>
</li>
<li dir="rtl" style="font-family: Arial; font-size: 12pt; list-style-type: decimal; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-size: 12pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الجُور هو بحر الغزال، من روافد النيل، على ضفافه تسكن عشائر قبيل الدينكا. </span></div>
</li>
<li dir="rtl" style="font-family: Arial; font-size: 12pt; list-style-type: decimal; vertical-align: baseline;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="font-size: 12pt; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">سادة الرمح spearmasters هم زعماء العشائر ورماحهم مقدسة. نفسه ص 27. ذكر أكول أن سادة الرمح لا يموتون بل يعلنون موتهم بأنفسهم ثم يدفنون أحياء في طقس يليق بهم. نفسه ص 37.</span></div>
</li>
</ol>
</span></span>Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-81425497528790605562017-03-08T22:40:00.000-05:002017-03-09T23:36:19.947-05:00في اضاءة فركة، أو نزع السُتر<div style="text-align: right;">
<b id="docs-internal-guid-25690849-b66f-59ac-2cca-55f60f28f24c" style="font-weight: normal;"><br /></b><br />
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">قراءة في رواية فركة لطه جعفر</span></div>
<b style="font-weight: normal;"><br /></b>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">(أنزلت هنا، عن طريق الخطأ، مقالاً لكاتب آخر، آسف لذلك)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الاربعاء 29/05/2013 </span></div>
<b style="font-weight: normal;"><br /></b>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">في إضاءة (فِركة) أو نزع السُتُر </span></div>
<b style="font-weight: normal;"><br /></b><br />
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> رواية (فركة) للأديب الشاب طه جعفر الصادرة عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي في طبعتها الأولى يناير 2011 رواية خيالية توثق لبعض تفاصيل واقع الرق في حقبة معينة من تاريخ السودان. وبفوزها بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في نفس العام، تجد هذه الرواية مكاناً مستحقاً بين الأدوات التي نحتاجها في سبر أغوار أزمتنا الثقافية المتحوّلة، يوماً بعد يوم، إلى تعقيد تبدو أمامه أمنيات السلام، تحت ظل مواطنة حقة ومنصفة، حلماً عصياً. ففي واقع الاستقطاب الذي تفرضه الحروب المفتعلة، و في ظل نظام غير ديمقراطي، قائم على نظرة أحادية للأمور، ترتفع الأصوات السالبة المدفوعة باستخدام نفعي للعقائد، لتضيع وسطها حقائق الوجدان المشترك ويتراجع الناس نحو حِمى القبيلة والعشيرة آخذين معهم التاريخ إلى مكامن البدايات الرطبة المعتمة. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فالرواية هي عودة بالذاكرة لبعض هذه البدايات، وتذكير مرير بما درجنا نلتف حوله، ونصم آذاننا عنه وكان الأجدر أن نتطهر من المسكوت عنه بالمجاهرة بوقائعه، ونبذ ما يفرقنا من أوهام التميز والعصبية حتى نلتفت لبناء وطن شامخ يسعنا كلنا بلا تغوّل من جهة على غيرها ولا علو لعرق على آخر. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تستهل الرواية أحداثها بمشاهد بانورامية نتعرف فيها على مكان ذي بيئة مماثلة لبيئة جنوب كردفان تزدهر فيه حيوات سكان قرية كاسي المحروسة بطبيعة رؤوم، شديدة العطاء، وذات طابع جبلي يطرح مشقة </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">عظيمة أمام العُداة، الذين نتعرف عليهم باكراً، وهم يتدبرون خطتهم بحذر وخوف، متقمصين هيئات التجار الجلابة ليصعدوا للقرية على ظهور الحمير العالية، فتتبدى ملامحهم العربية وأثوابهم المميزة لشيخ القرية من بين فرجات الصخور، وهو جالس يرقبهم، كما ينبغي لزعيم هو في نفس الوقت كجور وسليل كجرة. وسرعان ما تتبدد نوايا هذا النفر المعتدي في نيله مراده بالقوة فيما يسمونه بالخرت، فللقرية فتيانها الأشداء ومنهم من يحمل سلاحاً، فيعرض الغزاة المستترون ما تصنّعوا أنهم أتوا لبيعه من السلع ويركنون إلى خطة في القنص والخداع. وهؤلاء النفر غاصبون بتكوينهم، أفظاظ على غيرهم. يمتهنون صيد الرقيق والتكسب من وراء سلب الانسان عزته وكرامته، وتستوي عندهم الفرائس، فيأخذون بالشدة من يقع تحت بأسهم، غير عابئين بمدى عزته في نظر أهله. إذ هم لا يتصورون أن سكان هذه الجبال يعرفون العزة أو ينبغي لهم وينكرون عليهم معنى لحياتهم كذلك الذي يستمدون منه، هم، بأسهم. غير عابئين بألم فراق الأنسان لأهله ولا بحرقة الحشا التي يخلفها أخذهم الأبناء و البنات من أهليهم. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فركة، الصبية التي سيأخذونها بالمكيدة ومعها صويحباتها، هي الإبنة الوحيدة لشيخ القرية وكجورها سلطان ود شريف. صبية عزيزة عند أهلها فرحة بحياة الرغد وباللقمة اللذيذة من الخالات والعمات. صبية ناهد وفرعاء مقبلة على حياة ناعمة ورائقة وسط أهلها ذوي العز وأصحاب الحكاوي المستلهمة من أجداد احتفظوا بحضور خرافي في حياة العشيرة تكاد لا تميز بينهم وبين آلهتهم التي يعبدون. اختطف هؤلاء العُداة </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">(النهاضة) فركة وبقية الفتيات بفظاظة ووحشية واعتدوا على حارسهن الأمين إبن عم فركة المرافق لهم وربطوه وشعّبوه وأعملوا سياطهم الغليظة على ظهور البنات حتى أخرسهن العذاب. ثم هرب هؤلاء الغاصبون بفركة ورفيقاتها تحت قيادة الزاكي من أبناء البطانة وعوض الكريم الضبايني وقلة من الرباطاب والجعليين والشايقية يرافقهم من الحرس فتية من الغديات والفور. ولعلمهم بأن أهل كاسي لابد خارجون لاسترجاع بناتهم وفيهن فركة بنت سلطان ود شريف وتيّة ابن أخيه كان لا بد أن يبتعدوا سريعاً بصيدهم. وفعلاً خرج أهل فركة في طلابهم وتبعوا الآثار في دروب خطرة يتربص في وحشائها نهاضة وشذاذ آخرون وبأعداد لن يقوى أهل كاسي على مقارعتها فخافوا وعادوا خاسئين إلى جبلهم الحصين، إلى قريتهم كاسي يكسوهم ويكسوها حزن الفراق ومرارة العجز أمام العدوان. عادوا بهم ثقيل بإمرة سلطان ود شريف الذي طفق يستدعي أرواح الأجداد طوال الليل مستخدماً الماء في بخسة القرع البري وحين دخل عليه أهله طاف عليهم بنظرات كنظرات الميت وقال لهم: "تيّة والبنات جميعهن أحياء، غادروا هذا الصباح دلامي في طريقهم إلى كرتالا." ثم وجه حديثه لزوجه كادوقاي وقال لها : "فركة سترجع ولن ينتظرها منا إلاّ أنت، وستسقط أسنانك الأربعة السفلية، وعندما تعود فركة سيكون لك في ذلك الحين ولد وبنتان." وحين انتبه أهله لبخسة القرع التي تحتوي على الماء أمامه عرفن جميعاً أن ما يقوله سلطان هو ليس إلاّ الحقيقة. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تقلب الزاكي وعوض الكريم في دروب كثيرة وهم في خشية من اللصوص. ولعلها ليست خشية عادية بالنظر لقيمة الصيد الذي لا بد سيجلب لهم ثمناً عالياً وبخاصة فركة التي طوّحت بالزاكي بين أحلام وشهوة. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">قيمة فركة العالية كسلعة تتبدى في الفظاعة التي تناول بها الزاكي أحد الحراس عند محاولته النيل منها، </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">حيث قطع الزاكي رأسه بوحشية، فهي صبية وعذراء ولا بد أن تجلب له مالاً وفيراً. وفي نفس الوقت كان الزاكي يطمع فيها لنفسه وعقله لا يني يرواح بين رنين المال والشهوة المحضة، فالفرخة الخماسية بحوالي مائة وخمسين دولار أبو مدفع، والسداسية بحوالي المائتين، والعبد بمائة . في ذات الوقت، في القرية كاسي كان عقل سلطان ود شريف يتقلب من غفوة لصحو، يهجس بالحزن، وفي كل صحو تتنزل عليه حكاية من حكايات الأجداد. حكى لهم ذات صحوٍ أن أحد الكجرة الأجداد حين دنا أجله تحوّل نصفه الأسفل إلى ثعبان يتلوى ويلمع بنور يعمي العيون، لم يصبر على مرآه سوى ابنيه الصغيرين فأخذا منه الحكمة وعلمهما كيف ينزلان المطر وكيف يجمعان الناس عند الخطر وكيف يشكران الآلهة ويصونان نسليهما بالسبر والتمائم. وبعد حديثه، انطوى ذلك الكجور في كهف مظلم. وحين انتبه الحضور لتوقف سلطان عن سرده انتبهوا أيضاً لكونهم يستمعون لجسد فارقته الروج. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مضت قافلة العداة بعزم الطمع في المال، تحفها أنات البنات المعذبات، في قيد وأسر ومشقة، وفي جوع وحر وعطش وفراق ممض للأهل والأمان والحماية، يقودها الزاكي وعوض الكريم بمعرفتهما بالدروب. ساروا شمالاً بغرب النيل متجنبين الشُلك ومن بعدهم الغِديات والفور في بطون الوديان، قاصدين شندي التي عبروا لها بالمراكب من كبنجي. وكانت فركة بتواتر مفردات القهر والإزلال على مسامعها، من قبيل فرخة وخادم وعب وفرخ وتُجم وبَهم، توقن في عذابها بأنها مأخوذة غدراً من أهلها ومن لغتها إلى عالم لغته القهر والمهانة. واصلت القافلة تحت مجادعات الدوبيت والمسدار بين الزاكي وعوض الكريم: </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الهمباتة نحن أصلنا معروفين بلا حق الرجال ما عندنا تعيين </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">بنشيلو حمرة عين بي موت بي حياة لازم نرضي أم زين </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وفي شندي تم بيع البنات في سوق الثلاثاء. الزاكي، في اشتهائه لفركة، تمنى أن يمسك ثمنها بيد وقلبها وجسدها باليد الأخرى، لكن شندي، المدينة الانداية ببيوت الدعارة، وفيها زريبة الزاكي التي تديرها له مستورة (سمحة النسوان)، وتصخب فيها دلوكة باب الله وحلاقيم مرافقاته في الغناء، كانت قمينة بأن تُنسي من يشتغل في خرت الرقيق ما يعكر صفوه إلى حين غزوة أخرى، يستبيح بها بشراً آخرين، ويقتلعهم من سماحة حياتهم الطبيعية، ومن براءة معاشرتهم للحياة. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تنتقل فركة لتكون من خدم المك، الذي دفع فيها ثمناً باهظاً. وبدخولها ديار المك، نتعرف على عوالم عجيبة من الترف القائم، في أهم مفاصله، على استغلال العبيد. ونسمع بأذني فركة حكايات من النساء المطايا، اللاتي تم استلابهن بالكامل، لحياة العبودية الكاملة والمستسلمة. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وفي هذه الأثناء، في كاسي، يتوالي تحقق نبوءات سلطان ود رحال. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الرواية مكتوبة بشهيق يهفو لأن يعقبه زفير، أو نصف نَفَس يودي بك لمقاربة جديدة للعادي والمألوف والموروث. فهي تبدأ بالدخول في موضوعها بلا تمحك وتطرح لك منذ الصفحات الأولى حمولتها من الإثارة وتُعْلمك باكراً بفظاعة الوقائع والمآلات بحيث ترى الدم والعرق وتشتم رائحة الأفواه القذرة والشهوات الرخيصة تتقاطع مع براءة أصيلة هي في نُسُك البساطة وأصداء البكارة وهي في ذات الوقت، الرواية، عودةٌ إلى التاريخ الذي لم نمتحنه ولم نسبر أعماقه قبل أن نبتلع ما طفح منها من شاكلة نحن جند الله وغيرها من الترديدات. هذا النوع من الابتلاع أو الازدراد، في القاموس الراهن للشاعرة روزمين الصياد، يتنكر لأي صلة بينه وبين عسر الهضم. فيبقى عسر الهضم عصياً على الفهم ولا نود أو نستطيع أن نرى الأمر على وجهه. ومهما اختلف الناس مع رؤية المؤلف فإن أمر الاختلاف لن يعدو كونه اعادة التفاف حول أفكار تؤسس للتابو أو تعيد انتاج الازمة الثقافية بالإعراض عن أي توصيف جديد لها لا يخضع لضمير رقابي لم نُجمع على تنصيبه. فالرواية هي في مقام التوصيف الجديد للواقع ولتأريخنا القريب المهجوس بالتعرية. ولربما كان حرص المؤلف على مثل هذا التوصيف الجديد هو السبب وراء صياغات في سرده تبدو فيها صورته هو نفسه. ولا أرى في هذا غضاضة طالما أنه لا يكتب مجرد تداعيات بل يكتب بعضاً من مشروع متكامل للحياة، حسب تصورات لا يمكن نفي قيمتها أو انكار وجودها ضمن منظومات الايدولوجيا في نسيج مجتمعنا السوداني بخاصة تلك التي برزت في لحظات تاريخية معينة ملّوحة بمشروعها من قبيل الاسهام، ليس في فهم واقعنا، بل في تغييره لصالح الانسان، متجرداً من أطماع الحوزة وبطش الجشع. و لا أتصّور أن العبارات القليلة، التي تشي بتدخل المؤلف وبسط رأيه، تنال من عفاء السرد وصعوده السديد نحو اكتماله. وبنفس هذه الرؤية فان الأسفار الروحية العديدة التي قامت بها فركة لقريتها بل وما دار عند اقتراب الرواية من نهايتها، تجيء معززة لبنية السرد، طالما قام على تأكيد القبول بفعالية الطقوس كآلية تتوسل بها الأرواح لطلب العون من الأسلاف. وفي اعتقادي أن إعطاء الاسطورة نصيبها الوافر هو من الوسائل المتاحة للمؤلف في إظهار وعيه بوجود الآخَر الثقافي كجزء من مشروعه وفي تأكيد قوة جذور الانسان الذي يظن مستلبوه أنه لا ينتمي، مثلهم، لمنظومة قيم وموروثات، ولا لتاريخ يرفد العشيرة بالمجد والشمم. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">بالرغم من هذا التصوّر المناصر لتلاحم الواقع الموضوعي مع الأسطوري، فإن الرواية لا تتغاضى عن التحولات التاريخية في موضوعيتها ولا تدعي تفسيراً لها فمصير فركة كغيرها من ضحايا الاستعلاء يكون دائماً في كف عفريت لا قبل لأحد به، ولسنوات طوالـ، وفي ظني أن طه جعفر يكتفي منك كقارئ بتأمل ما كان يحدث حقيقةً للأفراد وما يشاع من أنه كان يحدث بما يرضي الله ورسوله، من شاكلة الرفق بالأرقاء، دون الحديث عن لماذا هم أرقاء في الأصل. والرواية نفسها تقع أحداثها قُبيل التفاقم الذي أحدثه الفتح التركي المصري، ويفلح المؤلف في استضافة بدايات التحول في الواقع الموضوعي لسرده. إن رواية (فِركة) بما هي أول عمل روائي للمؤلف هي رواية جديرة بالقراءة، كتبها صاحبها بلغة جميلة وفي جمل قصار مبتكرات. ومن الواضح أن المؤلف توفر على مراجع عدة تعينه في وصف الأماكن والبيئات في نبضها الحي وظرفها التاريخي، في توهيط القارئ في واقع السرد وكذلك في وصف ما تماسك ورسخ من المجتمع المديني في نسيجه القيمي ودوره في رسم مآلات الأفراد. وحقيقة لم يحدث أن وقعتُ، من قبل، على توصيف لمدينة شندي أواخر القرن التاسع عشر كالذي حاكه طه جعفر. ولا أرى في صورة الواقع التي تكشفها لنا روايته، والتي ربما كانت أقوى نبضاً بالحياة من ما عليه شندي اليوم، لا أرى فيها ما يثير عليه غضب الجعليين هذا مع التذكير بأننا إزاء عمل روائي خيالي! </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تستدعي رواية (فركة) التداعي لاعداد فهرس كامل للروايات التي تتناول فكرة الاستعلاء والعنصرية وتجليات الهيمنة. وفي المكتبة السودانية الآن العديد من الروايات القائمة على تناول هذه أو تلك من القضايا المشار إليها، وبدرجات متفاوتة، مثل روايات عاطف عبد الله، مروان حامد الرشيد، الحسن البكري، أبكر آدم اسماعيل وآخرين، ربما منهم منصور الصويم. إن اكثر ما تعلمنا الرواية هو أن الانسان البسيط الأقرب منا للطبيعة وللتراب تصلح حياته، هو أيضاً، عند فحصها، في كشف قضايا انسان المدينة،لأن قضايا الانسان متجذرة في ميول الانسان وفي نزوعه نحو مكوّنات رفاهيته هو وحده.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">انتهى </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مصطفى مدثر 28/05/2013</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">المصدر : </span><a href="http://sudaneseonline.com/msg/board/430/msg/1369806280/rn/1.html" style="text-decoration: none;"><span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: Arial; font-size: 14pt; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">http://sudaneseonline.com/msg/board/430/msg/1369806280/rn/1.html</span></a></div>
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-75779369032782550052017-02-06T00:04:00.001-05:002020-12-06T21:36:25.927-05:00أبو القدح<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="6lq6d-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6lq6d-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;">أبو القدح، </span><br />
<span style="font-size: large;">شنوا أشيبي </span><br />
<span style="font-size: large;">(بتصرف)</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="9dfio-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9dfio-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="9dfio-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- أنتا أبو القدح دا، يعني ما لقى زول يقول ليهو؟</span><br />
<span data-offset-key="9dfio-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- يقول ليهو شنو؟</span><br />
<span data-offset-key="9dfio-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;"> - يقول ليهو المسألة ما قدر كدا يا خينا، والتأقلم أحسن من ال بتعمل فيهو دا.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="573v8-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="573v8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="573v8-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- تأقلم شنو يازول؟ دا شايلا تقيل شديد.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="6nk16-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="6nk16-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="6nk16-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- هسع تشيل منو القدح دا يقولو ليك جريمة وحقوق حيوان وبتاع.</span><br />
<span data-offset-key="6nk16-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- افتكر إنو عمل عملة في الماضي السحيق وما مصدق إنو ما اتعاقب عليها.</span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="6nk16-0-0" style="font-family: inherit;">- ياخي اليوم ديك واحدة أم قدح، يعني الانتاية، إتقلبت فوق ضهرها</span><span data-offset-key="6nk16-0-0" style="font-family: inherit;">، وقعدت تفرفر لما </span><span style="font-family: inherit;">جا أبو قدح قلبها.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">- أبو قدح؟ يعني ود حلة ساكت. حسع لو ما كان جا؟</span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">- لا هو جاها جاري والله، شهم يعني.</span><br />
<span data-offset-key="6nk16-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">قام فقعوها ضحكة والونسة استمرت.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="1p96b-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1p96b-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="1p96b-0-0" style="font-family: inherit;">- إتخيل أنتاية أبو القدح تكتشف إنها ما جابت قدحها معاها للحمام فتقوم، لأنو مافي زول في البيت، تاخد الجرية ملط من الحمام للأوضة. </span><span style="font-family: inherit;">قادر تتخيل شكلها كيف؟</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ضحك صاخب.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- أها والشافها منو؟</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- الكلب. كان راقد فوق الحيطة وأصدر نفس الصوت البيطلع منو لما يكون زهجان.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">ضحك متواصل لغاية ما دخلت عليهم خجيجة وغزت كوعها في الضلمة وكان معاها بت صغيرة وكانت السيجارة قد ماتت من الضحك.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- دي بت منو يا خجيجة.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- انتو تضاحكو مبسوطين وأنا الصداع عايز يكسر رأسي. دي بت عاتقة. خلتها عندي عشان هي ماشة عرس.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- حلاتا. كيفك يا شابة؟</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- هاك عليك الله نومها لي أنا ما فاضية ليها.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- تعالي يا حلوة. صلاة النبي. تعالي.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">تأتيه البنت الطفلة على استحياء. يضعها في حجره ويقول لصديقه.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">- بالمناسبة شنوا أشيبي عندو قصة عن أبو القدح أنا ح أنوم بيها البت دي الليلة. ويضع البت على السرير ويبدأ هو جالس على كرسي في سرد قصته.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="cihli-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="cihli-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-family: inherit;"><span style="font-size: large;">أها الطيور كانوا معزومين وليمة في السماء. ففرحوا بالعزومة وابتدوا يستعدوا فمسحوا جسمهم بالزيت الملوّن ورسمو عليهو زخارف جميلة. أبو القدح، مكّار جداً، شاف الحاصل دا وقعد يفكر. حقيقة أول ما سمع بالعزومة بدا حلقه ياكلو. وكانت أيام مجاعة، يعني زي ليهو شهرين ما أكل وجبة سمحة. وجسمه ابتدأ يكركب زي الخشبة الناشفة جوا القدح. عشان كدا فكر يخطط للعزومة ال في السما دي.</span></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="bqa41-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bqa41-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bqa41-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">قامت البت قالت: لكن هو ما عندو جناحين؟ </span><br />
<span data-offset-key="bqa41-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- طيب ما تصبري. ماهي دي القصة ذاتا. </span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">أبو القدح قام مشى للطيور وطلب منهم يخلوهو يمشي معاهم.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="7e4le-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="7e4le-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="7e4le-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">الطيور قالوا ليهو: ياخي بنعرفك كويس، إنت زول مكار وما بتحفظ الجميل، لو سقناك معانا ح تقوم تستهبل علينا.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="eo9h0-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="eo9h0-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="eo9h0-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">قال ليهم: لا لا، إنتو ما عارفين. أنا ما إتغيرت ياخ. إتعلمت إنو من عمل حفرة لأخيه وقع فيها.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="195ro-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="195ro-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="195ro-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">ولانو أبو القدح كان لسانو حلو، شوية شوية، الطيور إقتنعت إنو إتغير فقامت كل طيرة أدتو ريشة عشان يعمل جناحين.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="91t0s-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="91t0s-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="91t0s-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">في يوم العزومة الطيور كلها اتلمت في مكان واحد عشان يتحركوا مع بعض. أبو القدح كان أول زول وصل. ولما الباقين وصلوا قاموا طاروا كلهم في شكل واحد. أبو القدح كان فرحان وسطهم و لأنو كان خطيب مفوّه اختاروهو متحدث بإسمهم. قام وهو طاير وسطهم قال ليهم: في حاجة لازم نتذكرها. الواحد فيكم لما يتعزم عزومة زي دي مفروض يقوم يغير اسمه عشان المناسبة. ضيوفنا في السما بيكونو متوقعين إننا نراعي التقليد دا.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="f0ss2-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="f0ss2-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="f0ss2-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">طبعاً ولا واحد من الطيور كان عارف إنو في تقليد زي دا لكنهم اعتبرو أبو القدح صاحب خبرة وسافر كتير وبيعرف العادات والتقاليد بالرغم من إنو سمعتو في مناسبات تانية ما كانت طيبة. فقام كل واحد غير اسمه وأبو القدح سمى نفسه كلكم.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="2arhq-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="2arhq-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="2arhq-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">أخيراً وصلو السما وأصحاب الدعوة فرحوا بجيتهم ووقف أبو القدح بثياب ملونة وشكرهم على الدعوة. وكانت خطبته جيدة لغاية ما الطيور كلهم فرحوا بكلامه وقعدوا يهزوا ريسينهم ويعاينو لبعض مبسوطين. كبير المضيفين إفتكر إنو أبو القدح هو ملك الطيور خاصة لأنو شكلو كان مختلف عن الباقين.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="55k4d-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="55k4d-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="55k4d-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">وبعد توزيع جوز الكولا ناس السما قاموا رصو أكل كتير، حاجات ما شافها أبو القدح حتى في أحلامه.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="dn0bd-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="dn0bd-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="dn0bd-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">الحساء والشوربات اتقدمت ساخنة من نارها وفي نفس الماعون اللي اتعملت فيهو. وكانت الشوربة مليانة باللحم والسمك. أبو القدح قعد يتكرف بصوت مسموع. بعدين كان في يام دقوقة، بطاطا حلوة، ويام مطحون مطبوخ بزيت الجوز وسمك كتير. وبرضو كان خاتين كناتيش مليانة بالمريسة. ولما كل شيئ بقى جاهز، تقدم مندوب من أصحاب الدعوة وضاق من كل أكل شوية ثم دعا الطيور للأكل لكن أبو القدح نطا وسأله: لمنو الأكل دا كلو اتعمل؟</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="8u4v6-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="8u4v6-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="8u4v6-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">الراجل قال ليهو: لكلكم.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="df2q8-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="df2q8-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="df2q8-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">قام ابو القدح اتلفت للطيور وفال ليهم: طبعاً انتو عارفين اسمي، كلكم. والتقليد هنا إنو البياكل في الأول هو المتحدث الرسمي والآخرين يأكلوا بعده. فهم ح يخدموكم بعد ما أنا آكل. وبدا ياكل والطيور يعاينو ليهو زعلانين. ناس السما كانوا قايلين دي العادة انو يخلو الأكل كله للملك. وهكذا أكل ابو القدح أحسن الطعام وشرب بخستين من مريسة الجوز. لغاية ما اتملى وجسمه ملأ القوقعة حقتو. بعد داك الطير اتلمى ياكل البواقي ويمصمص في العضام ال رماها أبو القدح وبعض منهم ما قدروا ياكلو من الزعل واختاروا يطيروا راجعين بيوتهم على الجوع. لكن قبل ما يطيروا كلو طيرة قلعت ريشتها من أبو القدح وزولك وقف منفوخ من الأكل والشراب لكن بدون جناحين يطير بيها راجع. قعد يحنس الطيور إنو يوصلو منه رسالة لأهل بيته لكن الطيور رفضت. لكن بعد تحنيس ورجاء الببغان اللي هو كان أكتر واحد زعلان في الطير وافق فجأة انو يوصل رسالة أبو القدح لزوجته. قام أبو القدح قال ليهو:</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="bt40e-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="bt40e-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="bt40e-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- قول لمرتي تطلع كل المراتب والمخدات كلها ولساتك العربات كلها ال في البيت وتردمها لي في الحوش عشان أتلب فيها من غير ما أتعرض لخطر.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="1iuf4-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1iuf4-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1iuf4-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">الببغان وافق يوصل الرسالة لزوجة ابو القدح وطار. لكنه لما وصل بيت أبو القدح غير الرسالة وقال لمرة أبو القدح:</span><br />
<span data-offset-key="1iuf4-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- أبو القدح قال ليك طلعي كل الحاجات السنينة وبتجرح زي السواطير والسكاكين وأب راسين والعكاكيز وختيها في الحوش. </span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="1iuf4-0-0" style="font-family: inherit;">أبو القدح لما عاين لتحت من السما شاف مرتو بتطلع في حاجات لكن لأن المسافة بعيدة ما قدر يفرز الحاجات ال طلعتها دي شنو. أها لما كل شي بقى شكلو جاهز ابو القدح قام تلّب. </span><span style="font-family: inherit;">ووقع.</span></span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;">وقع، وقع لغاية ما خاف انو أصلو ما ح يقيف من الوقوع وبصوت داوي سقط في حوش بيته المليان بالموجعات.</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="1l7ja-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="1l7ja-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="1l7ja-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">البت سألت:</span><br />
<span data-offset-key="1l7ja-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- أها، مات؟</span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="36egl-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="36egl-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span data-offset-key="36egl-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- ما مات لكن قدحه اتكسرحتة حتة. ومرته فكرت وفكرت. الحلة كان فيها بصير أشتر كدا لكن تسوي شنو مافي غيره. قامت رسلت يجيبوهو ليها. لكن لأنه أشتر ما عرف يلم القطع زي الناس فقام لصقها بأي طريقة.</span><br />
<span data-offset-key="36egl-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">البنت أخدت ليها صنة كدا وقامت سألت:</span><br />
<span data-offset-key="36egl-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">- عمو، صحي أبو القدح بعد داك اتزوج فوق مرتو كذا مرة لأنو مافي زول قدر يعرف عمرو كم؟</span><br />
<span data-offset-key="36egl-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">الراجل وصاحبو فقعوها ضحكة.</span><br />
<span data-offset-key="36egl-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;"><br /></span></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="c2d2t-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="c2d2t-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<br /></div>
</div>
<div class="" data-block="true" data-editor="20dhs" data-offset-key="9p7gq-0-0" style="background-color: white; color: #1d2129; font-family: helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div class="_1mf _1mk" data-offset-key="9p7gq-0-0" style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<br /></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-51907340414964168352017-02-03T17:31:00.001-05:002017-02-03T17:31:55.137-05:00أسئلة القرين<div class="" data-block="true" data-editor="vqj5" data-offset-key="dp72r-0-0" style="background-color: white; font-family: "helvetica neue", helvetica, arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;">
<div style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="dp72r-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أسئلة القرين</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="dp72r-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;"><br /></span></span></div>
<div style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="675ir-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">مصطفى مدثر</span></span></div>
<div style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="color: blue; font-size: large;"><span data-offset-key="675ir-0-0" style="font-family: inherit;"><br data-text="true" /></span><span data-offset-key="2q1tm-0-0" style="font-family: inherit;"><br /></span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="2q1tm-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">لِمَاذَا تشير مصابيحُ المرورِ، </span></span><br />
<span style="color: blue;"><span style="font-size: large;"><span data-offset-key="p4f8-0-0" style="font-family: inherit;">لو أنني في طرقي </span></span><span data-offset-key="p4f8-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">على برودةِ الدروبِ، </span></span><br />
<span data-offset-key="2l1l9-0-0" style="color: blue; font-family: inherit; font-size: large;">سألتُ</span></div>
<div style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="2l1l9-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">لشخصي أم ظلالِ الأغنية؟</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="emhi6-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">لفرحي طالعاً من جرحي؟ </span></span><br />
<span style="color: blue;"><span style="font-size: large;"><span data-offset-key="cpouc-0-0" style="font-family: inherit;">أم لكائنٍ نبا </span></span><span style="font-family: inherit; font-size: large;">فيما وراء المرايا،</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="9fmj6-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">كائنٍ خبا، </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="3c4tg-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">في أسطح المساءِ، </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="6opni-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">خاصرات الزوايا.</span></span><br />
<span style="color: blue; font-size: large;"><span data-offset-key="4et75-0-0" style="font-family: inherit;">لماذا تشيرون إليه/إليّ، </span><span data-offset-key="5a0g7-0-0" style="font-family: inherit;">أنتِ/هو، أنتَ/هي</span></span><br />
<span style="color: blue;"><span style="font-size: large;"><span data-offset-key="id9f-0-0" style="font-family: inherit;">وأنتم </span></span><span data-offset-key="4enoq-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">وهُم </span><span data-offset-key="8lcbc-0-0" style="font-family: inherit; font-size: large;">يا كلكم </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="7vrif-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">تحفظونني لكم، </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="jent-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">على الوجه الذي يسركم،</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="8113v-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">لماذا لا تفصّلونني لكم</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="8113v-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">عباءةً تقيكم ما استبد من رؤى</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="8113v-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">وما تفلّت من منايا</span></span><br />
<span style="color: blue;"><br /></span></div>
<div style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="9ktjr-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">-----------</span></span><br />
<span style="color: blue; font-size: large;"><span data-offset-key="9ktjr-0-0" style="font-family: inherit;"><br data-text="true" /></span><span data-offset-key="abbpc-0-0" style="font-family: inherit;">لماذا يشير الناس لما لم أكنه؟ </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="ejk47-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">وكيف يصمون آذانهم عن رنين العهودِ </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="9v8ds-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">تراوغُ حتمَها في سحيق النسيان؟</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="99mqk-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">هل لميتتي تحيلُ هذه الدلالاتُ </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="fe00t-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">ريثما أنقّضُ عليها بأخذ الحياةْ. </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="t70s-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أقطّع أوصالها اللغات. </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="1qal3-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أخرج مثل ظلي، </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="1qal3-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">فوق ظلي،</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="dm5pt-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أطوي تحت إبطي صورتي</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="fopvp-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أبحث في حبورٍ عن صفاتك، </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="fopvp-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">كائني</span></span><br />
<span style="font-family: inherit; font-size: large;"><span style="color: blue;">يا دُلني عليك وافتقدني.</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="45iu3-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">يا كائني يا صائني</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="fcfu9-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">يا مبطني وخائني</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="fff97-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">يا دُلني </span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="3fbk3-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أي المشاوير إليك،</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="bfcjs-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">أي الإشارات لأنتزعني منك</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="4h1s5-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;">قبل أن تعيدني إليك.</span></span><br />
<span style="font-size: large;"><span data-offset-key="4h1s5-0-0" style="color: blue; font-family: inherit;"><br /></span></span>
<span style="font-size: medium;"><span data-offset-key="4h1s5-0-0" style="color: blue; font-family: inherit; font-size: x-small;">سبتمبر 2016</span></span></div>
</div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-47750014374102296932016-12-09T00:16:00.002-05:002020-09-21T13:19:29.550-04:00وجوه أخرى للنباتات<div
class=""
data-block="true"
data-editor="49fiu"
data-offset-key="duq4s-0-0"
style='background-color: white; color: #1d2129; font-family: "Helvetica Neue", Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;'
>
<div
class="_1mf _1mk"
data-offset-key="duq4s-0-0"
style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;"
>
<span data-offset-key="duq4s-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: large;"><br /> </span
></span>
</div>
<div
class="_1mf _1mk"
data-offset-key="duq4s-0-0"
style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;"
>
<span data-offset-key="duq4s-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: large;"><b>وجوه اخرى للنباتات</b></span></span
><br />
<span data-offset-key="duq4s-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: medium;">قصة قصيرة</span></span
>
</div>
</div>
<div
class=""
data-block="true"
data-editor="49fiu"
data-offset-key="4r7o4-0-0"
style='background-color: white; color: #1d2129; font-family: "Helvetica Neue", Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;'
>
<div
class="_1mf _1mk"
data-offset-key="4r7o4-0-0"
style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;"
>
<span data-offset-key="4r7o4-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: large;"><br data-text="true" /></span
></span>
</div>
</div>
<div
class=""
data-block="true"
data-editor="49fiu"
data-offset-key="cdcfe-0-0"
style='background-color: white; color: #1d2129; font-family: "Helvetica Neue", Helvetica, Arial, sans-serif; white-space: pre-wrap;'
>
<div
class="_1mf _1mk"
data-offset-key="cdcfe-0-0"
style="direction: rtl; font-family: inherit; position: relative; text-align: right;"
>
<span data-offset-key="cdcfe-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: large;"
>عندو عود كدا، قال مخصوص، ساط بيهو العلبة لما اخلاقي ضاقت. بعد داك قام
قفلا. وقعد يلعب بي شوية الدقن ال عندو قلت ليهو شنو يا استاذ انا ما راجي
آخد لي سفه من صنع يديك المدهش. ولا عاين لي ذاتو. قال لي شوية كدا. قمت
بزعل خفيض سالتو شنو يعني. الساينص شنو هنا؟ قال لي مافي ساينص. هنا حكمة
شعبية. رفعت صوتي شوية وقلت ليهو ياخي انا عايز سفه من غير حكمة شعبية. رد
علي بازدرا واضح ما انتو ال بتبوظو الكوالتي باستعجالكم دا. سكتّ افكر.
كلامو نوعا صاح وبعدين لقيت في ذهني استهانه بالمادة قيد المناكفه ذات
نفسها. وسمعت جواي صوت بيقول لانو المادة دي اسمها سعوط فهي ما ممكن الزول
يتحدث عن كواليتي ليها. قام هو فاجاني وقال لي عشان سعوط؟ ياخي النباتات دي
كل واحدة ليها شخصيتها وبتتوقع انك تعاملها بالطريقة ال بتحبها عشان تديك
العايزو. قلت ليهو يا استاذ شحتفت روحي ياخ. كلها سفه ونخلص. وبعد اتفها
عندي سيجارة ح اشربا وكاسين. عاين لي كداااا وقال لي شنو البشتنه المتلاحقة
دي. قلت ليهو متلاحقة متلاحقة. قام فاجاني بالكلام دا قال لي افتح العلبة
وسف. قمت خفت وقعدت ساكت اعاين ليهو قام ضحك خشخشه كدا وقال لي دا السعوط
هو ال دخل فيك التردد دا لانو هو ذاتو متردد. سألتو السعوط متردد؟ مالو؟
قال لي وهو يلعب مرة اخرى بدقينتو ماهو شوف العطرون العندي فيهو شوية حموضة
انا لي كم يوم بحاول اعرف كيف اتخلص منها وحتى مشيت لاستاذ في كلية الزراعة
وما لميت فيهو. وسكت. قربت اقول ليهو ما مشيت معهد الذرة لكن خفت سفه ذاتو
ما ح اطلع بيها منو. و هو دخل في حالة تأمل كدا وقام هبش العلبة بطرف أصبعه
وقال لي النباتات دي ما ساهله كاينات موش حية وبس. وواصل بطريقة فيها كتير
من العاطفة وقال لي ياخي هل تعلم انو الصمغ العربي بيحب الدكتاتورية؟ انا
كنت عارف انو زمان حصلت ليهو مشاكل واتهموهو بقتل زوجته لكن طلع براءة
واتعالج لفترة وانو في النهاية الناس صنفوهو انو رجل حكيم فسألتو كيف يعني
الصمغ بيحب الدكتاتورية؟</span
></span
>
</div>
</div>
<div
class=""
data-block="true"
data-editor="49fiu"
data-offset-key="d6g4c-0-0"
style="background-color: white;"
>
<div
class="_1mf _1mk"
data-offset-key="d6g4c-0-0"
style="direction: rtl; position: relative; text-align: right;"
>
<div style="color: #1d2129; font-family: inherit; white-space: pre-wrap;">
<span data-offset-key="d6g4c-0-0" style="font-family: inherit;"
><span style="font-size: large;"
>زي ما بقول ليك. دا كلام علمي. في باحث رصد القصة دي ولقى انو لما يكون
في دكتاتورية في البلد الصمغ العربي تجرح الشجرة كدا تبهل ليك الصمغ ولما
يكون في ديمقراطية وتصويت وبتاع الصمغ العربي ما بديك سمح. قلت ليهو يا
استاذ الكلام دا شوية غريب. لكن هو كان تقريبا في منتصف الحالة التأمليه
ال دخل فيها فقام قال لي ما غريب إلا الشيطان. بتعرف الزعفران؟ قلت ليهو
ما بعرفوا قام شرح لي انو نبات فيلسوف. اذكر زمان قالو انو كان طالب طب
ومرة في سؤال في الامتحان ما غلبو لكن ما عجبو قام اجابتو كانت ابيات من
قصيدة ل وردث مين كدا ما عارف شاعر انجليزي. قمت افتكرت انو الزعفران دا
مذكور في القرآن ايه كدا والزعفران قام هو فاجاني للمرة الرابعة وقال لي
الزعفران ظلمتو الكتب القديمة ربما لانها كانت بتدعو لمجتمعات غير
المجتمعات ال ممكن يزدهر فيها. يا زول. دا انا في سري. ما لقيت ما يمكن
ان اقوله وما اكون اهبل قدامو فواصل وقال الزعفران عايز مجتمع مثقف و
واعي. واول ما سمعت
</span></span
><span style="font-family: inherit; font-size: large;"
>كلمة مثقف تحسست مواعيد شربتي واحس هو بتململي فقال بابتسامة شاحبة على
وجهه اها لي هسع السعوط بيكون لقى القلويه الضايعه في العطرون. قلت ليهو
كلمني عربي يا استاذ قام فتح العلبة وقال لي ممكن تسف.</span
>
</div>
<div style="color: #1d2129; font-family: inherit; white-space: pre-wrap;">
<span style="font-family: inherit; font-size: large;"><br /> </span>
</div>
<br />
</div>
</div>
<a
class="twitter-mention-button"
data-show-count="false"
href="https://twitter.com/intent/tweet?screen_name=MustafaMudathi2"
>Tweet to @MustafaMudathi2</a
>
<script
async=""
charset="utf-8"
src="//platform.twitter.com/widgets.js"
></script>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-16967843406973555662016-11-28T15:07:00.001-05:002016-11-28T15:07:30.068-05:00Civil Disobedience in Sudan<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: "Times New Roman"; font-style: normal; font-variant-caps: normal; font-variant-ligatures: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><span style="font-size: x-large;">Civil Disobedience in Sudan</span></span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; white-space: pre-wrap;">By Taha Jaafar</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">Nov.27.2016 was the first day of civil disobedience in Sudan. Groups of activists in the social media, mainly Facebook, Twitter and WhatsApp besides websites such as alrakoba.net and sudaneseonline.com, started calling for a three day strike 27-29 Nov.2016. </span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">The first day was a success were the Sudanese people in Khartoum and other cities such as Wad Medani and Atbara just stayed at home, mainly workers in private sector and some of the workers in public sectors, many private schools and universities gave three days off for workers and students to participate in the strike. Reports from the press said the banks in Khartoum have only done less than 20% of their routine daily transactions, Khartoum Financial centre ( stock market) reported a loss 280 million USD in the first day.</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">Sudanese opposition chose the strike to avoid mass killing similar to the one that took place in Sep. 2013 demonstrations, as more than 300 protesters were shot dead by government-run militia, which is known as People’s Security service, a secret organization that is completely made of Muslim brotherhood members, also known as Sudan Islamic movement. The victims of mass killing operations of Sep. 2013 or their families did not find justice until today as the Islamic government of Khartoum is denying its responsibility about that and blamed militant oppositions groups in Darfur, Nuba mountains and South Blue Nile. Everyone knows that those groups are only active in the regions mentioned before but not in Khartoum where the mass killing took place. And their role is mainly to defend the Sudanese in Darfur, Nuba mountains and Southern Blue Nile from government offensive air strikes and land troops and Janjaweed militia attacks. Sudanese Military opposition mainly use their courage in that sincere human effort where they function in bad conditions, lack of logistics and absence of regional or international support. The presences of African Union and UN Peacekeeping forces and international human organizations have been useless as Khartoum regime controls their activities and limits their role in ways that enable it to practice genocide.</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">That’s beside the known brutality of government against peaceful demonstrators which resulted in making peaceful opposition groups go to the choice of Civil Disobedience which was tried before in the overthrowing of militarily regime in Oct 1964 and in Mar-Apr 1985 and succeeded in bringing democratic governments through public elections. Now the chance of trade union strikes is not in consideration because the ruling Islamic military regime dismissed trade union activists and leaders from work in public sectors such as Sudan Railway, River Transport, public works, educations and health sectors and forced private institution to dismiss trade union activists and any political party members specially communists. This dismissal started immediately after the pro-Islamic coup of June 30. 1989 and is still on. The same happened in the army and police forces. Any Sudanese who is not a member or a supporter of the Islamic movement was dismissed.</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">Opposition groups are hoping for the occurrence of a crackdown in the Sudanese Armed Forces and the Police Force to stop the secret Islamic militia “People’s Security “ and the Janjawid from mass killing of the demonstrators. Opposition military forces of the revolutionary Darfurians, SPLA in Nuba mountains and in Southern Blue Nile are located in remote places too far from big urban centers and Khartoum. Lack of logistics prevents them from deploying forces to protect peaceful demonstrators.</span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">International support is badly needed by now to stop the government from afflicting brutal massacres as the ones that happened in Sep. 2013. International silence about the mass killing of 300 civilians in the streets of Khartoum was met with deep frustrations as the Sudanese people found themselves alone in front of ISIS-like brutality. </span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: black; font-family: 'Times New Roman'; font-size: 16px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">Nov.27.2016</span></div>
<span id="docs-internal-guid-ff4757c4-ac7a-55e2-2bff-4638286c983c"></span><br />
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-14987586836933459302016-11-04T17:50:00.002-04:002017-08-11T19:37:16.943-04:00جليد نساي - 3/3<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br />
</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br />
</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">جليد نساي (3/3)</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">قراءة في رواية الرجل الخراب</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">عبد العزيز بركة ساكن</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">الجزء الثالث</span><br />
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: x-small; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">مصطفى مدثر</span><br />
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br />
</span></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg2nSY2_VfBQwGF4ZOZaeUtA25x0Fs1ff5_HHPQvXtTBTcPfHdZOw1Et4GQRqzLtpHtBeSTlXURR27GnpfoLPhO0j1yAQDJaT1iiRBdh3ABXbWaDa_P2lMpghBTuwxIBHiShjI8X1AQfuQ/s1600/latest+me4.jpg" imageanchor="1" style="clear: right; float: right; margin-bottom: 1em; margin-left: 1em;"><img border="0" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg2nSY2_VfBQwGF4ZOZaeUtA25x0Fs1ff5_HHPQvXtTBTcPfHdZOw1Et4GQRqzLtpHtBeSTlXURR27GnpfoLPhO0j1yAQDJaT1iiRBdh3ABXbWaDa_P2lMpghBTuwxIBHiShjI8X1AQfuQ/s1600/latest+me4.jpg" /></a></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">سنتناول في هذا الجزء مسألة استلهام ساكن للهدمية الطاغية في قصيدة إليوت وأنه، أي ساكن، لم يشأ لهدمه نهاية أو حل. وكذلك نتناول مسألة البلبلة التي يحدثها استلهامه الآخر المتمثل في تبديل اسم الرواية، ونقترح سبباً لإختيار ساكن أن يكون درويش طبيباً صيدلانياً، كما نناقش التجريب في الرواية وأزمة النهاية. فإلى الجزء الأخير من المقال.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">أبدأ ببعض الأفكار حول اسم الرواية.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إن الإرث الدلالي لكلمة الخراب في عنوان الرواية يبدو كافياً لقبول اسمها، الرجل الخراب، ولكن عندما نعرف من الرواية أن اسمها الحالي كان قد خضع لعملية تغيير مرتين فإننا نرى أن توسيع دائرة الفحص الدلالي قد يعيننا إلى فهم أحسن للأصول الابداعية للرواية. فاسم الرواية تحوّل تحوّلاً محكياً عنه من أزهار الليل إلى مُخرّي الكلاب واستقر عند الرجل الخراب. وقصيدة اليوت نفسها تحوّل اسمها، ربما مرة واحدة، ليستقر على الأرض الخراب. وهذا استلهام آخر للقصيدة نرصده هنا ولا ندعي الحصر. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إن المقصود هنا أن هنالك تعارضاً في دلالة الخراب في الاسمين. فبغض النظر عن كون القصيدة تعد من أكبر محاولات الإبتعاد عن التناول المباشر للأشياء أدبياً، وأنها مستودعٌ هائلٌ للإحالات ومجمل قولها هو الشكوى عن عقم حياة المدينة المعاصرة، فإن دلالات الخراب فيها تتعلق بالنظرة للحياة والحضارة وتذهب بها للدعوة للعودة إلى تجدد الميلاد من خلال الروحانيات. بينما الرجل الخراب، هو كائن ذو عقل بشري محدود غير متسق مع مرجعيته الفكرية وأفعاله مجرد إذعان لإملاء الظروف، فهو بالتالي لا يمكن الوصول إليه عبر مشتركات تحققها شخصيته. فالمشكلة إزاء درويش هي قلة الداتا، في الرواية، التي تؤيد الزعم بأن شخصيته من التعقيد المعرفي بحيث يتمثل ذهنه دقائق التحوّل الذي استوجبه عليه بحثه عن حياة أحسن، في عالم مختلف. وهذا الزعم ليس مصدره المؤلف، الحقيقي أو الضمني، بل على العكس لقد حرص المؤلف على الحديث عن قلة ثقافة درويش وعن شح علاقته بالكتاب رغم أنه خريج جامعي. فأظنني أكون قد وقعت على أول نقيض للاستلهام من القصيدة، إن أنا أحسنت تبيانه.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">في الفصل الأخير من الرواية، يقوم درويش بفحص أصدقائه، بعد أن خرج من بيته تاركاً زوجه وابنته مع صديق الابنة، بحثاً عن العون. ويقدم لنا المؤلف ملامح سردية لعلاقات درويش بهؤلاء الأصدقاء نرى فيها وجهاً من أوجه التعاطي الثقافي مع الآخرين. فهناك علاقة درويش براهبٍ مسيحي وبمثقفٍ كردي وصيدلي نمساوي. لكن هذه العلاقات لا تبدو كافية لكي تتجذر علاقة درويش بالثقافة لمستوى التعالق مع نص في صعوبة نص قصيدة إليوت، ولعل ضحالة أو سطحية تلك العلاقات هي التي جعلته يعدل عن أن يطلب عونهم حين حمي وطيس أزمته. ومن المفيد أن نعرف أن درويش لم يقع على أدب غربي إلاّ سماعاً من زوجته نورا وأن نورا التي تحب الأدب لم تكن تعرف قصيدة إليوت التي طلب هو منها أن تقرأها له ولم تحبها. في الحقيقة حرص المؤلف منذ بدايات الرواية على تأكيد رقة حال درويش الثقافية بتلخيص علاقته في بعض عناوين الكتب العربية حين كان في مصر و كتابين، أحدهما مرجع في الصيدلة والآخر مصحف قرآن صغير الحجم، في اوربا، ثم نقرأ لدرويش قوله "أحياناً كنت أظن أن القدر جمعني بنورا من أجل ت س إليوت" لكن هذه المعرفة الجديدة وفي سنه العمرية المرصودة في الرواية تبدو مبتعدة نوعاً عن التخييل الواقعي mimesis . وإذا استطردنا في تأصيل علاقة درويش بالثقافة فإننا نلاحظ أشياء هامة اعتمدها ساكن في رسم شخصية درويش. فدرويش شخصية مصطنعة بشكل يفي بمقتضيات الأثر الدرامي الأعظم، شخص لا تملك إلاّ الصغار والشجب تجاهه قبل أن تأخذك القراءة بعيداً في الرواية. شخص يمكن التكهن بكل ما يقوم به لكنه يمكن أن لا يقوم بأي شيء. فهو لا بطل، وصعب ومعقّد ومؤلم، وقصته تراجيديا من صنع يديه. ودرويش سوداني، مصري، أي كائن مزدوج في حيرته الثقافية. ثم هو صيدلي، أي منتم لقطاع يندر أن تضطره ضائقة اقتصادية لنوع الهجرة التي تكبدها، ولعله مناسباً أن أضيف هنا استلهاماً قد لا تبدو أهميته للوهلة الأولى ولكنه يستحق التوقف عنده. إنه اختيار أن يكون درويش صيدلياً. فعلى الرغم من عدم أهمية أن يكون لدرويش مهنة، لأنه لم يمارسها إلاّ في لحظة باكرة من الرواية، فإن هذا الاختيار قد يقع في صميم وفاء ساكن لفكرة استلهام قصيدة إليوت. فالصيدلي، أو الكيميائي، هو مَن نصح إحدى شخصيات إليوت في القصيدة بأخذ أقراص للاجهاض، لكنها بعد أن فعلت لم تعد لنفسها طبيعتها. </span></div>
<div dir="ltr" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt;">
<span style="background-color: white; color: #000020; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">The chemist said it would be alright, but I’ve never been the same.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">وعلى كلٍ، فالصيدليان في العملين يبدوان فاشلين في مهنتهما. ومن ما أبانه المؤلف أن درويش تعرض لنفس الذي يتعرض له الأشخاص الذين لا تحرسهم ثقافة حقيقية فتم تجنيده من قبل أهل الوعي الزائف أو الجماعات المتطرفة. والرواية تحتوي على فصل كامل بعنوان الأجنبي يحكي مشكلة الهوية التي تعرض لها درويش في مصر، كون أبيه سوداني وأمه مصرية ولكن لا شيء يغير من حقيقة أن هجرته أُعتبرت اقتصادية ولا علاقة لها باضطهاد عرقي، أو باختصار، "المحققون يحبون الكذبات الكبيرة" ودرويش لم تكن عنده إحداهن. ومن المناسب هنا أن أتطرق لنبيطة مصر في هذه الرواية. وكنت قد أبنت في مقالين سابقين أن وجود مصر في الروايات السودانية، الصادرة في عقدين أو أكثر، بات مما يمكن التكهن به في أي رواية جديدة تصدر. ولا غرابة في ذلك لأن مصر، لأثرها وموقعها، لا يمكن تجاهلها. وما رميت إليه من استحداث نبيطة أدبية، اسميها الآن لأول مرة نبيطة مصر، هو خلق معرفة ودراسة لهذا الأمر وآثاره أو مجرد الاستمتاع برصده. والنبيطة هي ترجمة لكلمة device. ومجرد ذكر مصر فإن نبضاً ومشهديةً عالية تعتري العمل الروائي. ومن آثار الاستخدام المجدي لنبيطة مصر تلك الحبكة التحتانية subplot التي تحكي قصة البوروندية ناديا صوميل، فهي حبكة جميلة وتشير إلى انفتاح أفق المصير إن أحسن المرء في إقدامه على الحياة وتتناقض تماماً مع انغلاق الأفق الذي يعاني منه درويش.</span><br />
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUKY_HlJJZPvX-cVrlqSWZUOQLHWFFkInNEuQTcEBSaTyVBZ0osthREbHIofO9IOxyCFC2_RAtNhcdUNk8j6Blg2ZNOJWsku1PuCOEtwoDjtLNRwOH43mmDRv7XxJjoiY18Ifk1Ak4E4E/s1600/abdosakin.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjUKY_HlJJZPvX-cVrlqSWZUOQLHWFFkInNEuQTcEBSaTyVBZ0osthREbHIofO9IOxyCFC2_RAtNhcdUNk8j6Blg2ZNOJWsku1PuCOEtwoDjtLNRwOH43mmDRv7XxJjoiY18Ifk1Ak4E4E/s320/abdosakin.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<div style="text-align: center;">
<span style="font-family: "syncopate"; font-size: x-small;"><span style="white-space: pre-wrap;">ع ب ساكن</span></span></div>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #000020; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br />
</span> <span style="background-color: transparent; color: #000020; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إن فكرة الأرض الخراب، في القصيدة، هي فكرة صوفية أو هي دعوة ل" ادراك الحقيقة من خلال رموز الموجودات". أن الأرض التي خُربت كانت أساساً للخوف والضعة، وما موتها إلاّ بشير بانبعاثها في برزخ أبدي مشرق، وفق املاءٍ لفظي imperative أحادي هو Da والذي يأتي صداه ثلاثي اللفظ، داعياً للعطاء والرحمة وضبط النفس. وهذه الألفاظ تمتاز بها الهندوسية وديانات شرقية أخرى أخذها إليوت منها وضمّنها في قسم قصيدته الأخير، ما قاله الرعد. ولعل في عبارة إليوت في مقام آخر "أن الشعر فن لا شخصي،</span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"> لذلك يجب أن يحدث انفصال كامل في داخل الفنان بين الإنسان الذي يعاني وبين الإنسان المبدع الذي يخلق" ما يعزز نظرته الصوفية. فلقد وضع إليوت، في قصيدته الارض الخراب، حداً للهدم الذي أحدثته الحرب وعواقبها، لكنّ ساكن استعاض عن فكرة الأمر الثلاثي الهندوسية بفكرة النهاية الثلاثية لروايته. فدرويش عمد إلى تخريب حياته بلا توقف، وبملمح صوفي حلاجي، وإن ترتب على ضيق أفقه وانكاره لحقائق الحياة المعاصرة، وإلى حد الإفناء. فنورا زوجه تقول في شهادتها في آخر الرواية "..ربما انطلاقاً من تلك الفكرة بالذات، هو الذي وضع خطة موته- كما اكتشفنا لاحقاً- وهو الذي كتب رسالة تقول إنه ينوي الانتحار، وعليها بصمات أصابعه وتوقيعه.." بينما كان الحلاج يقول "أريد أن أقتل هذه الملعونة" مشيراً إلى نفسه. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">والنهاية التي اقترحها المؤلف وأقلع عنها قبل أن يذعن لنهاية تكتبها ثلاث شخصيات في الرواية، أو أي نهاية شبيهة بها، في تقديري، ربما هي أكثر النهايات ملاءمة. وهنا شاهد على الاستلهام في فكرة النهاية الثلاثية يتبعه مباشرة نقيض للاستلهام في دوام فكرة الهدم حتى نهاية الرواية. نقرأ ما كتبه ساكن عن النهاية التي لم يعتمدها "فكانت خطتي لإنهاء الرواية.." وهذا الاقتباس، للمناسبة، هو من صلب الرواية نفسها…"تذهب إلى عودة درويش إلى مصر أو السودان مرة أخرى، هارباً بابنته ميمي من جحيم الفساد الأخلاقي والقيمي الاوربي.."</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لقد قلت مسبقاً أن أحداث الرواية تبدو عادية ما خلا بعض اشراقات الحكي ولذلك فإن المؤلف، وهو لا شك ضليع في فنه، قد اعتمد على الإشتغال على مستوى طرائق السرد أو الإنتقال من الذي يُحكى إلى كيف يُحكى. وجاء أول ذلك في مطلع الرواية حيث يضعنا المؤلف أمام الأزمة مباشرة، تماماً كما تبدأ الكثير من القصص القصيرة. ثم ينتقل من زمن لآخر عبر استرجاعات عدة، وحشايا سردية، ومشاهد، ويعمل كل ذلك فعل السحر في القارئ. ولكن المؤلف يخوض، على مرأى منا، معركة غرائبية، يتم فيها إقصاء الراوي عن مهامه، وذلك لأن الراوي "شاء أن يهتم بحدثٍ تافه عابر وقع بينما كان درويش في طريق عودته لسلفالدن بقطار الرابعة والدقيقة الثامنة بعد الظهر." وينبغي علينا إدراك أن ما يزيد من غرابة هذه المعركة هو أن أطرافها ثلاثة وأن اثنين منهم محض خيال. فنحن إزاء المؤلف ع ب ساكن والمؤلف المفهوم ضمناً، وهو الكائن المتخيّل implied author والذي نعرف أنه كاتب النص ولكن لا دليل على أنه هو المؤلف بعينه، ثم الراوي الذي لا وجود له كشخصية في الرواية. وفي حيثيات حكمه على الراوي يورد المؤلف أن ما انتواه الراوي كان "سيورط النص الأدبي في ما يسميه بعض النقاد الكلاسيكيين الحرفيين: الخروج المريع وغير المبرر فنياً عن الخط العام للتحقق السردي.." ويستطرد المؤلف في رواية مشكلات سابقة له مع رواة آخرين، مثل ما حدث في روايته الخندريس حيث "عندما رغب الراوي في تحويل الرواية إلى مغامرة بوليسية، ولم يعجبني ذلك، وقمت حينها بتولي قيادة السرد بإسمي الشخصي في فصل بأكمله. كان الأمر مخجلاً بالنسبة لي ومرهقاً، أن أكون مؤلفاً وراوياً." ومبلغ علمنا أن الأكثر عرضة لعبء السخرية في هذه الحالة هو الراوي. لكن الراوي ليس شخصية حقيقية. ولئن كانت خناقة ساكن مع الراوي كبيرة، فإنها لا ينبغي أن تجعلنا ننسى أن ساكن أوكل لراوٍ غير مضمون، هو درويش نفسه، أن يحكي فصلاً هاماً بعنوان سيرة المرأة. فدرويش غير مضمون unreliable بشهادة المؤلف نفسه. وبالطبع فإن الروائي المتمرس مثل ساكن يمكن أن يأتي بأشياء عجبا. وأنا أعرف، مثلاً، رواية موت العراب، التي قام فيها المؤلف بالاطاحة ببطل الرواية بعد أن تعوّدنا عليه ونصب محله إبن بطل الرواية كبطل جديد لتلك الرواية.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إن الاشتغال على السرد والتجريب في العمل الروائي هو أمر لا يتوقف ولكن يبدو أن مشكلة انهاء الرواية أو جعلها ذات نهايات متعددة، على الرغم من كونها نصاً مغلقاً يمكن فهمه وفق أعراف وتوقعات مألوفة راجع الفقرة الأخيرة، أو ختمها بطرد الوقائع بكيفية تجعلها تتبدد في ناحية من الغلاف الداخلي الأخير. كل هذه ليست أموراً وشيكة الحسم لأن الناس، بحسب نقاد كثيرين، يؤولون العالم وفق البدايات والنهايات، أي حسب مبدأ الغائية. وكما ذهبت مدرسة شومسكي للقول بوجود جين لغوي فإنه ربما طلع علينا أحدهم بجين للختام. فكلنا نعشق النهايات وقد نرى فيها بدايات جديدة. وهذا يعني أننا لا زلنا نثمن عالياً التوقعات التي بنتها فينا الطرائق والتقاليد الروائية، وأنه لا زال هناك الأدب المعياري canonical الذي يحظى بسمعة طيبة، كلٌ في حيزه أو إقليمه أو يسهل الإجماع حوله. وفي المعياري يقف منتصباً، لا زال، إطار أرسطو المعروف ليردم الهوة بين ما حدث وما يراد له أن يحدث. إن النهاية التي لم يعتمدها ع ب ساكن هي التي تستجيب لتعاطف القارئ و" تصعد بحزنه لتفجّره، فتخلي نفسه من أحزانها المصيرية."، أي تولّد فيه عاطفة تفعل فعل الدواء الملطف للمزاج cathartic دون أن نغفل أن الذي يبكينا أكثر قد لا يكون أدباً جيداً. ونظرية أرسطو رغم تعرضها للنقد المرير من أعلام مثل جورج أورويل، سولزنتسن وبرتولد بريخت وغيرهم إلاّ أنها لا تزال حيوية. وكلمة cathartic تعني في الأصل مليّن، لكنها تعني أيضاً ما يسبب الانعتاق الشعوري.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">إذاً، وفي تقديري، فإن أزمة نهاية الرواية هي ما حمل ساكن على هذا النشاط المحموم والعالي المهنية والذي لم يكن بلا آثار جانبية، سواء على مستوى الفكر كأحد عناصر الحبكة، أم عن اللحظات غير الخيالية اقرأها غير الروائية، أم على مستوى استجابة القارئ. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">تأتي في بنية الرواية خصيصة التعقيد الفكري، ما استقام من فكر وما انجلى. ما كان ينبغي لدرويش أن يتعلمه من أزمته لأنه "أفكاره أيضاً حدث فيها بعض التغيير الذي يصفه بالايجابي، لأنه ما عاد يرى البشر إما كفاراً أو مسلمين" وأن فكرة قبوله بالمجتمع الأوربي، الجديد عليه، لم تكن صعبة، وان تدخل فيها البوليس أحياناً، بالنظر لامتيازاتها. إن موضوعة الهوية وكراهية الآخر والحريات لم تحظ بشرح كاف ولا عجب فالرواية قصيرة، شاء لها كاتبها أن لا تسع صراعاً فكرياً، كان يمكن أن يتم من خلال وسائط حكائية أو حوارات عميقة تسمح للقارئ باستدعاء مصائر أخرى مغايرة. وتأتي هذه الخاطرة كأمنية بأن تكون سردياتنا الكبرى هي التي تضع على المحك وتناقش الأسئلة التي لا بد من جوابها قبل أن نصير أمة.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">لقد مرت بالرواية لحظات nonfictional إنوجدت فيها شخوص واقعية حيّة داخل بنية الرواية. أشخاص أحياء عند ربهم يرزقون. لا بأس، هنالك أيضاً في الشعر، مثلاً، لحظات غير شعرية. لكن هذه اللحظات قد تغدو مصدراً لانزعاج القارئ فمثلاً ومنذ بداية الفصل المسمى درويش يحس القارئ بوجود راو آخر، غير معرّف، يبدو أنه الراوي الضمني أو هو المؤلف، فهنا تحدث بلبلة، بمعناها العادي وليس الفني. ثم تمضي الرواية لنقرأ: "الراوي أصر اصراراً بالغاً على وضع النقاط على الحروف… على كل سأحكيه هنا بشيء من التحفظ لا بأس به، أي بالقدر الذي لا يقلل من قيمة العمل الفني أو يخلق ارتباكاً لدى القارئ." ويتدخل هذا الصوت الذي لا نملك دليل على أنه المؤلف نفسه ليقول: "فمن غرائب الأحوال أن هذا الراوي لا يحب الحوارات." إلى أن نقرأ: "قد يتوقع القارئ الكريم...أن الرواية منذ هذه اللحظة سوف تمضي في ثلاثة محاور…" ونحن نعرف وعي المؤلف بهذا الأمر بل هو قد صدّر روايته ببيت الشعر المأخوذ من بودلير، أيها القارئ المرائي يا شبيهي يا أخي، ثم قال عنه "أما القارئ المرائي المغامر الصعلوك..فقد يكون له رأي آخر. لا ندري ما هو بصورة قاطعة." فيبدو أن القارئ مستهدفٌ بالنشاط التجريبي الذي قام به المؤلف وأنه إما أن يكون محباً للأدب أو قارئاً متمرساً، سيجد متعة في الأجزاء الأخيرة من الرواية التي تشبه ورشة عمل حول طرائق كتابة الرواية، أو يكون مستهلكاً عابراً، سيجد أن نفس هذه الأجزاء المذكورة تحكي عن أزمة في كيفية انهاء الرواية وحسب. ومن زاوية نظرية استجابة القارئ reader response في تصريفها الفرنسي عند رولان بارث يمكن أن تنتقل المسألة لأزمة في هوية الرواية نفسها، هل هي نص قارئي readerly، مغلق، يجود على القارئ بفهم واحد. أم هي نص كاتبي writerly، مفتوح، يمكنك انهاؤه كيف تشاء.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "syncopate"; font-size: 18.666666666666664px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ختاماً، طابت لي، بحق، قراءة هذه الرواية لما يميزها من سيولة في اللغة ولما فيها من جهد الكاتب العارف بأدواته وموظفٍ لها بحكمة واقتصاد، وما كتبت هذا إلاّ ملتزماً بطريقتي في أن أعبر حيثما وسعني التعبير. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="ltr" style="margin-left: 0pt;">
<table style="border-collapse: collapse; border: none;"><colgroup><col width="475"></col></colgroup><tbody>
<tr style="height: 26px;"><td style="border-bottom: solid #000000 0px; border-left: solid #000000 0px; border-right: solid #000000 0px; border-top: solid #000000 0px; padding: 7px 7px 7px 7px; vertical-align: top;"><div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
</td></tr>
</tbody></table>
</div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<span id="docs-internal-guid-be75147d-314a-04f5-84de-5b121860ae65"></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.38; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-5472581514462798227.post-46484266438236462952016-10-23T18:10:00.000-04:002016-10-28T15:12:49.426-04:00حكاية البنت التي طارت<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><br /></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">كنا قاعدين في شرفة منزل صديق جديد في مدينة صغيرة نزورها لأول مرة. الشرفة أرضيةٌ بها أصائص ورد ويفصلها عن الطريق العام سياجٌ معدني تنبثق منه تماثيل صغيرة لملائكة. وكنت على وشك أن أقول شيئاً عن جمال تلك الجلسة المسائية في المدينة النابضة لكنني انشغلت عن ذلك. كانت فتاة بملابس سباحة ضيقة قد ظهرت في بلكونة بالطابق الثالث للعمارة المواجهة لمجلسنا. تعثرت الفتاة قليلاً قبل أن تنتصب على كرسي أو منضدة صغيرة، ثم فجأة طارت من مكانها مبتعدة عن البلكونة. لوهلة بدت كأنها فشلت وستقع لكنها شدت جسدها وحركت يديها وقدميها فاندفعت إلى الأمام وانسابت أفقياً في محازاة بلكونات الطابق الثاني تحتها ثم حطت برشاقة على الارض وجرت فدخلت المبنى لتظهر مرة أخرى على نفس البلكونة. وهذه المرة كان معها رجل يلبس قناعاً أخذ يقبل جبينها. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">طبعاً لفتُ نظر الناس الذين كانوا معي منذ أول لحظة، وشاهدوها عندما حطت على الطريق، وصرخوا من هول الأمر وقال أحدهم، كيف تطير بلا أجنحة وكان رد زوجته جاهزاً، خداع بصري. وقال آخر، لا وقت عندنا لمعرفة ما إذا كانت هناك خيوط فتدخلت صديقته وقالت إن أشياء غريبة كثيرة تحدث بلا خيوط. بيد أن تفسير الفتاة المرافقة لأحد الزوجين وهي فتاة صغيرة بدا لي غريباً لأنها قالت فرويد وصمتت ولم يحفل أحد بطلب توضيح منها فسارعت بالقول إن الشيخ يوسف يقول ربما هو حمل باكر فقال شكاك، هذا هو أفضل تفسير فقلت له، أو يكون قد عاونها كائن غير مرئي. وشكاك هو الصديق الذي كنا نزوره، والذي إلتفت بعد حديث البنت الفرويدية يسألني، ألم تلاحظ ان الطريق كان خاليا من السيارات؟ وطبعا لاحظت، الذي حيرني هو أنه كان مولياً ظهره لما دار ولم يبد أي دهشة. فقلت له هذه البنت طارت تماماً. فضحك وقال لي، أنها مجنونة مثل أمها، سالته كيف، قال هل لاحظت الرجل المقنّع، قلت، نعم، قال إنه يحضر لإعطائها دروساً، سألتُ، دروس في ماذا، قال، لا أحد يعرف لكنه أيضاً يعود آخر الليل ومعه عدد من أصدقائه السكارى وفي البيت أكثر من بنتين، ثم ذم شفتيه. قلت له هذا الحديث لا علاقة له بطيران الفتاة، فوضع على وجهه تعبير أنه يعرف أكثر. وشكاك هذا معروف بأنه صاحب حس سياحي ويحبُ أن يخدم الناس فدعانا لبقية البرنامج الذي أتينا له قائلاً هيا بنا فخرجنا.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">رحنا لأكثر من مكان. المدينة فعلاً مليئة بالمقاهي والسواح وأهلها ملفوفون داخل سحر لطيف وسماؤها تباغتها أضواءٌ ملوّنة من حينٍ لآخر . مررنا بدار سينما كان مزدحماً بشكل لافت وقالوا إنها تعرض فيلم خيال علمي فعادت إلى ذهني صورة الفتاة الطائرة. بدا لي أنها كانت حريصة على أن تومئ برأسها لكل بلكونة مرت بها. وفي وهلة رمت سيدةٌ، كانت في يدها فوطة بيضاء، نصف جسدها من النافذة لترى مرة أخرى ما لم تصدقه. وكذلك تذكرت شيئاً آخر لكن مطافنا كان قد انتهى إلى مقهى صغير، دخلناه تباعاً وجلسنا بالقرب من رجل عرفه شكاك وحيّاه. وكانت مع الرجل إمرأة بدا على وجهها الإمتعاض. طلبنا شاي وفطاير وآيس كريم و تحدثنا عن المسافات بين المدن وأهمية العطلات، وحضّرت في ذهني تصوراً محسّناً لحكاية البنت التي طارت، ما إن فكرت في طرحه حتى أدار شكاك جهازاً صغيراً كبير الصوت فخرجت منه نكات سريعة ومتتابعة استسلم لها الجميع وأكلوا جراءها بتلذذ ظاهر. كانت الفتاة صاحبة تفسير فرويد غير المشروح قد إلتهمت كميات من آيس كريم الشوكولاتة غير عابئة بتعليق المرأة التي أتت بها حول حب الشباب وأثر الشوكولاتة عليه، لكنها بعد قليل تحدثت عن عدم توازن هرموني يعالجه الزمن، فسألها أحدنا، كيف. فقالت له وفمها ملآن بالآيس كريم، بالزواج. لقد كنت متأكداً أن الشوكولاته ستقفز بها حاجز الإجابة العادية ثم، سمعت المرأة الممتعضة تقول للرجل: هذا السافل يلعب بالبنت، كيف تسمح له أمها بأن يجعلها تطير؟ الرجل قال لها، لا عليك فهي كانت نائمة. فقالت له، هذا كذب لم تكن نائمة. لكن الرجل بدا أكثر حزماً في إجابته فكرر، كانت نائمة. لقد نامت بالضبط لمدة ثلاثين ثانية. سألته المرأة، وكم طارت، فقال، طارت أربعين ثانية، سألته، ما هذا الحساب؟ طارت خارج تنويمه لها، كيف ذلك؟ وبهت الرجل لكنه قال، لا أحد يدري، هذا كل ما جمعته الشرطة، سألت المرأة، هل وجهتم له أي تهم؟ لا، أمها قالت إنها تتابع كل شيئ وراضية عنه، صمت ثم أضاف، البنت نفسها مبسوطة جدا وقالت انها قريباً ستطير بلا رجعة، ثم وجم الإثنان وكذلك أنا. قلت في سري أنت لا شك تعرفين كيف تهبطين. وتوقفت عن لعق الآيس كريم إذ تذكرت كيف حطت على الأرض فقلت لشكاك هامساً: أنا أيضاً أعتقد أنها لم تكن نائمة، لقد تم هبوطها بمهارة ولم ينقصه سوى الأزيز. هبوط عظيم ولكن لقد بدت مؤخرتها وهي تنزلق على الأسفلت كبيرة للغاية مقارنة بحجمها. أعتقد أنها لم تكن نائمة، إنها فقط طارت. قال شكاك في هدوء، أنها طارت مسافة أطول بالأمس حتى أن أحد أفراد الشرطة كان على وشك سحبها للمخفر لكنه غيّر رأيه حين أشارت له إلى منزل أهلها. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">فكرتُ لماذا لا يعني شيئاً طيران فتاة بالنسبة لشكاك فهو يؤكده الآن ولكن بلا حماس. بيد أني آثرت أن أسمع ما يدور في الطاولة المجاورة من ما لا تستطيع النكات أن تعلو عليه. كانت المرأة تقول لجليسها، لابد من ايقاف هذا العبث. إذا طارت جيداً فمعناه أن كل الفتيات.. ولم تكمل بل قالت جملة جديدة وقراراً: الجميع سينبهر بهذا الجنون. هيا بنا نفعل ما يمكن فعله وخرجت ومعها الرجل. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">ثم خرجنا نحن خلفهما ومشينا وراءهما لمسافة قبل أن يختار لنا شكاك نقطة افترقنا فيها عنهما. وفجأة وجدتني أفترعُ أغنية تقول، أحلم أني نسر وأحلم أني أنشر جناحيّ وأطير عالياً عالياً، إنني طائر في السماء، إنني نسر يمتطي النسيم، هاي هاي، وتقول الموسيقى وراءي ماهو أشبه بلا إله إلاّ الله</span><span style="background-color: transparent; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;"><span style="color: blue;">(1)</span></span><span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">، ولم أكن أدري أنني أجيد تلك الأغنية فلقد تقافز الآخرون حولي ورددوها بمزاج، يتقدمهم شكاك الذي أخرج من جيبه ألعاب نارية بعثرها فوقنا. لكننا سريعاً ما انتبهنا لصوت زاجر بعيد، استبعدنا أن يكون موجهاً لنا، أعقبه أزيز لم ندر مصدره فإندفع إثنان منا يركضان أمامنا بلا سبب ثم تراجع أحدهما عن قفزة فوق شجيرة عالية. </span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">سرنا، بعد ذلك، صامتين لمحطة القطار، وسط زحام الخارجين من فيلم الخيال العلمي. عنّ لي تعليقٌ على ذلك الزحام أحجمت عن قوله لهم. أظنه كان تعليقاً يربط بين حكاية البنت التي طارت وإسم الفيلم، لكنه طار من رأسي، هو الآخر.</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: black; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: 400; text-decoration: none; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">انتهت</span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<span style="background-color: transparent; color: #1155cc; font-family: "droid sans"; font-size: 24px; font-style: normal; font-weight: 400; text-decoration: underline; vertical-align: baseline; white-space: pre-wrap;">(1) <a href="https://youtu.be/qdoSy4ROZpg" style="text-decoration: none;">Abba, Eagle</a></span></div>
<div dir="rtl" style="line-height: 1.2; margin-bottom: 0pt; margin-top: 0pt; text-align: right;">
<br /></div>
Mustafa Mudathir Ahttp://www.blogger.com/profile/07262836663708583005noreply@blogger.com0Hamilton, ON, Canada43.250020800000009 -79.86609140000001642.509958300000008 -81.156984900000012 43.990083300000009 -78.57519790000002